في جامعة الخرطوم عندما كان الزخم السياسي في أوجه أواخر التسعينيات وبداية الألفيه كان المطلب الرئيس هو اتحاد الجامعة الذي كان غير موجود فشهد النشاط السياسي في ردهات الجامعات حراكاً لم يكن مسبوقاً يوماً واستدعى مدير الجامعات قوات الاحتياطي المركزي لوضع حد لفوضى الطلاب كما صرح وقتها ولم يحدث في كل هذا المرات أن حدثت خسائر في الأرواح ولم يتعرّض الطلاب لمدير الجامعة البروفسور عبدالملك محمد عبدالرحمن بأي محاولة عنف وأقصى درجات الاحتجاج وصلت إلى مقاطعة حفلات التخرُّج التي تقيمها الجامعة، مما دعا مدير الجامعة بعد سنوات من المناورة إلى النزول إلى قاعدة الطلاب والجلوس معهم في محاولة لفهم مطالبهم التي انتهت بتدشين «كوسو» الأمر الذي جعل الطلاب يحترمونه وجعلني ارتقي أربعة طوابق في كلية العلوم بجامعة الخرطوم لأقدم للمدير الذي كان عدوًا يوماً ما نسخة من أول رواية طبعتها عام 2006 ولمحت في عينيه شيئاً دعاني أن أفهم أن اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية فأين اختفى هذا الود بين الطلاب ومديري الجامعات، بل بين الطلاب أنفسهم؟ شهدت الأيام الماضية مشاهد عنف غريبة متبادلة بين الجامعات وطلابها أثارت قلق الرأي العام حول: إلى أين يؤدي هذا المنزلق الذي تستفيد منه جهات دون غيرها وبالتأكيد الطلاب أول الخاسرين في نهاية الجولة التي تبدأ في الخفاء وتنتهي بحماس طلاب لم يكملوا عقدين من الزمان تتحكم فيهم ظروف وجدوا أنفسهم فيها لها أبعاد أعمق من خبرتهم في الحياة وقدرتهم على رؤية الجوانب التي تحتفظ بها جهات أخرى كمثلجات لما بعد حفلة الشواء! بدأت في جامعة الخرطوم قصة رسوم طلاب دارفور فوضع البروفسور حياتي نقطة لها وبدأ سطر جديد فانطوت الصفحة ولم تفتح إلا بعد أحداث جامعة الجزيرة التي استيقظ الطلاب صباح الجمعة على أربع جثث للطلاب خرجت من قاع ترعة المزرعة التجريبية بجامعة النشيشيبة لتفتح أبواب التكهنات والإشاعات لأقصى مدى يحتمله التوتر الموجود أصلاً في ولاية تشهد هدوءاً ظاهرياً وغلياناً داخلياً تنفس عنه من حين لآخر بأسلوب جديد وحرك موجة احتجاجات في اليوم التالي عند طلاب جامعة الخرطوم ومن بعدها وصلت موجة البلبلة لجامعة الإسلامية التي أصيب فيها أكثر من مائة طالب وتم اختطاف أربعة! ولم تهدأ الأوضاع رغم خروج تقرير يؤكد أن أسباب الوفاة كانت بسبب الغرق إلا أن المواقع الإسفيرية تصرُّ على أسباب أخرى تصر على زيادة الاحتقان الذي سيولد المزيد من العنف الذي كان جديراً بنقل العدوى إلى طلاب جامعة الإمام المهدي التي في لقطة أشبه بأفلام الآكشن حاول أربعة طلاب حرق مدير الجامعة داخل مكتبه لولا أن أنقذه زملاؤه بسبب عدم وصولهم لنقطة تفاهم حول أمور تتعلق بالبيئة والمستوى في الجامعة! أكد محللون أن التنشئة الاجتماعية سبب رئيس في العنف الطلابي يقول عادل بشير اختصاصي الطب النفسي ل «الإنتباهة» : «هناك طلاب لهم أسباب جعلتهم عدوانين فيمارسون العدوانية أثناء التظاهرات وبعضهم يكتسبها من البيئة الجامعية والعنف الطلابي في السودان مرتبط بالسياسة ونحن نتساءل كيف سيحكمون السودان إذا كانت هذه تصرفاتهم داخل الجامعة مما يؤدي بالتالي إلى ضعف التحصيل الأكاديمي وهناك حالات حمل السلاح داخل الجامعة وكل جامعات العالم لا تسمح بممارسة السياسة داخل الجامعة، لذا لا بد من فصلها تماماً عن الجامعات. فيضان التوتر الطلابي الذي ضرب الساحة هل يعرف طريقه للانحسار حتى يتم تفقد الخسائر في الأموال والأرواح وتحدث إعادة ترميم للمنطقه بعد قرار إعفاء طلاب دارفور من الرسوم وظلال الذنب التي كانت واضحة في خطاب مدير جامعة الجزيرة أم سيكون من الصعب إصلاح الجرة؟!