أم درمان زهرة المدائن وأم المدن السودانية، وهي بقعة السودان والعاصمة الوطنية التي جعلها الامام المهدي عاصمة دولته، وقد دافع عنها الانصار ورووا ترابها بدمائهم الطاهرة وهي الطابية المقابلة النيل وبيت الخليفة وبيت الامانة وبيت المال، وهي خلاوى ومساجد ونار قرآن ودار صلاح، وهي السودان في تنوع ووحدة واتحاد تصوف وحياة تضج بالناس نجوما وطيبة ومباشرة تاريخ ناصع حكي في قهاوي جورج مشرقي ومحمد خير ويوسف الفكي. أم درمان أحياء عريقة، بانت وعلي عبد اللطيف والفتيحاب والموردة والشاعر عبد النبي عبد القادر مرسال وحي البوستة وحي الاسبتالية وحي السوق والعرضة وحي العرب والمسالمة، خور ابو عنجة وخور عمر شخوص اضاءوا أم درمان القديمة والحديثة بثوراتها وامبداتها وأم درمان دار الاذاعة ودار الرياضة والهلال والمريخ والموردة والعباسية وحي الضباط وابي كدوك وابو روف والزهرة والرابطة وأبو عنجة. وكما قال شاعرها عبد الله محمد زين: (أنا أم درمان.. انا الدر البعز بلدي أنا البرعاك سلام وامان.. وافداك يا ولدي) وهي مدينة الثقافة بوتقة الشعر والشعراء فهي صلاح احمد ابراهيم وعلي المك.. منها وبها وتغنى في روابيها صلاح محمد عبد السيد «أبو صلاح» وابراهيم العبادي وخليل فرح ومحمد الرضي «ود الرضي» وعمر البنا وسيد عبد العزيز وعبيد عبد الرحمن ومن أم درمان أحمد محمد حسين «العمرابي» ومحمد عبد المطلب «حدباي» ومصطفى الحاج «بطران» وأحمد عبد الرحيم العمرابي وشعراء كبار كانوا في أحياء أم درمان ومحافلها منهم الشاعر خالد آدم ابن الخياط والشاعر الخليفة يوسف الحسن ومحمد بشير عتيق وغنى على مسارحها على المساح وخالد أبو الروس.. وهي شعراء ممتدون كامتداد نهرها ومنهم مجدد الشعر والغناء عبد الرحمن الريح والشاعر النعيم محمد نور وكما كان بها رواد في الشعر فإنه ايضا بها محدثون كأمثال التجاني يوسف بشير وعبد الله الشيخ البشير وكرف وسيف الدين الدسوقي وهاشم صديق وهم بعدد الابداعات التي شكلت السودان. وأم درمان حي العرب الفنان الذري ابراهيم عوض والفنان الهرم التاج مصطفى والعاقب محمد الحسن، وعقد نضيد من اهل الغناء والالحان وقد غنى فيها كرومة وسرور وعمر البنا والأمين برهان ومنها نسائم الليل جادن على المحبوب، ومن صاي جاءها قيثارة الوطنية خليل فرح. وأم درمان حديقة الغناء شعرا وشعراء وفنانين أضاءوا منابرها ومساءاتها مبارك المغربي ومنها انطلق عصفور السودان المغرد الفنان ابراهيم عبد الجليل وام جواهر صدر المحافل وفي حي العباسية في بيت عرف بالصلاح والتقوى ولد لامام جامع الادارسة عثمان فزع ابن اطلق عليه اسم عبد الدافع، وقد عمل عثمان تاجرا بسوق الموردة العريق وقد جاء والد عثمان من ناحية جبل أم علي وقد حفظ عبد الدافع القرآن بخلوة الشيخ الصلحي في بداية العشرينيات ودرس الأولية بأم درمان والوسطى بالخرطوم وبربر وفي بداية الاربعينيات ظهرت مواهبه الفنية بترديده لأغاني الحماسة والتراث، وقد أعجب به عصفور السودان ابراهيم عبد الجليل وأطلق عليه اسم الكروان وقام بتقديم اول عمل له اغنية أضيع انا وقد شجعه في البداية الشاعر مبارك المغربي ومده بعدد من القصائد الشعرية منها «لحن الكروان يا ملاكي اعتذار» وقد قام المبدع عبد الدافع عثمان بتلحينها وغنائها وقد أجيز صوته بالاذاعة في العام 1944م بأغنية للفنانة المصرية ليلى مراد «هنا الغرام هنا الهنا» واستضيف لأول مرة بالاذاعة وعلى الهواء مباشرة في العام 1945م وقد رافقه بالعزف عثمان عوض الله وعربي الصلحي وعلي مكي وقد سبقه في الغناء وكانوا قد بثوا أغانيهم من الاذاعة الفنانون ابراهيم عبد الجليل وابراهيم الكاشف وحسن عطية وعبد الحميد يوسف واحمد المصطفى وقد زامله في فترة واحدة كل من الفنان التاج مصطفى والفنانة عائشة الفلاتية وجاء مجايلا لهم بعد فترة كل من عبد العزيز محمد داؤود وعثمان حسين وعثمان الشفيع ومهلة العبادية ومنى الخير، لذلك نجد ان الفنان عبد الدافع عثمان كان من الرواد والرعيل الاول الذي طرق مجال التلحين والغناء، وقد غنى في البداية من ألحانه وكلمات مبارك المغربي لحن الكروان: غنيني يا كروان وأصدح بلحني يا ملهم الفنان ألهمت فني غن الجمال يا صاح.. لحن الاماني وأسبح مع الأرواح.. فيما تعاني من لحنك الصداح هات الاغاني ومن خلال هذه الأغنية نجد أن الكروان قد شدا بلحن الكروان، وكان الشاعر مبارك المغربي قد أعجب باللقب الذي أطلقه عليه ابراهيم عبد الجليل لذلك جاء بالكلمات بلحن الكروان اعتزازاً بعبد الدافع عثمان الفنان.. وقد غنى الفنان عبد الدافع عثمان لعدد من الشعراء منهم سيد عبد العزيز واسماعيل خورشيد وحسين عثمان منصور وغنى من كلمات الشاعر عبد المنعم عبد الحي همسة عاشق وفيها دوزن الألحان الموسيقار برعي محمد دفع الله: هبت هبت نسايم الليل أحبابي هبوا نملا النفوس مرحاً سرور نحيا بحبو هبت نسايم الليل طرتني ايام ليلى وجمالا وسقتني كاس الشوق حتى الثمالا وقد تغنى الفنان عبد الدافع عثمان بيوم البحيرة للشاعر العراقي على أحمد باكثير وأغاني من اشعار زملائه في الاذاعة السر احمد عوض وذو النون بشرى وقد أضاف أبعادا غنائية لشعراء تعامل معهم كالتجاني سعيد وجعفر فضل المولى وتاج السر عباس وخليفة الصادق وعبد الله شرفي، وقد لحن اغنياته اساطين الالحان في السودان اسماعيل عبد المعين ومحمد سليمان المزارع وعبد اللطيف خضر ود الحاوي، وأحمد زاهر وبشير عباس وعلي مكي وسيف الدين عبد القادر وهنالك كثير من الأغنيات قام بتلحينها وغنائها، كما انه شكل ثنائية مع الشاعر مبارك المغربي في عدد كبير من الاعمال منها لا أنسى: مين فينا القاسي الناسي غرامه مين فينا الجاني هو حليف افراحه وانا في نيراني أنا ساهر ليلي طال بي حنيني اشواقي رسولي تغشى الناسيني وهو بعيد ما سائل عن همي الطايل ومن الأغنيات الخالدة في خريطة الغناء السوداني وعند عاشقي ومحبي الكروان عبد الدافع عثمان يا ملاكي، وقد صاغ كلماتها مبارك المغربي وقام بتلحينها عبد الدافع بنفسه وشدا بها: يا ملاكي تايه في سماك.. وغزالي المكتوب لي هواك كيف خلاصي وحبك فتاك.. هالكني ومالكني في جبينك بهجة الانوار.. وفي خدودك رقة الازهار انت روضة تخلب الانظار يا حبيبي انت نور أم نار.. ومن أغنياته التي عاشت وستعيش في الوجدان لان روعة الاداء شعور صادق ورائع عند عبد الدافع عثمان اعتذار وهي من كلمات مبارك المغربي وألحان الكروان: من فؤادي الذاكر لعهودنا لماضيه اهدي شوقي العاطر كيف تغيب عن قلبي وأنت دايما حاضر وفي الزهور النادية وفي الطيور الشادية في صحايف قلبي وفي النسيم العابر وسيظل اسم الفنان عبد الدافع عثمان فزع شامخاً وخالدا بين رواد الغناء السوداني وقد مر كالنسمة كما مرت الايام التي غناها: ومرت الايام كالخيال احلام وقد بذل الفنان عبد الدافع جهداً لاعلاء شأن الغناء السوداني في: ذكراك ما ذكراك غير العذاب ألوان لو استطيع انساك أواعرف السلوان ما كان ملكني هواك يا ريت هواك ما كان فإن جهد الكروان لن يذهب سدى لأنه خالد في وجدان السودان عامة وعند اهل العباسية اهل الفن والحضارة الذين تداعوا من قبل لذكرى العندليب الاسمر زيدان ابراهيم بعد ان بكته كل العباسية، ها هم اهل العباسية الكرام ونادي الربيع الذي كان عبد الدافع عثمان لاعبا فيه والذي رفد الهلال باللاعب الاسطورة نصر الدين عباس جكسا ها هم يزينون الذكرى الثانية لرحيل عبد الدافع عثمان كروان السودان الراحل المقيم تحت شعار (مرت الأيام) بمركز شباب الربيع أمسية اليوم الجمعة، وقد أقام أبناء العباسية تجهيزات وتحضيرات لهذه الاحتفالية وتكونت لجنة من أبناء الحي برئاسة المخرج اسماعيل عيساوي ومشاركة الدكتور الفنان الانسان عبد القادر سالم وأسهم في اللجنة أبناء الفنان الكروان عبد المنعم وعبد العظيم عبد الدافع عثمان وعلاء الدين.. ومن ابناء العباسية المخرج مجدي عوض صديق وجاء ابن العباسية الشاعر الشفيف التجاني حاج موسى وأبناء العباسية الأوفياء صلاح محمد أحمد «أس» والسموأل محمد ووليد السر وجمال محمد نور وعادل فتحي وأمير صديق ولجمال ناس العباسية وروعة العباسية بناسها وقد جهزوا لهذه الليلة مشاركين أعلاما في مجال الغناء السوداني سيجعلون السودان والعباسية في حضرة الكروان عبد الدافع عثمان فزع، ويقدم المشاركات اليوم كل من الفنان حمد الريح ود.عبد القادر سالم وكمال ترباس وجمال فرفور وعبد العزيز المبارك، وان ما قدمه الكروان لهذا الوطن من غناء ومن خلال سعادته في الاستماع لأغانيه من الآخرين فإن الفنانين يتقاطرون من كل الأجيال مشاركة لفنان خالد وباق بفنه ومن المشاركين عوض الكريم عبد الله وصفوت الجيلي وشريف الفحيل وفهيمة عبد الله ونميري ومنار صديق والفنان أحمد شاويش، فالتحية لأهل العباسية ونادي الربيع الذين يعرفون معنى الوفاء لأهل العطاء، وسلام على أسرة عبد الدافع عثمان ومعجبيه في هذا اليوم الخالد في ذاكرة الغناء والوفاء في السودان مرت الأيام...