صلاح الدين عبد الحفيظ مالك يُعتبر شارع الأربعين بأم درمان من أشهر الشوارع على الإطلاق بالعاصمة الوطنية.. وذلك لما به من حركة دائبة وشخصيات شهيرة كان لها الأثر البالغ في عدد من الأنشطة السياسية والرياضية والثقافية والاجتماعية. حدود الشارع كما هو معلوم يبدأ الشارع من تقاطع شارع العرضة من جهة الشمال ويمتد طولياً حتى تقاطع شارع (الفرقة) وهو الاسم القديم الذي يعرفه المخضرمون من سكان هذا الشارع، و(الفرقة) تعني فرقة المهندسين ومبانيها العتيقة التي تحولت الآن لسلاح المدفعية وموسيقا الجيش.. أو إشلاق المهندسين. أما الاسم الجديد لشارع الفرقة فهو شارع (بانت الخلفي) أو (الشارع الوراني) كما يقول صغار السن ممن لم يستسيغوا الاسم القديم. معالم قديمة بالشارع من المعالم القديمة بالشارع (تمنة البوليس) والاسم الحديث لها (قسم الشرطة) وكان مكانها الموقع الذي هو الآن موقف الركشات على الشارع غرب سينما بانت.. وكانت يوماً ما مكتبًا للمراهنات (توتو كورة). كذلك من المواقع القديمة بهذا الشارع (دلالة الرانجوك) ومكانها الآن محلات مغلقة بالشارع الرئيسي مقابل خور أبي عنجة من الجهة الشرقية. إستديو برعي من المعالم التي ما زالت تقاوم للبقاء بالشارع بفضل وجود عدد من الشخصيات التي ارتبطت به (إستديو برعي للتصاميم والخطوط) وهو الإستديو الأشهر في عالم إستديوهات التصميم الخارجي والداخلي. ويقوم منذ أكثر من ثلاثين عاماً بتصميم اللوحات واللافتات وكتابة أرقام القصاصات الرياضية. من أشهر رواد هذا الإستديو لاعبا الهلال في الستينيات عيسى دهب ويونس الله جابو ولاعبا المريخ في السبعينيات محمد علي بخيت والسر زغبير. وتاريخ إنشاء الأستديو يعود للعام 0791م. المعالم الجديدة بالشارع من المعالم التي يتوقف عندها المارّ بالشارع الكم المتكاثر من عيادات الأطباء به وهي العيادات التي تقع في الناحيتين الشرقيةوالغربية وإن كانت العيادات من الناحية الشرقية هي الأكثر. وأشهرها عيادة المرحوم د. عابدين شرف. تمتد كذلك المطاعم وتوجد على طول الشارع ويعتبر مطعم (عمر بوش) هو الأشهر بالشارع زائداً أشهر محلات الفول (الكارب) والباسطة (قولو).. قبل عشرين عاماً من الآن كان يقف مطعم المعلم حسون ومكانه غرب محطة عابدين. شخصيات هامة سكنت بالشارع.. ضباط الجيش منذ الأربعينيات حتى الآن مرَّت على الشارع شخصيات تُعتبر من ضمن شخصيات العمل العام في السودان في تلك الفترة منهم: الثائر مزمل علي دينار وصهره موسى الفنجري والضابط محمود علي حبيب.. مع وجود منزل الأميرالاي عبد الله حبيب الله جوار مكاتب الهيئة القومية للكهرباء. بالشارع كذلك سكن أحفاد الثائر ثابت عبد الرحيم ومن ضمن ساكني الشارع الآن.. من هذه الأسرة ثابت حمزة عبد الرحيم موظف البريد المتقاعد.. وعلى غير مبعدة من منزل فضل المولى يقبع منزل السياسي والضابط السابق بالجيش المرحوم صلاح عبد السلام الخليفة.. والفريق توفيق أبو كدوك وأبنيه الاثنين كذلك الضابط بالجيش عمر وحسام. زائداً منزل القائمقام موسى الله جابو الذي به أشهر محل تصوير بالشارع أستديو الفن لصاحبه صديق ضاوي. ظرفاء الشارع وهم كثيرون.. ومن ضمنهم سعيد كاسترو الذي له من القصص والطرائف الكثير والكثير.. من ضمن تلك القصص هذه القصة: زار يوماً صديقه وقريبه المرحوم علي إبراهيم بحي الضباط. ووجد لديه الكثير من الحضور داخل صالونه الضخم.. البعض على الكراسي والبعض الآخر على ثلاثة من الأسرة مع وقوف اثنين من أصدقائه داخل الصالون فقال لعلي إبراهيم: (والله يا علي بعد ده إلا تعمل رفوف عشان يقعدوا فيها الواقفين). كذلك هناك يونس الله جابو لاعب الهلال في الستينيات وله قصة مع صديقه عيسى دهب.. تتلخص الطرفة في قيادة عيسى دهب لعربة كان قد اشتراها حديثاً وكانت كثيرة التعطل.. ويومها رأى صديقه يونس يقف جوار كبري أبي عنجة وهو يهم بالذهاب نحو الخرطوم لحضور مباراة بإستادها فتوقف بجواره وأشار إليه أن اصعد إلى العربة.. فرد يونس الله جابو عليه: (معليش يا عيسى أنا مستعجل شديد). الرياضيون بالشارع يحفل شارع الأربعين بشخوصه وعوالم الحركة الضاجّة بالحياة. ومن ذلك الرياضيون الموجودون به منذ بداية الشارع من جهة الجنوب من حي بانت يوجد كل من السر الجمل لاعب الهلال الأسبق وهو صاحب أول هدف للهلال في المنافسات الإفريقية في أبريل 1966م. كذلك لاعب الموردة السابق رجب الوسيلة الذي يسكن في الشارع المؤدي لشارع الأربعين من جهة الغرب مقابل الشارع المؤدي لإستاد الموردة. وفي نفس المنطقة الغربية من إستاد الموردة وعلى الشارع الرئيس يقع منزل أولاد محمد آدم صلاح مشكلة وشقيقه حارس مرمى الربيع الأسبق محمود صاحب محل «مناسبات المنى» الذي يقع بنفس الشارع. أكاديميون ومثقفون بالشارع بالشارع أكاديميون ومثقفون وفي مقدمتهم البروفسيور الرضية محمد آدم خبيرة المعلومات العالمية والأستاذة بالجامعة الأهلية. كذلك على صعيد المثقفين يسكن بالشارع الأستاذ عبد النبي محمد عبد النبي معلم اللغة العربية المعروف وحفيد اليوزباشي عبد النبي مرجان أول من نال رتبة اليوزباشي في عهد الاستعمار البريطاني عام «1911م». وأولاد وبنات إدريس خالد منهم المعلمتان المرحومة نعمات وملكة. يقول الرائد «م» وليد السر محمد إبراهيم إن هذا الشارع ظل ومنذ الأربعينيات مكاناً أثيراً لكل من مرَّ به أو سكن به، كذلك للعلاقات التي تربط ساكنيه زائداً معرفة جميع ساكنيه بعضهم ببعض من أوله حتى نهايته. حول تاريخ هذا الشارع فيه كذلك عدد من المحسنين والفنانين ومنهم الشيخ الضو حجوج وأبناؤه المرحوم عبد الحميد وأشقاؤه الذين يسكنون بهذا الشارع جوار كبري أبي عنجة.. وكذلك المحسن المعروف عليه الرحمة صلاح عبد السلام.. أما حول رصف الشارع (سفلتة) فهو من أوائل الشوارع التي رُصفت بأم درمان وذلك في العام «1963م» في عهد الموظف الإداري فتح الرحمن البشير. يلاحظ خلو الشارع من حوادث المرور والسبب براح الشارع زائداً وجود مسارين مفصولين بحاجز أسمنتي.