أجواء خريفية رائعة تعيشها الولاية الساحلية هذه الأيام، شوارع مسفلتة متراصة في جميع الأحياء «القريبة» من وسط عاصمة البحر الأحمر «بور تسودان» وان زرت هذه الولاية للمرة الأولى لجزمت انك أخطأت الدرب فأنت لست في البورت وإنما في العروس الشرقية الاخرى «جدة» مع العلم ان تلك المدينة القريبة من الكعبة الشريفة لم تشهد مهرجاناً للسياحة كما تشهده عروس شرق السودان الآن، وان أرهقت نفسك قليلاً للتجوال في هذه المدينة ولكن ليس في وسطها وإنما على بعد كيلومترات قليلة لشاهدت العجب وتزداد دهشتك أكثر إن ذهبت نحو «الإسكندرية» التي لها من الأجواء الطبيعية ما يسحرك ولكنها تفتقر للكهرباء والخدمات الأخرى الضرورية، ويكفي فقط التجوال في حدود الإسكندرية والوحدة ونهايات سلالاب لتدرك أن هذه المهرجانات السياحية لا معنى لها وكذلك لا جدوى. سبعة أيام فقط في الولاية الساحلية «وليس المدينة» أصابتنا بالإحباط و«الغثيان».. سبعة أيام طفنا من خلالها على بعض المناطق القريبة جداً من بورتسودان وكذلك البعيدة بعض الشيء فوجدنا «بشر» في شمال الولاية عند محلية القنب واللاوليب يصرخون من الإهمال والفقر والمرض و... و... وقائمة طويلة من المعاناة، ومع ذلك قال لنا شيخ طاعن في السن «قلنا ممكن الحكومة مشغولة عنا بالمشكلات وليس لديها مال لإنقاذنا وحينما تفيق من مشكلاتها هذه فلن تجدنا»، وغيره وجد العذر للحكومة فهي مشغولة بالليالي «أفراح» وحنان بلوبلو وغيرهما من أهل الغناء والرقص، أما في جنوب الولاية فالواقع مرير عند طوكر تلك المدينة الضخمة التي تضاءلت بالإهمال، الناس هناك يصلون بانتظام في المساجد يدعون الله ان يفرج كربهم وييسر أمرهم وقالوا لنا «أصبحنا لا نرجو من الولاية ولا المركز شيئًا ولكن ندعو الله ان يصبرنا على ما نحن عليه فهو الجبار والقادر على كل شيء، أما غرب الولاية عند هيا ودرديب وغيرهما من المناطق الناس يشتكون من الكثير والمثير، وكذلك في بور تسودان وسواكن و...و... وكل مدن الولاية وثقنا لها بالصورة وحديث أهلها وشيوخها وعمدها، فقراءها واغنياءها كبارها وصغارها، علماءها وغيرهم من يكتوون بنيران الإهمال، حتى نادي هلال الساحل الذي كان من المؤسسين للدوري الممتاز أصابه شيء من هذا القبيل ليهبط مودعاً تاريخه الطويل، فوقفنا عند أسباب الهبوط الحزين، الكثير من المواضيع جئنا بها من الولاية الساحلية وسنعكسها بالصورة التي لا تكذب ونرجو الله أن يجد أهلنا في تلك الأرياف والبنادر الاهتمام من اجل مستقبل مشرق.