كان المانشيت الرئيسي لصحيفة الإنتباهة أمس السبت يقول: «حكومة الجنوب تنهب عشر شاحنات من تجار شماليين».. وقبل أن نخوض في عملية النهب نذكِّر الزملاء في الإنتباهة وللمرة الألف أن الدولة المنفصلة عنا لم يعد اسمها الجنوب بل هي «دولة السودان الجنوبي» وجنوب السودان الآن هو ولاية سنار والنيل الأزرق.. ولا أعرف ماذا تفعل حتى تجعل كل الصحف والصحفيين وحتى كبار رجالات الدولة يتذكّرون أن «الجنوب» لم يعد هو ذلك المكان بتاع زمان قبل الانفصال.. خلاص يا جماعة؟؟!. طيب.. نقول إن الخبر يفيدنا بأن حكومة دولة الدينكا في السودان الجنوبي قد صادرت وقلعت ونهبت عشر شاحنات من التجار الشماليين أول الأمس.. وإذا قلنا إن تلك الدولة معذورة؛ لأن حكومتها لم تفهم ولم تستوعب حتى الآن أنهم صاروا منفصلين وأنهم ما زالوا يعتقدون أنهم متمردون علينا. ثم إن هؤلاء القوم حديثو عهد «بالسيادة» حيث ظلوا طيلة حياتهم في هامش الحكم أو متمردين عليه لذلك فهم لا يعرفون ماذا يعني نهب عشر شاحنات. وإذا عذرنا دولة الدينكا في أفعالها وتصرفاتها لحداثة عهدها بالغابة والتمرُّد وحيث يضطر منسوبوها أن «يخمشوا» غذاءهم من بين فكي الأسد والضبع والنمر فنحن لا نجد العذر للتجار الشماليين الذين ملأوا شاحناتهم بالأغذية من بصل وفوم وعدس ولبن ودقيق وتوجهوا إلى هناك، وإذا كانت حمولة الشاحنة عشرين طناً فهذا يعني أنهم قد شحنوا مائتي طن وذهبوا بها ولا بد أنهم قد أوهموا السلطات السودانية بأنهم متوجهون نحو إحدى مدن السودان المتاخمة لدولة الدينكا حتى يحصلوا على أوراق المرور.. ولما كان الطمع «ودَّر ما جمع» فإن الشاحنات وسائقيها ومساعديهم وبضائعهم قد وقعت رهينة في يد أول جنوبي في أول مدينة وصلتها الشاحنات.. وقام المسؤول بمصادرة الشاحنات العشر.. وإذا قلنا إن قيمة الشاحنة نصف مليار وحمولتها نصف مليار آخر.. تكون الشغلانة كلها ما بين العشرة والخمسة عشر مليار جنيه طارت من التجار الشماليين.. وقديمًا قال المثل: «طمَعَنْجِي لاَقَى فَلَسَنْجي».. وهكذا تنتهي المأساة بمصادرة البضاعة ومصادرة الشاحنات وقتل ملاكها بعد جلدهم أو تعذيبهم بطريقة أخرى.. وعلى كل حال سبق أن حذَّرنا التجار كبيرهم وصغيرهم وقلنا لهم إن سكان دولة السودان الجنوبي لا يعرفون شيئاً اسمه التعامل التجاري؛ لأنهم لم يجرِّبوه وظلوا يعيشون حياةً طفيلية على الشمال والشماليين منذ الاستقلال وحتى الانفصال، هذا مع غياب الوازع الديني والأخلاقي.. ولا يعرفون الضوابط المصرفية والتجارية؛ لأنهم لا يملكون الأدوات والبنيات الأساسية ولا يعرفون التعامل معها إن وُجدت. وكيف يصبر عليك ذلك الجائع الفقير المدقع عندما يرى الشاحنات وينتظرك حتى تبيع وتشتري وتتعامل بالضوابط التجارية.. إن كل ما سيفعله أنه سينهب ما لديك من غذاء ومال ويستوي في ذلك المسؤولين وقطَّاع الطرق وعامة المواطنين وغوغائهم. وللمرة الألف بعد المليون نحذِّر التجار الشماليين من التهريب إلى دولة السودان الجنوبي ونحذِّر من التعامل مع سكانها أو مسؤوليها أو حتى تجارها إلا عن طريق التعامل المصرفي وبفتح خطابات اعتماد مستندية غير قابلة للنقض ومضمونة من بنوك درجة أولى ومن لا يفعل غير ذلك فعليه أن يتحمَّل نتيجة أخطائه، ومبروك على الجنوبيين كل ما يتوفر لديهم من بضائع وشاحنات يحملها إليهم الطماعون والمهربون.. والأفضل لأهلنا الشماليين ألاّ يتعاملوا أصلاً بالتجارة مع دولة السودان الجنوبي ولو بأقسى الشروط حفظاً لحقوقهم. كسرة: شعار جديد لنج «كرت كرتونة» أطلقه الزعيم الإمام الصادق المهدي يقول: «استخدام حديثي في تجريم قوش باطل».. وكان الزعيم قد قال إن قوش قال ليهو «تعال أبقى راسنا؛ لأن الجماعة ديل ما عندهم راس».. والسؤال لسيادة الزعيم: «إنت من الأول القوالة ليك شنو؟!». ومعروف أن المجالس أمانات ولن يكفي أن تقول إن الحكاية كانت ونسة ساكت وأنا ما كنت قاصد وأنا ما كنت قايل الموضوع كدا وكنت قاعد أتونس مع الصحفيين..