انتميا لجيل واحد فكان قدرهما التضحيات والصبر على إنجاز ما يحلمان به. فذلك جيل عُرف بضيق فرص التعليم واتساع هوة العمل بمختلف المهن بعد إكمال الدراسة المتوسطة. في نهايات العقد الرابع ولد الاثنان ففي العام 1950م أبصر حسن مكي النور لأبوين اهتما كثير الاهتمام بابنهما فكان المولود بقدر ما كان يحلم به الأبوان إذ صار علمًا من إعلام المعرفة السياسية والتحليل الصائب لمجريات الوقائع السياسية. بالأولية بزّ حسن مكي أقرانه في مجال كتابة الإنشاء والتفوق في مواد المنهج الأكاديمي. لتأتي المرحلة الوسطى التي اتضحت فيها معالم طريقه فكان قارئاً نهماً للتراث الأدبي العربي والقرآن الكريم ليصل فيما بعد لمرحلة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمون التي كان أبرز مثقفيها يوماً ما. أما د. كمال عبيد فمن حظه أن عمل فترة حياته كمعلم بالمرحلة الوسطى وهي المهنة التي فتحت له آفاق السير في النهل من معين الأكاديميات والقراءات الفكرية التي أوصلته لمرحلة إعداد أطروحة الدكتوراه بصورة التناول المزدوج الثقافي والسياسي لمجمل تاريخ العلاقات الثقافية التشادية. اشتهر د. كمال عبيد بنهمه المتكاثر للقراءة والاطّلاع فكان لا همّ له أيام عمله كمعلم سوى القراءة والغوص في أمهات المراجع التراثية والمعرفية وهو سبب مباشر في عمقه الاستدلالي وكتاباته التي طالعها القراء. ومن ذلك العولمة وانعكاساتها على الشباب زائداً مؤلف «دارفور الحقيقة الغائبة» الذي صدر في العام 2004م. في كتابه الأهم (حروب بوش الصليبية) الصادر في أبريل 2006م إشارة مهمة لوجود مفكر وكاتب موسوعي مثله إذ تمكن وبسلاسة من فك طلاسم العلاقة ما بين دعاوى الحرية والديمقراطية التي تطلقها الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع حالات التدمير والتخريب والقتل مازجاً ذلك بحملات الإعلام الأمريكي والموالي له لإيجاد مبرِّر لكل ذلك. في جانب مؤلفات بروفسير حسن مكي تبرز حالة الإمساك القصوى بتلابيب الكتابة والسهولة في عرض المحتوى الفكري مما يجعل المؤلف سهل الهضم المعرفي ومن ذلك مؤلفات عديدة نذكر منها السودان والتعليم المسيحي. وهو كتاب مهم للغاية لمن أراد الاستزادة. من معين المعرفة حول قضايا التعليم في السودان. من ضمن ما كتبه البروفسير حسن مكي باكراً مجموعة مقالات بمجلة. muslim world book review فكان بفضل ذلك واحداً ممن أسهموا في نشر الثقافة الإسلامية في المحيط الإفريقي. الإثنان صبرا على السير في طريق المعرفة والاستزادة العلمية فكان أن وصلا لمرحلة صفوة الأكاديميين ليعملا بالتدريس بالجامعات في نثر ونشر للعلم كإرث لايباد. بجامعة إفريقيا يحلق الاثنان في سماوات العبق العلمي والتواضع الذي عرف به العلماء فلا غرو أن يصبح د. كمال عبيد خلفاً لبروفسير حسن مكي.