أنهت الحركة الإسلامية مساء أمس مؤتمرها العام الثامن، واختارت أعضاء مجلس الشورى وأصدرت بيان المؤتمر الختامي، وسط حضور كبير من قيادات الحركات الإسلامية العالمية، وشهدت الجلسة الختامية كلمات متنوعة أبرزها الكلمة الحماسية القوية للأستاذ علي عثمان محمد طه، الأمين العام للحركة المنتهية دورته، دوت لها القاعة بهاتفات طويلة وفاضت أعين بالدمع لما قال.. لكن المؤتمر الذي شهد مداولات ساخنة ونقاشات متباينة، تفاوتت حوله الملاحظات من المراقبين المتابعين، يبدو أنه جنح إلى إحداث نوع من التوافقات بين المدارس والتيارات الداخلية التي ظهرت خلاله، والخروج بالحد الممكن من الاتفاق على الكليات الجامعة وترك فرعيات الخلاف، رغم تنامي الأصوات الداعية للإصلاح وإطلاق مبادرات جديدة تعيد للحركة دورها المحوري في تفاعلات الحياة السياسية والفكرية في السودان. ومن الواضح أن فكرة إلحاق الحركة بالدولة والتصاقها بها، هي الفكرة التي وجدت القبول داخل المؤتمر بتعديلات طفيفة تمثل غلالاً شفافة لا تستر اتجاه الالحاق والتتبيع.. وذلك من خلال المجلس القيادي المقترح في الدستور بالرغم من إضافة كلمة تنسيقي له، وكان واضحاً أن أغلب المسؤولين في الدولة من قيادتها لوزرائها لولاة الولايات والدستوريين كافة، كانوا مع هذا الخيار الذي يضمن الحركة جاثية في بلاط الدولة ودهاليزها، ولا يمنحها الاستقلالية الكافية ولا القدرة على المحاسبة وإبداء الرأي والتميُّز بموقف أو تضمن أنها المرجعية الكاملة للدولة. وذات الأمر في طريقة وكيفية اختيار الأمين العام، فما جاء في الدستور ودعمه رجالات الدولة، أن يكون الاختيار من مجلس الشورى المنتخب من عضوية المؤتمر العام، ولا يدري ما الحجة من ذلك، بينما رأى طرف آخر أن أخذ التفويض للأمين العام كان يجب أن يكون من المؤتمر العام كما كان يحدث في كل تاريخ الحركة في العقود السابقة وكل الأمناء السابقين « د. حسن الترابي، وعلي عثمان» نالوا التفويض والصلاحيات من المؤتمر العام، وليس من الإطار الأضيق في مجلس الشورى، فاختيار الأمين العام من مجلس الشورى لا يعطيه تفويضاً واسعاً وفيه من المقيِّدات ما يعيقه من قيادة الحركة في مثل هذه الظروف.. وبرزت في ذات الاتجاه وحسب ما سمعناه من أعضاء كثر وقيادات في المؤتمر الحاجة لمواصفات الأمين العام نفسه قبل الدخول في الأسماء والترشيحات، فمن الناس من يرى أن الأمين العام في هذا الانعطاف الخطير في تاريخ الحركة يجب أن يكون رجلاً هو عاصم من القواصم، يوحِّد صفها ويجمع حوله الناس وليس من يختلف حوله، بينما يحدد بعض آخر حاجة الحركة الإسلامية في ظل التطورات الإقليمية والدولية وثمرات الربيع العربي لقيادة ذات أبعاد فكرية وسياسية تستطيع مواكبة ما يجري حولنا، وتأخذ الاستلهامات من تجربتنا التاريخية وتقارب مع الذي يحدث في الجوار في المدى الأبعد.. فمن الواضح أن مجلس الشورى الذي سيلتئم اليوم أو في موعد غيره، سيكون في حَيرة، أولاً قبل الإقدام على عملية الاختيار، ستتعدد الخيارات والمرشحين، فحتى هذه اللحظة لا يوجد مرشح محدد عليه الإجماع التام، توجد عدة أسماء متداولة تنشرها الصحف كل يوم ويتناقلها أعضاء المؤتمر، لكنها لم تعلن بشكل واضح، وستكون ساحة الترشح مفتوحة، ولا يعرف كيف ستختار الحركة الإسلامية بعد هذا المؤتمر المثير أمينها العام الذي سيكون لأول مرة في تاريخها أشبه بالمقرر في وجود المجلس القيادي التنسيقي الذي تم اقتراحه ويترأسه رئيس الجمهورية. كل شيء وارد في مجلس الشورى، هل سيختار إبراهيم أحمد عمر، أم غازي صلاح الدين أم يتم التجديد وفق الدستور الحديث للأمين العام المنصرف.؟؟ من يدرى؟ -- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.