منذ التوقيع على اتفاقيات التعاون مع دولة الجنوب في 27/9/2012م بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، لم تنقطع منافحات بعض الزملاء الكُتّاب الصحافيين، لم يستيأس بعضهم عن تناول مناوئي الاتفاقيات ومنتقديها بالحق والباطل، وشنُّوا حملة شعواء خبيثة المقصد ضد هذه الصحيفة، كأنها ارتكبت وزراً من الكبائر وفعلت جريرة لا تغتفر وولغت في رجس منكور. وتكوّنت على الفور مع التوقيع وعقب عودة الوفد المفاوض ، جوقة من العازفين على لحن السلام المتوهم مع دولة الجنوب، تضرب أصابعهم على أوتار السلطة الحساسة، التي لا ترى في مخالفيها الرأي، إلا وجوه الغيلان الماكرة.. وتدرّعت مجموعة المفاوضين وأسندت مهمة المدافعة إلى مجموعة من الأقلام... راعدة في الصبح، راعشة في الضحى، راغبة في الرضا والمغنم، راجية ما في يد الحكومة من نوال. وتولت هذه الجوقة الموسيقية، بالنيابة عن وفد الحكومة المفاوض، المهمة المقدسة بالدفاع عن الاتفاقية ومحاولة شرحها لعامة الشعب، الراغب عن كل شيء هذه الأيام... ولو تولى أصحاب الأمر مهمتهم، و«قامت كل صاحبة حاجة لحاجتها» كما قالت ليلى بنت مُهلهِل أم الشاعر عمرو بن كلثوم لأم الملك عمرو بن هند، لما ثار وعلا في الساحة السياسة كل هذا الدخان الكثيف من التدليس والتلبيس والتغبيش بالحق والباطل.. لكن آثر الوفد المفاوض ترك مهمته وواجباته لآخرين ليقوموا بها نيابة عنه، ويبرعوا في تقديم الاتفاقية للناس وشرحها، وليكونوا مصدات وأدرعاً من خزف، تقي الوفد الهجوم المتوقع والسهام التي خرجت من أكِنَّتها ..! لكن حتى هؤلاء النائحات الثكالى غير المعنيات بسبب النواح، لم يُجِدنّ المطلوب منهن، ولو فعلْنَ، لقلنا: صه..! فلننصت لما يبكين له ويهيِّجن الأشجان عليه وتتقرّح الأكباد من أجله، فلم نجده إلا تنكُّباً عن الطريق وانكباباً على الوجه وتزييفاً للوقائع وغرساً لأنياب حادة في قلب الحقيقة ولطم للخدود وشق للجيوب ودعوة بدعاء الجاهلية. ... بعضهم لم يقرأ الاتفاقيات الموقعة أصلاً والبعض يدّعيها ونوع آخر يقدِّم خدماته على قارعة الطريق على طريقة الصنايعية الجربندية، وتقبل منه للأسف، خدماته غير الاحترافية الناقصة الجودة. فلماذا لا يخرج لنا وللعلن، كل أعضاء الوفد المفاوض ليشرحوا للعامة من أمثالنا هذه الاتفاقيات ويكشفوا غوامضها وخباياها ويردوا على الأسئلة المشروعة التي تجري على أي لسان... ولكم هو محزن أن يتلقى ظهر الأخ إدريس محمد عبد القادر وحده، كل سنان الرماح الناقدة والغاضبة ..!!!أين الآخرون من زملاء ليالي التفاوض ومُر الذكريات؟؟؟ هل ما يمر بالبلاد وما يحدث فيها من تطورات، يجعلنا في حاجة لكادر سياسي وتنفيذي ومفاوض صامت لا يتكلم؟ أم أننا نحتاج لنعرف مِن صنّاع هذه الاتفاقيات كل صغيرة وكبيرة عنها ولماذا وكيف؟؟ فما حدث أكبر من أن يسكت عليه أو يسكت فيه...إلا إذا كان المفاوضون يرددون في هذا الشأن الحكمة القائلة: «إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب»!! إذا كانت جوقتهم الموسيقية لا تستطيع مواجهة الحجج إلا بالمطالبة بالحجر على الرأي والتحريض ضد المخالفين وسحقهم، فما الفائدة إذن التي تجنى من تجنيد كل هؤلاء وتزويدهم بالذخيرة الفشنك؟ كما يفعل الأخ الطاهر ساتي وهو يحشو بندقية صيد قديمة ليصطاد معارضي الاتفاقية ظناً منه أنهم عصافير ذات مناقير حمراء دقيقة.. فتضيع رصاصاته الصوتية وتذهب أدراج الرياح ...!! أو محاولات عادل الباز المُجهَدة والمضنية، القاطعة لنفس كلماته، يقدم شروحات مبتسرة لبعض النصوص حمّالة الأوجه وهو يسوّقها للرأي العام كأنها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ..!! وغيرهما عديد من الكتاب ومسوِّدي صفحات الصحف، جذبتهم القوة المغناطيسية الهائلة للسلطة ليذودوا عن حياض السلام المنتظر. لو علمت الحكومة ما في ألحان كل الجوقة الموسيقية من نشاز، وعرفت ما بها من «شتارة»، لتصدّت هي بنفسها وقادت معركتها الإعلامية بكل جسارة إما لها أو عليها.. ولو علمت الحكومة أن من يخالفها الرأي لا يملك غير رأيه ومداد قلمه وسنانه أو لسانه وصوته، لتركت ألف زهرة تتفتح في ساحة الحوار الوطني الجاد، ولسرّحت هذه الجوقة الموسيقية وأنزلتها من خشبة المسرح .!! --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.