يبدو أن زيارة الرئيس البشر لجوبا باتت وشيكة عقب زيارة رئيس اللجنة المشتركة وزير الدفاع عبد الرحيم محمد حسين، وبمعيته عدد من المسؤولين والوزراء إلى جوبا لحضور اجتماعات اللجنة المشتركة التي بدأت أعمالها بالفعل وحضرها وزير الدفاع ونظيره الجنوبي وممثل الأممالمتحدة هايلى منكريوس، وشهد الاتفاق تكوين لجان مشتركة للإعداد لأعمال الترتيبات الأمنية التى تعقبها زيارة الرئيس لجوبا، وقال وزير الإعلام بدولة الجنوب برنابا بنجامين في حديثه ل «الشرق الأوسط» إنه تم تشكيل لجنة وزارية عليا لوضع الترتيبات اللازمة للزيارة التى لم يحدد موعدها بعد من قبل الخرطوم، ولكن بعد حديث لوكا بيونق في مقاله على موقع «سودان تريبيون» أمس الأول وعنوانه «زيارة البشير لجوبا اختبار دبلوماسية وقيم الأمة الجديدة» بأن البشير غير مرحب به فى جوبا، وتمثل زيارته تحدياً أخلاقياً وقانونياًَ لدولة الجنوب، وعزا الأسباب لعدم قبول الشارع الجنوبى لاتفاقية التعاون المشتركة التي وقعت أخيراً في أديس أبابا والتي ينظر إليها أبناء الجنوب خاصة أبناء هجليج وأبيي بعين الغبن، ويعتبروها تنازلاً من الحركة الشعبية لجلابة الشمال، فإن هنالك قلقاً يشوب تلك الزيارة وما تحتويه من مخاطر على حياة الرئيس كما يرى بعض المراقبين، وأن هناك شيئاً يدبر من قبلهم وأكدته زيارة رياك مشار قبل أيام إلى نيروبي، واللقاء الذي جمعه مع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية. ومعلوم أن دولة الجنوب لا تفي بالوعود. ويبقى السؤال قائماً: هل ستكون الزيارة فخاً ينتهي بالرئيس للمحكمة الجنائية؟ أم أنها تكون زيارة إلى مجهول؟ «الإنتباهة» طرحت تلك المخاوف المتوقعة عن زيارة الرئيس على عدد من الخبراء والمحللين السياسيين الذين أشاروا بعدم زيارة الرئيس حرصاً على حياته، فيما حذَّر خبير العلاقات الدولية وأستاذ القانون الدولي بجامعة النيلين شيخ الدين شدو من زيارة الرئيس لجوبا، مشيراً إلى أنها تمثل خطراً على حياته، وتابع قائلاً: «ليس الخوف من تسليم الرئيس للمحكمة الجنائية لأن هذا غير وارد، والجنوب غير موقع على الاتفاقية الدولية للمحكمة الجنائية، بل يكمن الخطر الحقيقي في المليشيات والنيقرز والمعارضة التي هي على عكس المعارضة التى توجد بالسودان فهي على قدر من الوعي والإدراك». ويضيف أن فقدان الثقة في الجنوب لعدم مقدرته على السيطرة على الاوضاع هناك. وأن قوات دولة الجنوب في طور التأسيس، وبالتالي عملية تأمين موكب الرئيس أكبر من قدراتهم، والجنوب غير آمن لأن المواطنين يحملون الأسلحة بأيديهم، والأوضاع مضطربة ولا توجد سيطرة على الحركات المسلحة حتى ولو أبدوا حسن النية، وفى الوقت الحاضر يجب أن ترجأ الزيارة، مؤكداً أن المليشيات بالجنوب تقاتل كما يقاتل متمردو العدل والمساواة والحركة الشعبية حكومة السودان، ورغم ذلك فإن البشير بنفسه رحب بالقرار الذي صدر بموجب اتفاقية نيفاشا التي أدت للانفصال الذي أيدته القيادات الجنوبية، واتضح ذلك جلياً فى نسبة التصويت العالية. بينما حذَّر الخبير السياسي حسن الساعوري من زيارة الرئيس لجوبا، موضحاً أن الخوف يكمن في الفرق الأمريكية والإسرائيلية الموجودة بالجنوب، مما يؤكد الخطر الحقيقي على حياة الرئيس، مشيراً إلى عدم استطاعة الجنوبيين توفير الحماية المطلوبة، وأضاف أن سفر الرئيس لجوبا في هذا الوقت غير مأمون، ولم يتم الوصول إلى رؤية واضحة في هذا الجو الضبابي، مشيراً إلى أنها مغامرة غير محسوبة العواقب، وأضاف أن الغرب يستهدف الرئيس، وربما يكون هناك مخطط للإيقاع به في فخ لاغتياله أو إلقاء القبض عليه لا قدر الله، مشيراً إلى أن الرئيس يعتبر رمزاً للسودانيين، وهم يريدون ضرب هذا الرمز ثم إشعال الحرب في السودان، ولكي نفشل هذا المخطط ونحافظ على حياة الرئيس وضمان حمايته نطالب بالضغط على الرئيس من خلال تشكيل رأي عام قوي يمنع هذه الزيارة المحفوفة بالمخاطر.