لقد اختلط حابل الاستقلال.. بنابل الكريسماس ورأس السنة ولعله كان من المتوقَّع أن أقول عيد الاستقلال.. وعيد الكرسماس.. وعيد رأس السنة.. ولكنني لم أفعل مع سبق الإصرار والترصد.. وما ينبغي لي، وما ينبغي لأحد منا أن يقول ذلك لأنه ليس لنا في أي منها عيد.. وأعياد المسلمين ثلاثة الفطر والأضحى والجمعة، وفي رواية أن يوم عرفة هو أيضاً عيد للرواية التي رُويت عن سيدنا عمر مع اليهودي الذي جاء يحمل آية «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي.. » قائلاً: لو نزلت علينا معشر يهود لاتخذنا يوم نزولها عيداً فقال عمر: إني والله لأعلم أين نزلت ومتى نزلت وكيف نزلت. وتقول الرواية إن عمر قصَّ أنها نزلت يوم عرفة في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع.. وقيل كانت آخر ما نزل.. والشاهد أن الاستقلال ليس عيداً. لا من حيث التاريخ.. ولا من حيث المحتوى والمضمون. فمن حيث التاريخ فإن الاستقلال كان يوم 19/12/1955م فجعله البريطانيون 1/1/1956م بدوافع قد لا تخلو من التآمرية. وأما من حيث المحتوى والمضمون.. فنحن لمّا نستقلْ بعد. وذلك لأن الاستقلال معناه الاعتدال والقوة والاستقامة في السير، ومنه قول الشاعر كثير عزة.. وكنت كذات الظلع لما تحاملت على ظلفها بعد العثار استقلت وهو عيد عند النصارى ومسماه رأس السنة الميلادية على أن أعياد الكريسماس تبدأ عند المسيحيين في يوم 25/12 ويعتبرون ليلة 31/12 من كل عام ميلادي عيداً لهم وتستمر أعيادهم إلى يوم 7 أو 8 يناير وذلك لاختلاف كنائسهم ومذاهبهم. وليس عيد الميلاد أو عيد الكريسماس هو أهم أعيادهم وإنما أهم أعيادهم على الإطلاق هو عيد القيامة وهو عيد قيامة المسيح بعد الصلب حسب معتقدهم وهو أيضاً مختلف في وقته حسب الكنائس ويبدأ عند بعضهم أواخر مارس من كل عام ويستمر إلى قرابة منتصف أبريل وهو عيدالفصح وعيد الباسكا وعيد البيض.. حسب المذاهب واللغات ويجب أن يُعلم أن هذه الأعياد وميلاد المسيح وقيامة المسيح وألوهية المسيح إنما أُقرت متأخرة جداً بعد وفاة سيدنا عيسى عليه السلام.. وكان ذلك في عدد من المجمعات والمحافل المسكونية وهي خمسة وأشهرها محفل قوتية عام 325 بعد الميلاد في عهد الأمبراطور قسطنطين. والعيد وفق المصطلح الصحيح هو مناسبة دينية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالدين والتعامل فيها يكون بالفرح والالتزام بالشعائر والشرائع وفق التعليمات الدينية والممارسات المنضبطة ولذلك وجب الالتزام فيها بالتوجيهات الدينية وبالأحكام والشرائع والحلال والحرام. إن الذي يحدث في عيد رأس السنة أو عيد الميلاد أو عيد الاستقلال عندنا أمور يندى لها الجبين.. وأفظع هذه الأمور وكلها فظيعة وبشعة هو مشاركة النصارى في عيدهم بحضور الصلوات في الكنائس أو مجرد دخول الكنائس لغير حاجة حقيقية.. والشاهد أن الامتناع عن دخول كنائسهم هو الأصل الذي ينبني عليه غيره. ولأن الدخول يوم العيد هو تهنئة بالعيد.. والتهنئة بالعيد هي تهنئة بالكفر وبالشرك والتهنئة بالكفر والشرك تؤدي إلى الكفر والشرك أو إلى إثم عظيم على أقل تقدير والمشاركة وإن كانت بغير هذا المعنى فهي تدخل في باب تكثير السواد وفي الأثر من كثّر سواد قوم فهو منهم ويدخل في ذلك أي المنع الترحُّم على الميت واتباع جنازته مع جواز تعزية أهله فيه والدعاء لهم بالعوض الصالح مع نية اعتبار العوض هو الهداية وما إلى ذلك. ويجوز عيادة مريضهم وطلب الطبيب له وجلب الدواء وكل ما يدخل في باب البر والقسط ولا يدخل في باب الولاء والبراء فهو جائز معهم.. ويجوز أكل ذبائحهم إذا ذُبحت للأكل ولم تُذبح على النصب ولا لغرض ديني.. إن الاحتفال بالاستقلال أو برأس السنة الميلادية أو حتى بالكريسماس والذي يشارك فيه المسلمون فزيادة على أنه باب للشرك.. فهو أيضاً أوسع باب للفساد والفاحشة والمخازي والمعايب يجري ويقوم ويرسخ ويتمدد ويشمخ ويعاد ويكرس ويكرر حتى أوشك أن يصبح جزءًا ومعلمًا ورمزاً لدولة المشروع الإسلامي.. إن الذي يحدث ليلة رأس السنة هو سبة في وجه الوطن حكومة وشعباً. وهو سبة في وجه من ادّعى انتماءً إلى السودان أو إلى الإسلام. إن أعياد الاستقلال.. وعطلة الاستقلال.. وأعياد رأس السنة وإجازة رأس السنة كل ذلك يجب أن يُلغى ويُحظر التجوال ليلة 31/12 ميلادية في السودان لمدة عشر سنوات أو أكثر حتى يختفي هذا الجيل وينسى ذلك العار.. وينمحي.. وينشأ جيل جديد لا يعرف هذه المخازي والمعايب التي نضرب صفحًا عن ذكرها اكتفاء بالإشارة. إن على الإنقاذ أن تمنع فوراً الاحتفال بأعياد الاستقلال ورأس السنة. وأصل احتفال النصارى بالعيد على الأشهر يكون يوم 25 ديسمبر من كل عام.. أو السابع من يناير وتُترك لهم هذه المناسبات ليحتلفوا في بيوتهم أو في كنائسهم أو في أنديتهم.. ومن أراد أن يرتكب فاحشة من أهل الإسلام.. أو يبغي شراً أو شركاً.. فنحن نمنعه ما قدرنا على ذلك. فإن أبى فأبواب التعامل معه كثيرة.. وأفضلها على الإطلاق أن تقوم الدولة بدورها الطبيعي في المحافظة على الدين والتديُّن على أصوله المستقرة التي جاء انتدابها في الأصل من أجله.. ومن أجلها.. وشرها وأسوؤها أن نترك ذلك للعوام.. وهو يفتح أبواباً للتطرف لا يسهل سدّها.. ومن المعلوم بالضرورة أن أفضل بيئة لتفريخ التطرف والتكفير والهوس الديني هو التفريط والتهاون والانكسار والانبطاح وتعطيل الشريعة. والتطرف هو رد فعل للتفريط ليس مضاداً له في الاتجاه ولا مساوياً له في القوة.. فهذا يحدث فقط في المادة البكماء.. بل مشكلة التطرف أنه يأتي في كل الاتجاهات لأن التطرف انفجار.. وكذلك يأتي أقوى من التفريط مئات بل آلاف المرات لأنه شحن وتحريض. فلماذا تفتح الدولة الباب على مصراعيه للزنا دون أن تحرِّك ساكناً.. ونقول للدولة لعل الدولة تتحرك أو تستحي أو تثور فيها نخوة عروبية أو إسلامية.. أو سودانية أو رجولية.. أو إنسانية.. أو أي نوع من أنواع النخوة ولو كانت غيرة البقل ونخوته. ونقول للدولة إن الحالة التي تسمح فيها الدولة عشية عيد السنة الميلادية حيث يكون الزنا فيها مباحاً ومطلوباً وهو السلعة الرئيسية التي يروجها الجميع هذه الحالة لها اسم قبيح ومعروف ومشهور لو قيل للخنزير لما رضيه.. ولا براءة للدولة من هذا الاسم إلا أن نسمع إعلان إبطال أعياد الاستقلال ورأس السنة وحظر التجوال!!