استطاعت سلطات الأمن بالنيل الأزرق وعلى الحدود المتاخمة لدولة جنوب السودان، أن تقبض على ثلاثة لواري.. وهذه اللواري محملة بالمواد الغذائية المعدومة في دولة جنوب السودان «الجائعة أبداً بإذن الله»... ولابد أن اللواري كانت تحتوي على الذرة والدقيق والبصل والزيت والفول والجبنة والأرز والعدس والويكة والملح والسفنجات و«العروسة».. وأشياء أخرى كثيرة قد يصل عددها إلى خمسة وسبعين سلعة يحتاج إليها الجنوبيون، وليس من بينها موية الفول ولا موية الجبنة ولا الطعمية.. والعروسة المقصودة هنا والتي يتم شحنها وتهريبها إلى الجنوبيين ليست العروسة التي «يعرِّسوها» ولكنها نوع من الأحذية - لا مؤاخذة - المصنوعة من البلاستيك والتي تعودت عليها الجنوبيات. واللواري الثلاثة المحملة بكل تلك المصائب، لم تكن تقوم بتجارة مشروعة بين البلدين، ولكنها كانت تعمل بالتهريب.. والتهريب يعني أخذ حصة المواطن في المحافظات المجاورة لدولة الجنوب، وتعطيش السوق ورفع أسعار السلع فيه لأغراض توفيرها للجنوبيين.. وبالتأكيد فإن اللواري «الهاربة» إلى الجنوب لا تمر عبر نقاط تفتيش الجمارك، ولا تدفع الرسوم ولا العشور ولا القبانة ولا تدفع حتى مساهمة المرور عبر محطات جمع رسوم الطرق.. أما قيمة البضاعة نفسها فليس هناك إجراء رسمي يختص بتصديرها، وليست لديها رخصة صادر، ولم تستكمل أي نوع من التراخيص والتصديقات.. وبهذه الطريقة، فهذاالنوع من البضائع يكون قد تم شراؤه على طريقة «الكيري»، يعني بدون ورق، وتم شحنه في الخفاء ليلاً و«بالدس» ولأغراض التمويه، ربما يذكر اسم إحدى القرى أو المدن المتاخمة لدولة السودان الجنوبي.. والخلاصة أن صاحب البضاعة ما هو إلا «مهرِّب»، وفي هذه الحالة يحل للحكومة ولأجهزة أمنها المختصة أن تقوم بمصادرة هذه اللواري بما حملت، وتوزعها على المستحقين من أهل السودان دون الرجوع إلى المحاكم والإجراءات المطولة... ويبدو لي أن عدم تطبيق أحكام رادعة حتى الآن على المهربين، هو الذي أدّى إلى انتشار واستمرار وتكرار تهريب البضائع باللواري والشاحنات إلى دولة الجنوب «الجائعة دوماً»، ولن يتوقف هذا التهريب إلا إذا تم تطبيق التوجيهات الصادرة «زمان» والتي قالت ووجهت صراحة بتطبيق «شوت تو كيل «shoot to kill». ومن المؤكد أن «شوت تو كيل» كان مقصوداً منها إيقاف تهريب الأغذية والأدوية ووسائل الحياة الضرورية عبر تلك الحدود الطويلة مع «الدولة الجائعة».. وإذا كانت حدودنا بطول ألف وخمسمائة كيلومتر مع هؤلاء الناس، وفي كل خمسين كيلومتراً يمكن أن يوجد منفذ لثلاثة لواري يومياً، فهذا يعني أننا نفقد يومياً تسعين لورياً محملة بالأغذية، وإذا كانت حمولة اللواري عشرة أطنان، فهذا يعني أننا نفقد تسعمائة طن غذاء يومياً، إضافة إلى ثلاثة لواري «حديدة» يمسكها الجنوبيون ولا ترجع لنا، وهذا يعني أننا في الشهر نفقد سبعة وعشرين ألف طن من البضائع، وفي العام نفقد تسعة ملايين وسبعمائة ألف طن من البضائع المختلفة، إضافة إلى أكثر من ألف لوري «عضم».. ومن هنا وإلى أن يتعلم الجنوبيون كيف يدفعون ثمن البضائع، وحتى لا يغشوا بعض الذين يدفعهم الطمع من الجلابة والمندكورو. ومن هنا وحتى يقوم الجنوبيون بفك الارتباط مع عرمان وعقار، ومن هنا وحتى يقوم الجنوبيون بسحب الفرقة التاسعة والعاشرة إلى أن يحدث كل ذلك، يجب تطبيق الأوامر الصادرة صراحة بتاعة «shoot to kill».... ولا أعتقد أن الجهات المعنية بالترتيبات الأمنية قد نسيت تلك الأوامر ومن أصدرها. كسرة: هذه المرة أعلن زعيم حزب الأمة عن مبادرة جديدة لاحتلال ميادين «بلاد بره» وأمام سفارات السودان تعبيراً عن المطالبة بتغيير الحكومة، ومن الضروري توضيح أن الكثيرين من لاجئي أوروبا بالذات، مازالوا ينتظرون «الفيزات» ولا يسمح لهم بالتظاهر لا في الميادين ولا في غيرها. أما جلوس الميادين في بعض الدول العربية والإسلامية فممنوع بالقانون.. والمغتربون مهمومون بأداء أعمالهم ولا مصلحة لهم في المظاهرات، ومن المؤكد أنهم لا مصلحة لهم في عودة الإمام الصادق للمرة الخامسة، والذي جربوه في الستينات رئيساً للوزراء وعمره ثلاثون عاماً إلا يوم.. وفي السبعينات مع النميري في الاتحاد الاشتراكي، وفي الثمانينات رئيس وزراء برضو، وبعد الألفية زعيم معارضة متصالح، ويعايشون الآن تجربة بعض أفراد أسرته الممتدة في الحكم، وحيث بعض أفراد أسرته أعضاء في الحركات المسلحة والجبهة الثورية وتجمع جوبا وتجمع كاودا، وحتى مع عرمان وعقار والحلو وعلي الحاج.. وعبد الفتاح.. وبهذه المناسبة فإن عبد الفتاح هو ذلك الشخص الذي ذكره عادل إمام في مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» وقال إن عبد الفتاح مات.. ولما سئل عن عبد الفتاح، قال ضروري أن هناك واحداً اسمه عبد الفتاح مات.. ونقول ضروري أن واحد رئيس بتاع حركات مسلحة برضو اسمه عبد الفتاح.