«كفانا ذلاً، كفانا هواناً، ولابد للأمة أن تبني عزتها وترفع راية الله أكبر لنصرة الأمة ولدحر الطاغين، الله أكبر لتحرير القدس وتحرير فلسطين، لا للأمم المتحدة ومجلس ظلمها الدولي، الإسلام قادم وباسم الحق سندك الباطل». عندما انطلقت الكلمات من الأستاذ علي عثمان النائب الأول لرئيس الجمهورية والأمين العام السابق للحركة الإسلامية في ختام المؤتمر الثامن للحركة الإسلامية، لم تخرج كعادتها منه هادئة تصحبها نصف ابتسامة من وجه لا يسهل التكهن بما يجول خلفه من أفكار، بل تناثرت كبركان هائج جعل القاعة كلها تقف في حالة تجاوب لم تحدث حين خاطب المؤتمرين طوال أيام المؤتمر، وضجت بعض الوجوه بالبكاء حتى أن الرئيس تفاعل في جلسته مع الخطاب. خطاب طه، كان مفاجئاً ليس في لغته فقط، بل حماسته. فهو غالباً ما يخاطب النخب بكلمات يختارها بعناية، لكن خطاب الجلسة الختامية كان مرتجلاً، لم يقرأه من ورقة وبدأه عادياً قبل أن يعلن سياسات جديدة تعلن قيام دولة إسلامية تنطلق شرارتها من أفريقيا، مما أدى لتجاوب الضيوف معهم، وهدرت حشود الحركة التي لم تصمت إلا بعد أن ردّد د. الطيب إبراهيم محمد خير «حياكم الله» أكثر من مرة، ليتمكن من وضع نقطة ختام. توقيت الخطاب وحماسته تزامنت مع هياج عربي بسبب ما يحدث في غزة بصورة لم تحدث من قبل في خطابات رسمية، خرجت من مصر وأمير قطر بنفسه تصدى وصرح، ومن المفترض أن يصل وفد إلى غزة، ولم تصمت تركيا أمام ما يحدث في نفس الوقت الذي كان طه من داخل الحركة يعلن ضرورة تحرير فلسطينوالقدس، ويصدر لاءات للأمم المتحدة ومجلس الأمن وأمريكا في شكل جعل مراقبين يتساءلون إن كان قد أطلق رصاصة رحمة على علاقته الدبلوماسية مع المجتمع الدولي بإعلانه الصريح في مثل هذه المناسبة؟ خطاب طه الختامي تصدر الصحف وتبادلته المواقع الأسفيرية، وتضاربت حوله وجهات النظر، إلا أن مراقبين أكدوا على أنه انقلاب على الأسلوب المعتاد لطه، وأنه قرر أن يوجِّه خطابه لغير النخبة، بل إلى القاعدة العريضة التي تبين صداها من تجاوب المؤتمرين الهائل الذي تم داخل القاعة، وهم نخبة خرجت من أصل «700» ألف عضو من الصعب بمكان إرضائها كما كان واضحاً في اليومين الأولين من المؤتمر، وحتى في بداية الخطاب كانت نظرات العيون خالية من الانفعالات قبل أن تجض القاعة محتشدة بالهتافات في تأكيد واضح أن الخط في المرحلة القادمة، لابد أن يكون به حركة وأصوات عالية أكثر، وأوراق مكشوفة ومواقف محددة. تصريحات طه في مؤتمر، حشد أكثر رواد الحركة الإسلامية في العالم الإسلامي شغباً في نظر إسرائيل مثل مشعل، لن تكون مجرد كلمات يحملها هواء القاعة، لأنها صدرت في منطقة بها نقطة انطلاق تأهبت محركاتها.