من شاهقات اللحن وإبداعات الغناء وُلد الفنان عبد الدافع عثمان في العام 1927م بذلك الشارع الذي شهر بدايات نشأته وهو شارع الأربعين- فتنقل ما بين ذلك الشارع وحي الموردة حيث أهله العمراب وحوش أولاد فزع وآل المغربي فكان لا بد له بوصفه ينتمي إلى أوائل الأسر التي اهتمت بالتعليم في السودان من الالتحاق بالمدارس النظامية فالتحق بمدرسة الموردة التي أكملها في سنواتها المعدودة. بدأت أول دلائل الظهور والغناء الصوتي عليه حين دراسته للمرحلة الأولية على أيادي الأساتذة عثمان أبو القاسم وعلي البيلي فكان أحد الأصوات الجميلة بالمدرسة إذ لفت الأنظار بصوته الأخاذ تلحيناً للأناشيد المدرسية وترتيلاً للقرآن. انتقل حين آن أوان دراسته للمرحلة الوسطى لبربر مع شقيقه المعلم أحمد المشهور بأحمد فزع وهي فترة اكتشافه لنفسه كما قال بنفسه إذ بدأ الغناء في محيط أصدقائه وزملائه الطلاب بمدرسة بربر الوسطى بالغاً مرحلة الثقة بالنفس في كونه مغنياً في بدايات تلمسه لطريق الفن الغنائي. شكل حي الموردة وتحديداً الركن الشمالي الشرقي لجامع السادة الأدارسة موقعاً خاصاً لأبناء حي الموردة لقضاء ليالي الأنس والسمر واللهو البريء فكان أحد نجوم هذا الركن التاريخي بغنائه العذب. تعتبر أغنية (أضيع أنا وقلبي يزيد عناه) التي كتبها خاله الشاعر مبارك المغربي وغناها المرحوم عصفور السودان (إبراهيم عبد الجليل). شاءت الأقدار أن يستمع الفنان إبراهيم عبد الجليل للفتى وهو يتغنى بتلك الأغنية فشجعه وساعده على غناء أغنية (الشويدن روض الجنان) فتغنى بها بصورة لافتة.كل هذا النشاط الغنائي لم يخرج عن دائرة الغناء بذلك الموقع الخاص بأولئك الفتيان فكان غناؤه محل مراقبة دون علمه من خاله الشاعر مبارك المغربي. صارح الفتى خاله بغنائه في زمن كان الغناء مستهجناً من قبل المجتمع. فتبناه خاله المثقف الذي كان يعي دور الفنان في تغيير عدد من المفاهيم الخاطئة ما إن حل صيف العام 1946م حتى سطع نجم الفتى كصوت له القدرة على الظهور بالإذاعة ذلك الموقع الوحيد لنشر الغناء. فكانت أغنية (لحن الكروان) أولى أغنياته التي دخل بها نحو الإذاعة. فكانت أغنياته من نظم خاله مبارك المغربي لتبلغ جملة الأغنيات التي تغنى من نظم خاله ست أغنيات كان أشهرها (يا ملاكي) و(مرت الأيام) و (اعتذار).. انتشرت أغنياته فأصبح من فناني الصف الأول في ثلاث سنوات فقط فكان العام 1954م هو عام تتويجه كأفضل فنان يتغنى بأغنية عبر الأثير الإذاعي وهي (مرت الأيام). تعددت لقاءاته الثنائية الفنية فكان الشعراء (ذو النون بشرى) و(السر محمد عوض) و(عبد المنعم عبد الحي) الذي أعطاه أغنية (همسات عاشق). تغنى في العام 1957م بأغنية (البحيرة) التي تعتبر أول أغنية عربية فصيحة لشاعر عربي يتغنى بها فنان سوداني. عمل بالإذاعة السودانية موظفاً منذ العام 1960م حتى تقاعد للمعاش في بداية التسعينيات. منذ العام 2008م حتى وفاته في يناير 2010م ظل يعاني من ويلات المرض ليلاقي ربه صاحب أجمل الألحان.