أظهرت دراسة أجراها المجلس القومي للسكان، بالتعاون مع صندوق الأممالمتحدة للسكان، أن أعداد المهاجرين داخلياً في ازدياد مطرد إذ ارتفع من «0.7» مليون في العام 1956 إلى «3.7» ملايين، وفقاً لنتائج التعداد الخامس في العام 2008، وكان التيار الغالب في هجرته موسمية للعمل، غير أن الجفاف والتصحر والنزاع أدى إلى بروز ظاهرة النزوح الداخلي في فترة الثمانينات، فضلاً عن النزاع في دارفور وجنوب كردفان اللذين أديا إلى موجة جديدة من النزوح خلال العقد الأول من الألفية، غير أن بيانات تعداد 1993 تشير إلى أن التيار الغالب للهجرة الداخلية هو تيار الهجرة من الحضر إلى الريف بسبب الخدمات وأسواق العمل الحضرية إلى جانب بروز ظاهرة الاقتصاد غير الرسمي، والأعمال الهامشية التي تستوعب نحو 70% من العمالة في منطقة الخرطوم الحضرية، وتطرقت الدراسة إلى زيادة الهجرة الداخلية الوافدة لمدينة الخرطوم، حيث ارتفعت معدلات صافي الهجرة الوافدة من 3.7% خلال الفترة 1955 1964 ، 7% خلال الفترة 1973 2008، ويمثل صافي الهجرة الوافدة لولاية الخرطوم نحو 71% من إجمالي معدل النمو السكاني لمدينة الخرطوم، وقد كشفت نتائج الدراسة أن ولاية كردفان تمثل منطقة الأصل ل «23%» منهم، بينما ينحدر«22%» منهم من الولاية الوسطى، فيما يمثل المنحدرون من الولاية الشمالية وولايات دارفور وولاية الخرطوم والولايات الشرقية بنسب بلغت 19%، 14%، 8%، 4% على التوالي. الهجرة الوافدة يعاني السودان معاناة حقيقية من اتساع حدوده مع دول الجوار والتسلل، وما يترتب على الأعداد الوافدة من ضغوط على الخدمات وفرص العمل والمشكلات الصحية والأمنية، وبالرغم من ذلك يقدر عدد الأجانب بحوالي «177» ألفاً بحسب بيانات التعداد، بينما يقدر عدد الأجانب الحاصلين على تصريح عمل بحوالي «38» ألفاً وفقاً لسجلات وزارة العمل، غير أن مصادر وزارة الداخلية تقدر عددهم بحوالي «4» ملايين، إذ تشكل الهجرة أهم ديناميكيات السكان التي بدورها تفضي للزيادة السكانية ككل ويتوجب ضبط الهجرة عبر الحدود بحيث لا يتجاوز عدد الوافدين نسبة عدد المغادرين، الجدير بالذكر أن التدفقات الحدودية معظمها تدفقات لاجئين ومع تحسن الأحوال في دول الجوار تم تطبيق الانقطاع بواسطة المندوب السامي للاجئين. وأصبح معظم المهاجرين بدون أوراق ثبوتية، ولم تفلح الجهود في عودتهم طوعياً إلى بلادهم، بل ظهرت تدفقات جديدة مدفوعة بعوامل الطرد في بلادهم وعوامل الجذب في السودان بعد اكتشاف البترول. الهجرة الخارجية من الظواهر الحديثة نسبياً هجرة السودانيين للخارج، بدأت في عقد السبعينيات مع بداية الفورة النفطية، وقد برزت اتجاهات حديثة إلى أوربا وأمريكا في شكل شتات «لاجئين وطالبي لجوء»، فقد انتهجت دول الخليج التي تستقطل نحو 80% من السودانيين العاملين بالخارج، سياسة توطين الوظائف مما أثر سلباً على حجم السودانيين العاملين في تلك الدول، مما قلل من استقدام العمالة السودانية أو تخفيض أجورهم وتقديماتهم الاجتماعية، مما قلل من تحويلاتهم إلى الداخل. حبيسة الأدراج تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة يمكن أن تسهم في وضع سياسات تحد وتعالج من قضية الهجرة الداخلية إلى ولاية الخرطوم عبر الخصائص السكانية والاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين، ودراسة مختلف العوامل التي تؤثر على الهجرة الداخلية من وجهة نظر الفئة، بجانب تحديد التأثيرات الاجتماعية والثقافية المترتبة على الهجرة الداخلية، مع تحديدها للمشاكل والفوائد من الهجرة الداخلية، وبالرغم من التحليل الكامل الذي أظهرته الدراسة والفائدة الظاهرة إلا أنه يخشى أن تظل حبيسة الأدراج دون أن تجد التنفيذ من قبل الجهات التنفيذية.