كثيرًا ما انتهجت الدولة سياسات للقطاع الزراعي من أجل الإسهام في معالجة التدهور الذي حدث بالقطاع في الآونة الأخيرة مما أسهم في خروج الدولة من السوق العالمية في عدد من المحاصيل الإستراتيجية، رغم توفر الإمكانات الإنتاجية بالبلاد ولكن لم تساهم تلك السياسات أو القرارات في إعادة القطاع لسيرته الأولى، فمؤخرًا قررت وزارة المالية سحب الدعم عن المنتجات الزراعية والتوسع في زيادة الإنتاج والإنتاجية في المشروعات المروية. فالسياسات الجديدة والتوجهات الأصلية التي تبناها النظام القائم في السودان تهدف لإنقاذ الاقتصاد السوداني على أساس التنمية والإنتاج.. وجعلت التنمية المتوازنة والريفية موضوع الإنقاذ الاقتصادي والمجال الذي توجه إليه الجهود والاستثمارات بوضع سياسة زراعية تهدف لمضاعفة الإنتاج الزراعي لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتحقيق فوائض كبيرة للتصدير.. ومن ثمَّ فقد حددت السياسة أولويات وأسبقيات معينة للاستثمار وجهت إليها الدعم والتسهيلات والامتيازات الخاصة كمنح الأراضي الاستثمارية والإعفاءات الجمركية والإعفاء من ضريبة أرباح الأعمال ولكن لم تُرَ نتائجه على أرض الواقع، فسياسة وزارة المالية القاضية بسحب الدعم عن المنتجات الزراعية قضت بتقديم طلب للبنك الدولي لتقديم مساعدات فنية لاستخدامها في زيادة الإنتاج والإنتاجية في القطاع الزراعي لتقليل الفاقد الكهربائي للمساهمة في إزالة الدعم، ومن المعروف أن المنتجات الزراعية السودانية أسعارها مرتفعة.. ويرى المراقبون أن سحب الدعم يساهم في الزيادة بصورة أكبر، ووصف البعض القرار بالكارثي، حيث يرى عدد من المزارعين أن الدولة اتجهت لرفع الدعم عن القطاع وبعض المنتجات الزراعية مما أسهم في خروجها من السوق.. ولكن نائب رئيس الاتحاد العام لمزارعي السودان غريق كمبال قال إن القطاع يفتقر للدعم الحقيقي من قِبل وزارة الزراعة ولكن تساهم بتوفير بعض التسهيلات للقطاع، مؤكدًا أن القرار سيكون له أثر إيجابي على الزراعة.. ولكن الناطق الرسمي باسم مشروع الجزيرة والمناقل جمال دفع الله قال إن مشروع الجزيرة يعد من المشروعات الكبرى لإنتاج القطن والذرة والفول والقمح، مشيرًا لخروج الدعم الحكومي لمحصول القطن منذ سنوات بالرغم من وجود دعم قليل للقمح في هذا الموسم بمبلغ 250 جنيهًا وكذلك التأمين الزراعي حيث أكد وزير المالية استمراره، أما دعم الأسعار فقد خرج القطن عنه منذ سنين، موضحًا أن اتجاه الوزارة لهذا القرار يعني عدم رغبتها في زراعة المحاصيل الزراعية خاصة النقدية، واعتبر القرار يسهم في تدمير القطاع الزراعي والاعتماد على قطاع البترول في دعم الميزانية، لافتًا لضرورة تمسك الدولة بدعم محصول القطن والقمح باعتبارهما من المحاصيل النقدية.. من حيث المبدأ العام أي سحب الدعم يؤدي إلى زيادة التكلفة هذا ما ابتدر به الخبير الاقتصادي حسين القوني حديثه، مشيرًا لارتفاع تكاليف المنتجات الزراعية المحلية، مبينًا أن القرار من شأنه التأثير سلبًا على القطاع الزراعي مع ضعف الإنتاجية مما يسهم في ارتفاع التكلفة للمنتجات وبالتالي يؤدي إلى زيادة التضخم ، موضحًا أن حجم الدعم يؤثر سواء كان كبيرًا أو صغيرًا، مضيفًا أن القرار يؤثر على نشاط عدد كبير من المزارعين في السودان، داعيًا أن تتم دراسة القرار وآثاره المترتبة بدلاً من النتائج العكسية على قطاع الزراعة باعتبارها من القطاعات المهمة خاصة أن معظم موارد البلاد موارد ناضبة، وقال يجب التركيز على القطاع الزراعي.. الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أوضح أن قرار سحب الدعم عن المنتجات الزراعية يساهم بصورة كبيرة في زيادة أسعار مدخلات الإنتاج مما ينعكس على عائدات المنتجات الزراعية، مبينًا أن القطاع الزراعي في السودان يفتقر لتوفر الدعم مما كان له أثر في تخلف الإنتاج في الوقت الراهن وعدم الأداء بكفاءة، بجانب تهجير عدد كبير من المزارعين للقطاع والبحث عن أنشطه أخرى، وقال إن القرار يتناقض مع سياسات الدولة الرامية لتطوير القطاع ومساهمة الصادرات التقليدية في الاقتصاد بجانب سياسة الدولة لدعم القطاع من أبسط قواعد الدعم هو عدم رفعه، منوّها لضرورة عدم تطبيق القرار.. الخبير الزراعي أنس سر الختم قال إن القرار سيؤدي لتدمير الزراعة بصورة نهائية، وأن السياسات السابقة أقعدت القطاع من قبل، مضيفًا أنها تؤدي إلى إحداث مجاعة بالبلاد، وقال إنها لا تصب في مصلحة القطاع الاقتصادي ولا المواطن.