جاء في الصحف مؤخراً أن القائم بالأعمال الأمريكي يرى أنه من الصعب أن تكون العلاقات طبيعية مع السودان ودائماً ما تقوم السفارة الأمريكية بتحذير رعاياها بالسودان بسبب وبلا سبب بمناسبة وبلا مناسبة مع أنه ومن المعروف أن أمريكا هي البلد الوحيد في العالم الذي اشتهر بأنه مستهدف وطيرانه مستهدف وكل حاجاته و»محتاجاته« مستهدفة. وأمريكا هي البلد الوحيد في العالم الذي يكاد يدفع بنشرات نصف شهرية أو أسبوعية في كل بلاد الدنيا يحذر فيها رعاياه من السفر أو »الحوامة« أو »القومة« أو »القعدة«، ومعظم المنشورات الصادرة في الخرطوم بالذات تريد فقط أن تظهر بلادنا بأنها غيرمستقرة وأن الخرطوم مثلها مثل مدن إفريقيا أو نيويورك وواشنطن ولاس فيجاس. ونتحدى قائلين إن من يأنس في نفسه الكفاءة فليتحرك مئة متر خارج الفندق الذي يقيم فيه في أحياء مانهاتن أو وسط نيويورك ومن يظن أنه »راجل« فليخرج دولاراً من جيبه أمام أو داخل أي متجر في جادة الشارع السابع أو الثامن بالقرب من ماديسون أسكوير، ومن أراد أن تثكله أمه فليخرج محفظته بالقرب من مبنى »أمباير إستيت« عند المغيب أو بعده.. فهناك الناس مثلهم مثل الأغنام أو الكلاب والكلاب أفضل حالاً من البني آدم عندهم. وفي أمريكا لا أمان ولا استقرار ولا هدوء لمن يمشي وحيداً في الشارع حيث عصابات النقرز والزنوج جهاراً نهاراً وهناك بين كل بار وبار بار آخر وبعد كل مكان للدعارة مكان آخر للقمار وأمام كل هذه الأماكن توجد عصابات النهب والسلب والقتل السكري.. وهناك السلاح يُباع على عينيك يا تاجر والقتل في شوارع أمريكا مثل »لعب الدافوري في ميدان الليق بتاع السجانة عندنا«. وفي كل بيت أمريكي تقريباً هناك ألوان وأشكال من الأسلحة للعرض، بعضها كلاشنكوف وقرانوف وآر بي جي ودوشكا وقنابل ناسفة وحارقة وبعضهم لديه معدات ثقيلة للرجم والقتل والتدمير.. وبعض طلبة الجامعات وتلاميذ المدارس يحملون معهم الأسلحة النارية ويضرمون النار في المعلمين والطلاب.. ويتباهى الأهالي بامتلاك أقوى وأسرع وأفظع الأسلحة. وتحكي الطرفة نقلاً عن الفيلم الأمريكي أن البطل يرفع مسدسه في وجه صديقه ويقول له إنني دائماً أقتل من أجل المال وأتقاضى على القتل أجراً ولكنك صديقي ولهذا فسوف أراعي هذه الصداقة وأقتلك بدون أجر ومجاناً لوجه الله. هناك في أمريكا لا يوجد أمن ولا أمان.. ولكن هنا في السودان أبحث عن السفير الأمريكي وأعضاء السفارة كبارهم وصغارهم سفيرهم وغفيرهم وكل الرعايا الأمريكان والرعايا الأجانب فستجد أنهم يمارسون الرياضة في الصباح وفي المساء على شوارع النيل وهم »عرايا« ولا أحد يسألهم ويحومون في البيوت والمقاهي والفنادق والمطاعم دون خوف.. ولا يتعرّض السوداني للأجنبي، ذلك لأن القيم والمثل والتاريخ والدين والعقيدة والإيمان كلها تحثُّ الناس على احترام الضيف وتكريم الضيوف خاصة الغرباء منهم.. واسألوا عن السفير الأمريكي وأعوانه الذين كانوا بيننا كيف كانوا آمنين مطمئنين.. يجرون صباحاً ومساء وهم »منطلقون عرايا« ويوزعون المناشير ليقولوا إننا عاصمة غير مستقرة ويحذرون الأجانب وتشاء الصدف أن نفس السفير ينقل إلى دولة إفريقية أخرى وفي يوم وصوله يتم نهب جميع سيارات السفارة الأمريكية.. قلع عديل ونهبت العصابات مجوهرات زوجته.. ويعرف السفير أن أي ود »مقنعة« لن يستطيع التحرك أكثر من عشرة أمتار من موقع إقامته إلا بحراسة مشددة.. وأسألوا كل النزلاء والمقيمين بعواصم دول الجوار، كيف أن الضيوف يظلون محبوسين في الفنادق لأن الحركة خارج الفندق لأكثر من خمسة أمتار تعرّض صاحبها للنهب والسلب والقتل في مقابل دولار واحد فقط لا غير، ويجدون ذلك مكتوباً في تحذير رسمي على أبواب غرفهم وفي بهو الفندق مع الاستقبال. ومع كل ذلك تصدر السفارة الأمريكية المناشير تلو المناشير تحذر رعاياها بالخرطوم وهي تعلم أن الخرطوم »علي الطلاق« من أكثر عواصم الدنيا أماناً إن لم تكن العاصمة الآمنة الوحيدة.. خاصة بالنسبة للأمريكان الذين لا يجدون الأمان إلا عندنا وهم الذين ينتسبون إلى بلاد سيئة السمعة وحكومة من أردأ الحكومات على وجه الأرض ولهذا فإن كل سكان الكرة الأرضية يكرهون أمريكا وحكوماتها ولهذا تحتاج يومياً لتحذير رعاياها عبر سفاراتها سيئة السمعة. كسرة: لن نقول متى سوف يتم ترحيل الأجانب... ولن نتساءل عن السبب في إبقاء الأجانب ببلادنا ولن نهتم اليوم بمعرفة دواعي إبقاء الأجانب... ولكن نتساءل عما إذا كانوا يشكلون خلايا نائمة أو صاحية... ويفترض أن الحكومة تعرف أسماء وعناوين كل المواطنين وكل الأجانب... وعلى رأي الممثل عادل إمام »هَوَّ أنا حأعرف اسمي أكتر من الحكومة... مش إنتو الحكومة وعارفين كل حاجة... يا عم ده أنا غلبان«.