تمر علينا هذه الايام الذكرى السابعة والخمسين للحرية والاستقلال لوطننا السودان العزيز 57 سنة وكل هذا العمر المديد في كنف الحرية والاستقلال ولايزال من بقي من «العمال» ينتظرون استجابة الدولة لرفع الحد الادنى لاجورهم الدنيا الضعيفة المنهوكة الكسيحة وقد ظلت هذه الحالة حالة انتظار استجابة الدولة لرفع الحد الادنى تلازم «العمال» في كل عهود ادارة اخوتهم «الخريجين» لانظمة الحكم الوطنية العسكرية منها والديمقراطية لان خندقهم هو نفس الخندق الذي انطلقت منه جحافل «العمال» في اضرابهم الشهير في اواخر الاربعينيات في قلعة النضال عطبرة والذي تحقق به تركيع الادارة البريطانية الاستعمارية واذلالها وتحقق به انتزاع الحرية كل الحرية ليس لاكبر قطاع منظم هو قطاع العمال بل للامة السودانية كلها والتي التفت بكل فصائلها واحزابها وطوائفها في اجتماع قومي دعمًا وتأييدًا ودفاعًا عن العمال. ولن يختلف اثنان ان ذلك كان احد اهم الاسباب المباشرة التي عجلت برحيل الاستعمار وفتح باب الاستقلال بعد مضي خمس سنوات فقط من انتزاع جحافل «العمال» للحرية وباضرابهم الاخير الطويل والشهير فكان النتاج لذلك والمحصلة ابرام اتفاقية الحكم الذاتي والجلاء للجيوش الاجنبية ودفع مال الفداء وسودنة الوظائف ثم يرفع الزعيمان الازهري والمحجوب العلم ايذانًا بالاستقلال التام والحرية الكاملة وفي حضور مهيب يتقدمه ويشرفه السيدان الجليلان الميرغني والمهدي وكل رموز السيادة وكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية في القصر الجمهوري وتحفه من خارجه مشاعر جماهير شعبنا بكل قطاعاته وبخاصة قطاع «العمال» ورموزه الزعماء سليمان موسى رئيس هيئة شؤون العمال والطيب حسن السكرتير وكل رفقائهم. تمر علينا هذه الايام الذكرى السابعة والخمسين ذلك اليوم المشهود والمأمول بتحقيق معاني الاستقلال والحرية في العيش الرغد الكريم وفي التوزيع العادل للدخل القومي ولكن يبدو انه ليس كل ما هو مرجو ومأمول يُنال او يعطى للعمال حتى لو كان حدًا أدنى للاجور حيث ما زالوا ينتظرون الدولة والحكومات عبر تقديرات كل ميزانية عامة لرفع الحد الادنى للأجور ودفع الظلم والانين عن كاهل من بقي من هؤلاء العمال في الخدمة ومن قذفت بهم وبمصالحهم ومصانعهم الرياح وعواصف الخصخصة خارج الخدمة او بالتقاعد والمعاش. حتى صار انتظار العمال الطويل لاستجابة تقديرات ميزانيات الدولة لرفع الحد الادنى للاجور بمعدل مناسب معقول امرًا متعسرًا للغاية وبعيد المنال بحجة ثابتة هي «عدم مقدرة الخزينة على الدفع» مع ملاحظة ان الميزانيات هي تقديرات وتوقعات فلماذا لم تتم تقديرات تبيح المقدرة على الدفع وقد تسبب هذا الامر امر التعسر «وعدم المقدرة على الدفع» في تراكم واطّراد الزيادة في رقم الحد الادنى لتكاليف المعيشة اليوم لأكثر من مليون جنيه «بالقديم» ليس 425 او 450 حسب الجدل الذي يدور بين خبراء الاقتصاد وقادة اتحاد العمال من جانب ووزارة المالية الاتحادية وخبرائها وولاة الامر فيها من جانب آخر وبين هؤلاء واولئك نشأ واحتدم اختلاف وصراع والكل من الطرفين يسعى ويحشد لكي ينتصر لرأيه وفكرته حول رفع الحد الادنى لاجور العمال ل425 جنيهًا مرتبًا للعامل في الشهر او رفض ورفعه وما كان ينبغي لهؤلاء ولا اولئك ان يكون الصراع والاختلاف هكذا بين خيارين هما رفع الحد الادنى لأجور العمال او رفضه لكي لا يكون في الحالين او الخيارين ان الخاسر هم العمال وكل الفئات الضعيفة المستهدَفة برفع الحد الأدنى. ومن هنا فإننا نرجو في ما قل ودل من مطلب محدد من الطرفين ان يكونا طرفًا واحدًا وهم كذلك لكي يعدلوا في استحقاقات العمال في الاجر «الحقيقي» للحد الادنى لتكاليف المعيشة قبل ان يجف عرقهم. التحية والتهنئة لجماهير شعبنا بمناسبة هذه الذكرى المجيدة والرحمة والرضوان لكل بناة الاستقلال.