دمعو يبكي قديلو في الشايل هموم الناس همو العندو غالبو يشيلو« كلما استمع إلى رائعة أبو قطاطي، التي يتغنى بها المطرب القامة وردي، تمثَّل أمامي صورة الصحافة السودانية في زمننا بكل إسقاطاتها وضعفها وهوانها، فهي اليوم كلها مشكلات، ومطبات وحفر وطريقها وعر تعتريه المتاريس والمضايقات هنا وهناك هذا فضلاً عن كونها اصبحت مهنة خاسرة وطاردة ومحبطة لكثير من الذين يقبضون على جمر المهنية، ومخاطرة تورد كثيرًا من الناشرين مورد الهلاك إلا من »اغترف غرفة« بيمينه، ولا أقول من ولغ في بحر آثامها الآسن.... هذه المشكلات تحدث عنها زملاء كثر وشرحوا ووفوا، ولست بصدد تفصيلها، غير أن الذي يحزنني أكثر هو وجود مسؤولين جهلة لا يفقهون شيئًا ولا يعقلون دور الصحافة أو أنهم موغلون في التسلط فعميت قلوبهم وأبصارهم فلا يرون دور الصحافة المنوط بها إلا من خلال الزاوية التي تنتهي عند مصالحهم!! بعض المسؤولين يرون فيها شيطانًا رجيمًا إن هي كشفت الحقائق المجردة دونما رتوش، أو قامت في وجه الفساد أو حاربت المحسوبية والظلم، هؤلاء من فرط جهلهم بدور الصحافة كسلطة معترف بدورها الرقابي على مؤسسات الدولة، ومن ضعف إيمانهم بحريتها،يظنون أنها واحدة من أذرع السلطة، ومن واجبها تضخيم إنجازاتهم السراب وتلميعهم، وإلا فهي إعلام سلبي ومعادٍ وبحاجة إلى التأديب والبهدلة.. وهل أذكر هؤلاء بحديث الرئيس الامريكي جيفرسون في نهاية القرن السابع عشر الذي ذكر فيه أنني لوخُيِّرت بين حكومة بلا صحافة أو صحافة بلا حكومة لاخترت الأخيرة...