ما صدر عن مجلس الأمن والسلم الإفريقي، في بيانه عقب اجتماعاته التي اختتمها أول من أمس بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هو السكوت عن نقل ملف أبيي لمجلس الأمن الدولي، وتمديد المهلة المحددة للطرفين للاتفاق حول حل قضية أبيي إلى يناير القادم، لتعرض نتائج ما تم التوصل إليه للرؤساءالأفارقة في الدورة الحادية والعشرين للجمعية العامة للاتحاد الإفريقي مطلع العام المقبل، ودعوة الرئيسين البشير وسلفا كير للالتقاء مرة أخرى على هامش القمة الإفريقية المرتقبة في يناير بأديس أبابا لحسم القضايا الخلافيةالعالقة والخروج بها من عنق الزجاجة بما فيها قضيتا أبيي والحدود. ربما يكون الحل التوفيقي الذي توصل إليه المجلس، يمثل رغبة السودان الذي كان يسعى لمنع رفع ملف أبيي لمجلس الأمن الدولي، وكانت كل الاتصالات السياسية وزيارات كبار المسؤولين في الدولة وجولاتهم في الإقليم والعالم، لتفادي نقل هذا الملف إلى الأممالمتحدة ومجلس أمنها، وربما تكون هذه الخطوة التي تمت تتماشى مع مراد الخرطوم، في ذات الوقت الذي سعى فيه مجلس الأمن والسلم الإفريقي لإرضاء دولة الجنوب، بتجديد موافقته على مقترحات وتحركات اللجنة الإفريقية رفيعة المستوى برئاسة ثامبو أمبيكي. لكن المزعج حقاً ويعبِّر عن حَيرة كبيرة تضرب بأطنابها، هو الدعوة لعقد قمة رئاسية بين البشير وسلفا كير للنظر في ذات القضايا من جديد، خاصة أن الاتفاقيات الثماني الموقعة في 27سبتمبر الماضي لم تجد طريقها للتنفيذ الفوري، كما يقال في أروقة مجلس الأمن والسلم الإفريقي. فإذا كانت قمة «البشير سلفا كير» المقبلة على هامش القمة الإفريقية القادمة ستناقش العقبات التي أعاقت تطبيق وتنفيذ ما اتفقا عليه في سبتمبر. ودائما تأتي بيانات المنظمات الإقليمية والدولية في مثل هذه الحالات ملأى بالعديد من المثاليات السياسية وتجنب قول الحقيقة كاملة، فواضح من بيان مجلس الأمن والسلم الإفريقي، أنه يريد موازنة القضايا والمواقف المطروحة أمامه، والحديث بلغة مائعة لا تعطي دلالات قوية ومحددة. فالمجلس يعلم تماماً ما هي العقبات التي حالت دون تنفيذ الالتزامات من طرف دولة الجنوب في اتفاقية الترتيبات الأمنية، خاصة ما يتعلق بالانسحاب من المناطق السودانية التي توجد فيها قوات دولة الجنوب، وإنشاء المنطقة الأمنيةالمنزوعة السلاح، ووقف الدعم للحركات المسلحة المتمردة في دارفور التي تتخذ من الجنوب قاعدة ومنصة للانطلاق في عملياتها الحربية ضد بلادنا، ثم قضية فك الارتباط مع ما يسمى بقطاع الشمال في الحركة الشعبية المتسبب في الحرب الدائرة في جنوب كردفان والنيل الأزرق. إذا كان الاتحاد الإفريقي ومجلس الأمن والسلم التابع لمفوضيته، يرغب بالفعل في حل الخلاف السوداني مع جنوب السودان، فعليه أن يكون عادلاً في نظرته للخلاف، وقادراً على التقييم الصحيح لما يجري، ومراجعة الآلية الإفريقية رفيعة المستوى بقيادة أمبيكي التي عقّدت الأوضاع أكثر من سوقها نحو ضفاف الحلول المقبولة.. فأي قمة جديدة بين البشير وسلفا كير، لن تأتي بأفضل مما جاءت به القمة السابقة التي جمعتهما، وليس هناك ما يناقشانه أكثر من الذي سبق، فما الفائدة؟؟ --- الرجاء إرسال التعليقات علي البريد الإلكتروني عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.