الولاية الشمالية: سيف الدين أحمد البنية التحتية التي يرتكز عليها الاستثمار في السودان كانت وما تزال تمثل تحدياً حقيقياً أمام الحكومة لتحقيق النجاح في هذا المجال بسبب المعوقات المتعددة التي تعترض سير العملية الاستثمارية في عدد من الجوانب الرئيسة أهمها توفر المعلومة الدقيقة التي تؤسس لكتابة قانون محصن من التضارب مع غيره من القوانين الأخرى وتختصر الطريق أمام الراغبين في الاستثمار لمعرفة الميزات التفضيلية على وجه الدقة إلى جانب المعوقات والموانع، والجبايات والرسوم، وغيرها من الإجراءات البيروقراطية التي أدخلت الكثير من المستثمرين في حَيرة من أمرهم إزاء التعنُّت غير المبرر من المسؤولين في بعض الجهات الرسمية، وفي المقابل تبقى الجهة الضامنة لحق المستثمر حال فشله في الوصول إلى مبتغاه بسبب تلك المعوقات من أهم الدوافع الرئيسة لجدوى الدخول في المشروع المستهدف، وتأتي الطرق والكهرباء والخدمات الأخرى في ذيل قائمة تلك الصعوبات لإمكانية توفرها عقب التطور الذي تشهده البلاد في هذه الجوانب إضافة إلى الطرق الرئيسة التي تربط مناطق الإنتاج بمناطق الاستهلاك والتصدير. ولعل الحقيقة الصادمة التي لم أكن أتوقعها أنا وزملائي الصحفيون خلال الجولة الأخيرة التي رافقنا فيها وزير الاستثمار، مصطفى عثمان إسماعيل، بالولاية الشمالية لدراسة الوضع الاستثماري والوقوف على معوقاته، هي تحديه لأي من الجهات بتوفير المعلومة الأكثر دقة عن عدد المستثمرين بالبلاد حتى اليوم، إضافة إلى حديثه عن وجود «31» معوقاً رئيسًا للاستثمار، ولذا فإن دعوته التي قدمها خلال اجتماع المجلس الأعلى للاستثمار بالولاية لإعداد ورقة حول معوقات الاستثمار بالولاية، أتت من هذا الباب، وأشار الوزير إلى أن تلك المعوقات تتطلب اتفاقاً بين قانون الاستثمار بالولاية والقانون المركزي الذي يجرى تعديل بعض مواده للتوافق حوله بشكل نهائي وأهمها توفير الضمان الاستثماري بحيث يكون للمستثمر الحق في تقديم شكوى رسمية لرئيس الجمهورية حال عدم تسهيل مهامه بعد حصوله على التصديق بالاستثمار، وأضاف « إننا محتاجون لمشروعات جاهزة ومكتملة الأوراق». ولعل اختيار الحكومة للولاية الشمالية لتكون نقطة الانطلاق نحو إرساء دعائم الاستثمار الجاد أتى من النجاح النسبي الذي تحقق في عدد من المجالات الاستثمارية أهمها الزراعي في مجالات القمح والأعلاف والفول المصري وغيرها، وذلك بعد العهد الذي قطعه الوزير الاتحادي بجعل الولاية محط أنظار المستثمرين لما لها من إمكانات آنية ومستقبلية «الحوض النوبي للمياه» قل أن تتوفر في بقية الولايات الأخرى أهمها الأراضي الزراعية الشاسعة في التروس العليا والمياه المتوفرة داخل الأرض وباطنها والسدود المائية التي توفر الإمداد الكهربائي للتشغيل قليل التكلفة، وأشار إلى تعويل الحكومة على الشمالية لنجاح المؤتمر الاستثماري بعاصمة المملكة العربية السعودية الرياض أواخر فبراير القادم بعد اختيارها من بين ولايات قليلة لتمثيل السودان ، و شملت جولة وزير الاستثمار عددًا من المشاريع الاستثمارية بالولاية أكبرها المشاريع القطرية التي تمتد في مساحات شاسعة إلى جانب افتتاح ووضع حجر الأساس لمصنع المواد الأسمنتية وثلاجة الخضر والفاكهة والمخازن الجافة بمنطقة كنكلاب بمحلية القولد التي تشهد تطورًا في مجالات الطرق الداخلية والمياه والكهرباء والخدمات هذه الأيام، إلى جانب افتتاح المشاريع الصغيرة والخدمية والوقوف على المراحل النهائية لكهربة المشاريع الزراعية التي أشار إلى اكتمال العمل فيها بنسبة تجاوزت ال«70%» بمنطقتي سلقي وكهرباء حوض لتي ومناطق أخرى متفرقة من الولاية، ويرجع البعض اهتمام مصطفى إسماعيل بمنطقة القولد خاصة والولاية بصفة عامة إلى عدة نواحي أخرى من بينها صلته القوية بالمنطقة التي دفعته للحديث أكثر من مرة لضرورة العودة الطوعية لمواطني الولاية الشمالية لا سيما الخبرات من المهاجرين في الداخل والخارج، من ناحيته أكد والي الشمالية د. إبراهيم الخضر، على تسهيل إجراءات الاستثمار بالولاية وتذليل كل العقبات أمام المستثمرين، وعدد المميزات التفضيلية لولايته في هذا الجانب، الزراعي، والمعادن «حديد، وفوسفات وكروم ذهب»، والسياحة، وفي جانب وفرة المياه أشار إلى أن الشمالية بها أكبر محزون للمياه الجوفية «الحوض النوبي»، وعقب التوقيع على مذكرات التفاهم مع الجانب الليبي بالكفرة الحدودية تدخل الولاية الشمالية عهدا جديدًا ربما يجعلها النموذج الحي لباقي الولايات في الاستفادة من إمكاناتها الذاتية.