السلام يعني الأمان والاطمئنان والاستقرار وبه تدور عجلة التنمية والإنتاج محققة الرخاء والصحة والتعليم وعافية وطن من جراحات حرب بين البلدين قضت على اليابس والأخضر حصيلتها انفصال جنوب السودان عن السودان الوطن الواحد برضاء وتوافق، ظن الطرفان أن ذهاب كلٍّ إلى حال سبيله قد يكون خيراً وبركة، ولكن بعد تجربة عام من الانفصال وضح بأن البلدين أحوج لبعضهما البعض بعد تجارب مريرة من شد وجذب أدت إلى حرب في هجليج وبحر العرب وجبال النوبة بجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وجنوب دارفور ومازالت مكعبات وتوت المقذوف الفارغ من الرصاص وربما بقايا أشلاء على أرض المعارك مؤخرًا وتدني اقتصادي غير مسبوق تعددت طرق علاجه لاحتواء آثاره على مواطني البلدين بعده حصدت قمة أديس توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية بين الرئيس /عمر البشير ونظيره من جنوب السودان الرئيس سلفا كير ميار ديت وذلك يبدو بالرجوع إلى منطق «من تبع الغبائن شتت المدائن» وبفهم بأن الحرب ليس لها ربح بل خسارة «100%» لأن المنتصر فيها خاسر وذلك بفقد الشجعان وترك النساء أرامل والأطفال أيتام وتمزيق النسيج الاجتماعي وتدمير الاقتصاد وكذلك الطرف المهزوم فيها تكون عليه «ميتة وخراب ديار» والعسكر والملكية هم مجتمع واحد لأن الحرب لا تميِّز بين هذا وذاك ولا خيار غير جوار آمن وتعايش داخل المدن والحدود، فلتكن ثقافة السلام هي المرجعية - توقيع اتفاقات أمنية واقتصادية وعبور نفط كلها قوبلت بفرحة عارمة عند العودة وكل الاستطلاعات التي بثت على الهواء مباشرة كانت محل ترحيب وتقدير وقبول حتى الولايات والمجتمع الدولي على لسان هيئاته المتعددة وذلك يعني بأن مزاج الشارع السوداني شمالا وجنوباً كان مبيتاً نية التعايش وتبادل المصالح لكن نصح السلطان من دوائر الحكم والشعب ربما يفسر تخذيلاً في وقته عند الطرفين، على أرضية مزاج الشارع والتفافه حول الاتفاق كان اجتماع مجلس الوزراء وولاة الولايات وكل أدلى بدلوه من غير تحفُّظ على أي بند من بنود الاتفاق ومن غير ترك هامش للفشل ولو بنسبة بسيطة مع تفاؤل فيه رغبة سلام سيله جارف وفي تقديري البرلمان ربما يبارك الخطوة تمشياً مع رغبة الشارع والدولة للسلام.. عقبات كثيرة في مقدمتها أبيي التي أراد من وضع بروتكول أبيي أن تكون «بقة سم وجرعة حنظل في عسل الاتفاقيات» وكل المحاولات التي تجمع شمل البلدين وتجد القبول الممزوج بتطلعات وعد الحاضر والمستقبل الذي يتوّج بفوائد تبادل المنافع التي تخلق واقع تعايش وجواً تسوده الثقة بين الشعبين لكن واضح أن أبيي أفسدت اتفاقية السلام التي كانت مبنية على حق تقرير مصير تكون حدود انفصاله 1/1/1956 وكادت تفسد الاستفتاء بالهجوم على فرقان المسيرية أول أيام الاستفتاء لولا تعقُّل الرئيس سلفا كير الذي يعلم جيدا أن استفتاء دولة الجنوب أهم من أبيي التي كانت ملحق مجاملة وترضية لأشخاص كانوا يدعون النضال من فنادق مدن الضباب وأهلهم من دينكا «نقوك» في شتى بقاع السودان في الأبيض وسنار وبورتسودان وحلفا القديمة يستمتعون بخدمات لا يحلم بها غيرهم من الجنوبيين الذين دفعوا ثمن الحرب في يوغندا وغيرها من دول كانوا عليها ضيوف معسكرات وبذلة، أبيي كادت تفسد طعم احتفال أهل الجنوب باستقلال دولتهم التي كانوا يتأهبون لرفع العلم وترديد نشيده وذلك بقطع الاتصالات ومكبرات الصوت وإحداث ارتباك وفوضى لحرمان وسماع كلمة الرئيس البشير الذي ساهم في انفصال مبني على مرتكزات سلام خيار أهله الانفصال مع قناعات بأن الحرب لن تعبر بوحدة وتآخٍ مفروض وإجباري، أبيي كانت مخططاً لقطع النفط وتجويع الجنوب وحرمان شعبه من حلم الرخاء والتنمية، أبيي كانت من وراء ضرب هجليج لنسف أي محاولات تقارب بين الشعبين، أبيي كانت شطط الحدود والتفلتات داخل دولة الجنوب ، أبيي كادت تفسد توقيع اتفاقيات التعاون بإديس سبتمبر 2012 التي وجدت قبولاً في الشمال والجنوب ومازال التخطيط لنسف التقارب جارياً وذلك بتحريض قائد قوات جيش الحركة في قطاع شمال بحر الغزال بول ملونق الذي كان فاتح الحدود على مصراعيها لأسواق السلام والحرب في أوارها حتى أطلق عليه ملونق رجل السلام وذلك بعقد اتفاقيات جانبيه على الحدود جنوب بحر العرب للعبور ودخول البضائع التي جعلت شمال بحر الغزال غير متأثر كباقي مدن الجنوب نجده اليوم مناكفاً للرئيس سلفا كير بعدم الرضاء وتحول من رجل سلام إلى رجل حرب وربما يكون عدم رضاه لشيء مصلحي لعل فتح تجارة الحدود تفك احتكاره للسوق «واروار» وتجعل البضائع تنهال عليه من كل صوب ،أبيي كانت تقرير الخبراء الأجانب الذين انفضح أمرهم بالفشل في تحديد المنطقة المعنية مما حدا بهم لاستقطاع أرض المسيرية لتسمى زورا أبيي، أبيي شككت في مصداقية القضاء الدولي وجعلت ميزان العدالة مختلاً وذلك بشهادة القاضي الأردني الدكتور / عون الخصاونة في رأيه المخالف للحكم في محكمة لاهاي وبوصفه للمحكمة بأنها نحرت العدالة من الوريد إلى الوريد بتصنيف المسيرية مواطنين بلا أرض تمشياً مع بنود بروتكول أبيي وأبيي الآن في طريقها إلى مجلس الأمن عبر أمبيكي المهتم بالشأن أكثر من شأن بلاده «جنوب إفريقيا» التي أسست لسلام وتعايش بين السود والبيض رغم مرارات الماضي وهو اليوم ينفخ في نار الاستفتاء الذي نرفضه جملة وتفصيلاً ويريد الحل عبر مجلس الأمن الذي ربما يحل القضية على حسب مزاج «نقوك» ونرجع للمربع الأول بدون سلام واتفاقيات أقولها وأنا لست بخبير أو محلل بل استخلاصاً من مجريات الأمور، عيون أولاد أبيي على كرسي الرئيس سلفا كير نفسه لأن مشروع أبيي هو مشروع حكم «أسرة الروب بيونق لدولة الجنوب على أرض أبيي» وذلك المشروع لن يتحقق إلا بسلب الأرض من تحت أقدام المسيرية عبر منظمات لن تسمع صوت المسيرية الآن إلا بعد الطوفان وليشهد العالم الإسلامي العربي والإفريقي والعالمي بأن الذي يجري بأبيي هو عمل كنسي وصليبي وصهيوني منظم ومتفق عليه لاقتطاع أرض مسلمين وذلك واضح من هندسة وتفصيل بروتكول أبيي وتقرير الخبراء الأجانب ومحكمة لاهاي وكلهم أجانب ولديهم أحقاد تصل درجة الهلوسة والفوبيا تجاه السودان والمسيرية عدا الأردني الدكتور /عون الخصاونة وشهادته ورأيه سجله التاريخ ومحفوظ ومقدر لدينا لأنه رأي قاضٍ دولي مشارك من صلب المحكمة وليس محامياً حتى تجرح شهادته لصالح الموكل علما بأن المحامي نفسه قاضٍ يحرص على تحقيق العدالة. حتى لا تكون أبيي «بقة سم وجرعة حنظل في عسل الإتفاقيات» ومشاريع السلام التي تعم فائدتها الشعبين من الجنوب والشمال نرحب على الحدود وتخوم مراكز ومدن الحدود بالاتفاقيات التي تصب في مصلحة الشعبين من تجارة حدود وتداخل وتحويل الحدود من شريط تماس وشطط كهربائي إلى شريط تعايش تسوده ثقافة السلام ومبني بجدار الثقة والتآخي لكن رسالتنا الأولى لشعب الجنوب يجب أن لا تكون خيوط وكنترول حياتهم ومعاشهم كأهل جوار بيد أولاد أبيي يتحكمون بسبب أبيي على أطول حدود بين بلدينا، الرسالة الثانية لأهلنا ومازلنا نقول أهلنا «نقوك» نحن أهل تعايش من قديم الزمان والآن أنتم بيننا في مدن السودان المختلفة نعيش جنباً إلى جنب والآن مناخ التعايش هو السائد على حسب الاتفاقيات الأخيرة بأديس وأفضل لنا ولكم أن نتعايش ونبحث عن مخرج يحفظ لكل حقه دون تدخلات خارجية تزيد الوضع تعقيدًا أي يكون الحل سوداني سوداني عبر قيادة البلدين وهذا كلام العقل، الرسالة الثالثة الذين معنا من «نقوك» بالخرطوم والمجلد وبقية مدن السودان وعلى رأسهم السادة زكريا أتيم وماجد ياك وأيوم ماتيت وماريا وبقية العمد والمشائخ الذين شهدوا على أبيي أرضاً جزءاً من جنوب كردفان ويساهمون الآن بخلق أجواء تعايش وتفاوض لا يقصى أحد من أبيي نقدر لهم ذلك وهذا هو الاتجاه الصحيح، أما الآخرون فيجب أن يفكروا في رأي ساستهم من «اللور ولوكا وفرانسيس ولينو» الذين أسسوا لأنفسهم ولأبنائهم في عواصم ما وراء البحار عبر بطاقات الائتمان المصرفي رغد العيش واليوم يصنعون أزمة أبيي بحجة أن المجتمع الدولي سيحرق المسيرية نازياً وتبرد الأرض لهم نقول لهم هيهات وإذا كان ذلك صحيحاً أهلاً بالحريق حتى نكون وصمة عار في جبين مجتمع يتمشدق بحقوق الإنسان وعدالة القانون والحرية ولنا رب يحمينا.