أعود بكم في هذه الذكريات إلى عام «1929م» حيث تقول التواريخ إن ميلادي كان مسقط رأس قرية البسلي ضواحي الدامر وهي على ضفاف نهر عطبرة.. وهي قرية تبدو بداوتها وليست هي بندر كما يقول شاعر المناصير توفيق صالح جبريل دامر المجذوب لا أنت قرية بداوتها تبدو ولا أنت بندر وعمدتها كان والدي صالح ود جيب الله الذي حضر أيام المهدية وحارب في موقعة النخيلة بنهر عطبرة «11 أبريل 1898م» ثم كان عمدة في عهد الإنجليز «1919م 1985م» هذه سيداتي سادتي نبذة تاريخية وتسلمت العمودية من والدي في أوائل السبعينيات حتى جاءت تصفية الإدارة الأهلية في حكومة النميري «1969م» وكانت حكومة نميري يديرها الحزب الشيوعي وهم الذين حلوا سجل الإدارة (شوف مضرّة أولادنا الشيوعيين) يعني حلوا نظامًا كان يحكم الأقاليم بالعرف والصلح.. المهم والحمد لله بعد ما حلونا دخلنا البرلمان بتاعهم وهم أغلبهم دقوا الدلجة قايلين بالله ده شعب ودخلنا البرلمان نحن جماعة الإدارة الذين حلونا ناس ترك ناظر الهدندوة وناس ود أبو سن نظار الشكرية وعمكم الشهير بابو نمر ناظر المسيرية ود مادبو الناظر وعبد القادر منعم منصور ناظر حمر ويوسف المكي عدلان ناظر الفونج ومحمد المنصور العجب ناظر الدندر وتعال شوف الشمالية فاز فيها عبد الله الزبير الملك ناظر دنقلا والشايقية فاز عمدتهم محمد ود كنيش. تعال كمان الرباطاب فاز العمدة الحاج علي صالح عمدة نهر عطبرة يعني أنا وأعوذ بالله من أنا كاتب هذه السطور والزعيم طيفور محمد شريف شيخ خط العلياب والزعيم مبارك علي جاد الله والناظر محمد الصديق طلحة أبو دليق. يعني هزمنا أبناءنا الشيوعية (الذين أقول إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية) دخلنا البرلمان نمشي الهوينا طرباً وتعلمنا الكلام من هذا المنطلق وبناء مجتمع الكفاية والعدل ونقطة نظام سيدي الرئيس (يعني ما شاء الله فصاحة شديدة). وللحقيقة والتاريخ فإن للرئيس نميري موقفاً حيث شعر الإخوة الشيوعيون بأن رجال الإدارة دايرين يفوزوا وقالوا دايرين نعطّل الانتخابات، قال لهم لو عطلتوها بقطع روسينكم. أما أن النميري مفكر رغم اختلافنا معه وافق على دخول البرلمان وشكرناه على هذا الموقف ولكن عندنا لوم على أولادنا الشيوعية بي جهة لأنهم حلونا ونشكرهم أتاحوا فرصة دخول البرلمان ولما جاء الزعيم بابو نمر ناظر المسيرية للبرلمان قال لهم النميري طردناكم بالباب وتجونا بالشباك قال لهم بابو في طرافة نحن جابنا الشعب يا ولدي: أيها السادة والسيدات أرجو أن لا أكون خرجت من الموضوع كما يشاغلني ابني عمر قرين حينما ندخل على وزير لأطلب منه شيئًا للبلد وأنا بطبعي أدخل في الكلام وأنسى الموضوع ويقول ابن عمر يا عمدة ادخل في الموضوع السيد/ الوزير ما عندو وقت ويتدخل مساعد الرئيس وهو نافع علي نافع قائلاً يا قرين العمدة علي كيفو العمدة يتكلم زي ما هو داير وأمره مقضي.. وظللت أمام الوزير أعد أيام كنت مناضلاً جسوراً وهنا قال قرين أفو يا عمي العمدة كمان تشكر في نفسك عيب هذا لا يليق بك ألم تعلم شكار نفسو إبليس.. ولكنني أقف عند كلام عمر الرائع أقول له يا ابني النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي واستغفر الله أنا فعلاً شكّرت نفسي ويتدخل مساعد الرئيس نافع ليحسم الموضوع ويريح نفسو ليلحق اجتماعاً يسلم أوراقي للابن اللواء صلاح أبو مرخة، أو صلاح كنقور كما يسمونه وهو مدير عام الأطراف الجلدية يعني إذا عندكم زول كراعو مكسورة تعالوا للابن صلاح الدين فهو رجل صادق وأمين.. وهنا ينظر للابن عمر قريب خلاص يا عمدة الوزير حولك إلى اللواء صلاح وقلت في نفسي هل كراعي مقطوعة افتكرها نافع ليحولوني إلى مدير الأطراف قال لي نحنا فهمنا طلبك فقط صلاح يذكرني: كل هذه الذكريات أعيدها تقديراً للمهندس إبراهيم محمود وزير الداخلية أهداني بندقية خرطوش عيار «12» هي سلاح حديث فقط لأقتل بها الكلاب السعرانة وكمان أنا بتاع صيد وفقط أشكر الوزير وهنا يقول لي ابن عمر قرين لله درك يا عمدة وشكر الوزير واجب لموقفه معي وكمان أشكره باسم أهلك بنهر عطبرة وأهلنا بالعالياب وكلنا نحب لك الخير. ولي لقاء في استراحة قادمة