عندما كان الهالك قرنق زعيماً لحركة التمرُّد الانفصالية والتي سماها «الحركة الشعبية لتحرير السودان» وأعلن عن مقصدها وأهدافها أن تنشئ سوداناً جديداً ليس فيه مكان للعروبة وليس فيه موقع قدم للإسلام.. في ذلك الوقت كان «عرمان» الذي انضم للحركة إثر هروبه من السودان بعد مقتل طالب الجامعة المشهور كان مشرفاً على إذاعة قرنق التي ثبت إرسالها على الموجة القصيرة من إحدى دول إفريقيا.. عرمان هذا كان معجباً ومغرماً بالرقم «خمسة مليون» .. وكان دائماً يقول إن الحرب بين الحكومة في الشمال والجنوب قد حصدت خمسة ملايين مواطن.. وهذا الرقم الجزافي «خمسة ملايين» اندفق من خشم عرمان إلى الاسفيرات.. وتم تكراره بوتيرة استفادت من الطريقة الإسرائيلية في تثبيت المعلومة بإعادة تكرارها.. وصار الرقم خمسة ملايين يتكرر في كل النشرات الصادرة من الإذاعات العدوّة ومن القنوات والصحف العدوة، وجاءت المفاوضات ليكون الرقم «خمسة ملايين» من أهم أرقامها ويتلقفه الخواجات والمنظمات الدولية.. ويتحول الرقم من «موتى الحرب» إلى النازحين واللاجئين في شمال السودان.. وهذا بالطبع يساعد المنظمات المشبوهة وأعضاءها وأتيام مخابراتها على القيام بدور الإغاثة والترحيل لهذا الرقم الوهمي.. وعند حضور الهالك قرنق للخرطوم ومحاولة المنظمات المشبوهة وأحزاب المعارضة «الغبيانة» والمغبونة أن تحشد الجماهير لمقابلة قرنق في الساحة الخضراء لم ينسَ «ناس عرمان» أن يقول :«إن مستقبلي قرنق كان عددهم خمسة ملايين».. وحتى عندما قام عرمان بترشيح نفسه في انتخابات الرئاسة وغشته نفسه الأمّارة بالسوء قال إن مؤيديه من ناس الحركة الشعبية في شمال السودان لا يقل عن خمسة ملايين إضافة إلى أن ناخبيه «الصافين» في الجنوب يصل إلى خمسة ملايين كذلك.. ومن هناك يتضح أن عرمان «مودّر ليهو خمسة ملايين» ويبحث عنها متى ما احتاج إلى ذكر رقم جزافي متوهم.. وبعد الانفصال قال إن الشماليين من عرب كردفان ودارفور والبقارة الذين يحتاجون إلى «السواليت» والمشي بين الحدود من الشمال إلى الجنوب يبلغ خمسة ملايين .. ثم إن الرجل قال إن ناس النيل الأزرق الذين يؤيدونهم خمسة ملايين وقال إن ناس جنوب كردفان من مؤيدي عرمان والحلو برضو خمسة ملايين وبعد اتفاق أديس أبابا الأخير قال إن الجنوبيين المعترضين على الاتفاق لا يقل عن خمسة ملايين.. وللمفارقة فقد سمعنا أن سفير جنوب السودان قبل أيام صرّح بأن سكان المناطق الحدودية من الجنوبيين يعادل 40% من السكان وعددهم خمسة ملايين.. وتأسيساً على «كذبة» عرمان بتاعة «الخمسة ملايين جنوبي» وإذا كنّا «عبطاء» و«عوراء» و«عندنا قنابير» ونصدّق بكل البله الأعمى ما يقوله عرمان فإن سكان الجنوب سيكون على النحو التالي: خمسة ملايين ماتوا في الحرب خمسة ملايين المتضررون من المجاعة والحرب خمسة ملايين الأطفال المشردون في الجنوب خمسة ملايين سكان الحدود حسب رأي السفير خمسة ملايين مؤيدو عرمان بالجنوب خمسة ملايين مؤيدو عرمان الجنوبيون في الشمال خمسة ملايين الجنوبيون في النيل الأزرق خمسة ملايين الجنوبيون في حدود كردفان خمسة ملايين الجنوبيون المعترضون على الاتفاقية عشرة ملايين الجنوبيون الأحياء الآن في الجنوب. وعليه يكون إجمالي الجنوبيين الأحياء منهم والأموات وسكان الحدود والجوعى والمشردون ومؤيدو عرمان لا يقل عن خمسة وخمسين مليوناً «ويا زووووووووول ما تتعب ويا زوووول ما تضرب» { كسرة: على افتراض السيد الرئيس ألحّ وأصرّ على أن يذهب إلى جوبا برغم المحاذير و«الكواريك» بتاعة عمك الطيب وناس «الإنتباهة» وناس منبر السلام العادل وبرغم المخاطر والمحاذير التي وردت في وسائل الإعلام وبرغم الكلام الصريح بتاع لوكا بيونق ومقابلة مشار وباقان لمندوبة المحكمة الجنائية.. برغم كل هذه المحاذير لو «لا قدر الله» أن السيد الرئيس ذهب إلى جوبا وهناك حدث له مكروه فيا ترى ما الذي قد يحدث كرد فعل مباشر.