من ضمن الأهداف والثوابت التي قامت عليها ثورة الإنقاذ الوطني هي تمكين شرع الله والشفافية والصدق في التعامل. ورأينا جميعنا كيف أن قادة المجلس العسكري حينها قد بهروا الناس ببساطتهم وتعاملهم الراقي مع الجميع.. حتى دخلوا جميع القلوب وتعاطف الناس معهم. وتمت أسلمة كثير من الأشياء وعلقت الأحاديث النبوية والآيات التي تدل على مكارم الأخلاق والجهاد في أماكن بارزة من العاصمة لدرجة أن المرجفين في المدينة وبني علمان قد أشفقوا على أنفسهم ورأوا أن ما سطرته أقلامهم وشيدوه بأيديهم ينهار أمامهم. ونسبة لطبيعة الشعب السوداني المتدينة بالفطرة فقد التقوا جميعاً حول الثورة ووقفوا معها في أحلك المواقف والظروف عندما رفعت شعار التمكين وتطبيق شرع الله. وانتظرنا طويلاً حتى يتحقق ذلك. وأوجدنا لهم العذر في سنواتهم الأولى واعتبرناها مرحلة تكوين وبناء. حتى بعد مرور كل تلك السنوات رفعها المؤتمر الوطني كشعار له فاكتسح جميع الأصوات المسجلة وفاز بالأغلبية الساحقة. إننا نتفهم موقف كثير من الأحزاب السياسية في ما يختص بالشريعة الإسلامية ونرى أنها لن تتبنى هذا الطرح. وذلك لأن معظم فواتيرها يتم تسديدها من الخارج. ونتفهم موقف المؤتمر الشعبي الذي كان زعيمه ينادي آناء الليل والنهار وفي جميع مجالسه بتطبيقها ولكنه ركل هذه الفكرة تماماً وذلك لأنها تتطابق مع دعوة وايدلوجية المؤتمر الوطني وكراهة في الوطني فهم لا يريدون أي شيء مشترك بينهما ويتجلى ذلك عندما أعلنها الرئيس في القضارف ومدني بتطبيق الشريعة فإن أول حزب هاجمه كان الشعبي وذلك يدعونا إلى طرح عدة أسئلة ولا بد من الإجابة عنها. هل رأى هؤلاء السياسيون تهافت ولهفة الشعب السوداني إلى تطبيق الشريعة فأصبح الساسة يتاجرون بهذا الشعار. وهنالك سؤال آخر إلى المؤتمر الوطني القابض على زمام الأمور المهيمن على الجهاز التشريعي والتنفيذي ماذا حدث للمشروع الحضاري الذي ناديتم به قبل اثنين وعشرين عاماً. لأن ما نراه الآن يجعلنا نقول إن الدولة السودانية هي إسلامية الاسم علمانية المظهر. وخاصة أن اتفاقية نيفاشا كان لها دور كبير في هدم كل مجهودات الإسلاميين الخلص من أبناء هذا الوطن الحادبين على تطبيق الشريعة ونجاح المشروع الحضاري. لأن هذه الاتفاقية قد كممت كثيرًا من الأفواه الصادقة وكبلت كثيرًا من الأيدي الطاهرة فمرح وسرح بنو علمان فينا كثيراً وتم تدمير كثير من القيم الطاهرة والفاضلة التي كانت مغروسة في المجتمع السوداني. فحثالة المجتمع السوداني ونحمد لله على انفصاله كان لها صوت قوي وجهور في برلماننا فتم تقييد هذه القوانين وأصبحت حبيسة الأدراج للدرجة التي منع فيها عرمان البسملة على ترويسة خطاباته وبياناته وللدرجة التي أيقنا فيها جميعنا أن هنالك عملاً مدبرًا ومنظمًا حتى لا يرى المشروع الحضاري النور. ولكن الآن وبعد تمايز الصفوف وتمايز الخبيث من الطيب وانفراد الأغلبية العظمى بالحكم وجب علينا أن نستنشق طعم الحرية وأن نختار طريقة الحكم التي نريدها وبالقوانين التي نختارها. وأن نجعل هذا البلد إسلامي المعنى والمضمون لأن هذه أمانة ثقيلة في أعناق قادة الوطني والتي من أجلها اكتسحوا بها الانتخابات. فإن حدث ذلك فهم أوفياء لعهدهم وإن لم يحدث ندرك حينها أنه قد تم النصب علينا وخداعنا باسم الدين وحينها لنا الحق في الرد. ورسالة أخيرة أوجهها لقادة هذه البلاد إن المشروع الحضاري يحتضر فلا بد من عمليات جراحية لإنقاذه ولنبدأ فوراً باسلمة الشارع السوداني ونعيد له نقاءه وطهارته كما كان قبل نيفاشا. ونحارب جميع الظواهر السالبة التي أفرزتها نيفاشا. ونفعِّل جميع القوانين الإسلامية ونستمد دستورنا وقوانيننا من كتاب الله وسنة رسوله فيها أنتم المفلحون حقاً، ومرحباً بطول قيادة.