محيي الدين حسن محيي الدين يبدو العنوان أعلاه بوضعه هكذا كلمتين غريبتين لا عربيتين، مع أنهما في الأصل كلمة عربية واحدة فصيحة«مختل» لكنها انعكست بعض الشيء وانشطرت وانقسمت ككل الانقسامات الحالية في السودان، فأصبح آخرها أولها.. أعتب على اللغويين العرب إدراج كلمة«مختل» بمعنى الاختلال أو أخل بالشيء وفقد توازنه، والمرجح غير ذلك تماماً فال«مخ» يعني العقل و«تل» هو المكان المرتفع لتكون الكلمة مجتمعة«مختل».. وهذا المختل هو صاحب عقل«مخ» يوزن«جبل» أقصد«تل» وإلا ما نفذ هذا المنعوت بالجنون كل جرائمه بدقة متناهية يصعب على صاحب العقل، والعقل الراجح القيام به.. المعتوه، والمجنون، والمختل عقلياً وغيرها، كلها كلمات مترادفة تجيز له كل ممنوع ومحظور حتى لو كان هذا العمل يتعلق بأرواح وأعراض الناس لأنه فوق القانون أو بالأصح خارجه.. والقلم مرفوع عنه، هذا إذا كان بالفعل كذلك دون تمثيل وتزوير بغرض الانتقام أو تصفية حساب فلا مانع أن يكون«إفراج مؤقت مختل مؤق»، وبإمكانه استخراج شهادة تثبت ذلك من أي طبيب ذي ضمير غائب أو ميت أو مستتر ولا يملك الوازع الديني، ويمكن الرجوع إلى صوابه«عقله» بعد تنفيذ جريمته.. وهنا لابد من مساءلة الأسرة وإيقاع أقسى العقوبات عليها إذا ثبت عدم التبليغ قبل وقوع الحدث.. بل فور علمهم بالمرض.. وسن قانون جنائي في حالة العدم.. وإذا كان«الجنون» حقيقة فتكون المسؤولية مشتركة بين الأسرة والدولة، كما قال نبينا وسيدنا محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم:«كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.........» فعلى عاتق الأسرة مسؤولية جسيمة وهي رعاية أفرادها أصحاء كانوا أم عليلين، لأنه لا يعقل أن يترك المريض نفسياً يصول ويجول دون رقيب أو حسيب.. وإذا وجدت حالات خاصة يصعب التعامل معها وتشكل خطراً عليهم وعلى المجتمع فينبغي تبليغ الجهات المعنية لتولي الأمر من علاج وتأهيل ولإخلاء مسؤوليتهم من أي جريمة قد ترتكب.. شبعنا من الأسطوانة المشروخة«معتوه، ومختل، ومجنون» والتصنيف الفردي للجريمة وعاديتها من المسؤولين.. لأن النار من مستصغر الشرر، والدولة عليها أن تكف عن هذه المبررات وتبحث عن الدوافع والأسباب الجوهرية ومعالجتها بالطرق العلمية الحديثة بعيداً عن العاطفة بتكثيف الخطة الأمنية، راجلة وراكبة على مدار الساعة ولا سيما في الأماكن الموبوءة والتي تتكرر فيها الجرائم بصفة دائمة أو شبه دائمة وتتمكن من احتوائها قبل وقوعها وإزهاق أرواح الأبرياء.. والأمن مطلب حضاري يأتي قبل المأكل والملبس والمسكن أحياناً.