سخط واستياء شديد ظهر في ملامح تلك المرأة التي انتظرت زمنًا طويلاً حتى تستلم نتيجة فحص تخصّها في أحد معامل الخرطوم المعروفة، وحينما استلمت نتيجتها تملّكتها الدهشة وهي ترى الاختلاف الثالث في نتيجة الفحص الذي أجرته في معامل ثلاثة كل واحد يبعد عن الآخر مسافة ستة كيلو تقريبًا فقالت لي تلك السيدة «والله معاملنا دي تحيّر والواحد بقى ما عارف يصدِّق أي معمل فيها». وكثيرة هي الحالات المشابهة لتلك السيدة «فحص في عدد من المعامل والنتيجة مختلفة»، ويبدو أن العيب ليس في الفنيين السودانيين الذين عُرفوا بكفاءتهم العالية في المجال الطبي وغيره من المجالات، وإنما العيب في الأجهزة الطبية التي تُستعمل في تلك الفحوصات ومن ثم في العديد من الأجهزة الطبية التي تُستخدم في مراحل العلاج المختلفة، وهنا سؤال يفرض نفسه وهو لماذا لا تكون هناك جهة محايدة تعمل على معايرة المعدات الطبية للمرافق الصحية المختلفة قبل التصديق لها بالعمل؟ فمن المعروف أن الأجهزة الطبية تقلّ كفاءتها بمرور الزمن مثلها ومثل كل الأشياء التي يضعف أداؤها بعد فترة زمنية، وإذا تم رصد حالات الوفيات أثناء العمليات الجراحية أو حتى قبلها فمن المؤكد ستكون هناك العديد منها كان بسبب ضعف الأداء في الأجهزة الطبية، فقليل من التخدير من جهاز أكل عليه الزمن وشرب قد يودي إلى الوفاة، وتحليل عينة من الدم عن طريق الخطأ لضعف المايكروسكوب قد يودي إلى الوفاة، وكثيرة هي الحالات التي قد تؤدي إلى الوفاة بسبب هذا أو تلك، وفي وقتٍ سابق قال لي مدير أحد الإدارات الطبية المهمة بوزارة الصحة الذي كان يشغل منصبًا مهمًا في إحدى المؤسسات الصحية إنهم فكّروا في التعاقد مع إحدى المؤسسات «الخارجية» والمتخصصة في فحص الأجهزة الطبية ليتم التأكد من سلامتها مع الترخيص السنوي وكانت الأمور تسير على ما يرام إلا أن ذاك المسؤول ومن معه تحوّلوا إلى مواقع أخرى فلم يتمكنوا من تنفيذ ما خطّطوا له من أجل مصلحة البلاد والعباد، ولكن هذا لا يمنع أن يتم تطبيق هذا العمل حتى لو استدعى ذلك إصدار قرار من مؤسسة الرئاسة باعتبار أن وزارة الصحة لها مؤسسات صحية تتبع لها وتقدم خدمات طبية للمواطنين وهذا يعني أن أية جهة يتم التعاقد معها لإنجاز العمل من قبل الوزارة سيكون تحتها عشرات الخطوط، فهل تشهد الساحة وجود مثل هذه الجهة «الفحصية» حتى يستقيم الوضع في الحقل الصحي؟ نرجو ذلك.