الطيارون أو النفاخون لقب يُطلق على مدمني البنقو الذين يفضلون هذه الجلسات المسائية وعادة ما تتقارب أعمارهم ومناطق سكنهم «ثلة» ولهم ألقاب ومصطلحات يتعاملون بها فيما بينهم، فالبعض يُطلق على هذه «القعدات» المشبوهة نفاخ النار، كابتن طيار، سلنجي قديم ...«حوادث وقضايا» اقتحمت واحدة من تلك المجموعات وجلست إليهم ورصدت جزءاً من حديثهم في عالم اللا وعي.. ندعوكم لسماع حديثهم ونحذركم من فعلهم. ولدواعٍ مهنية نتحفظ على بعض المعلومات. * في الصالون تم الترتيب لجلسة طيارين منذ الصباح الباكر بمنطقة «...» «الثلة» كانت مجموعة من الشباب بينهم طلاب جامعيون وأنصاف متعلمين، تجمعوا بعد العاشرة مساء وفي صالون بمنزل غادر أهله وتركوا أمر حراسته لود الجيران وهو أحد الطيارين، ومهمته تجهيز «المطار» من إعداد للمكان مع تأمينه ومراعاة إغلاق المنافذ حتى لا تتبخر رائحة الدخان، أما مهمة الورق «البرنسيس» والبنقو والند فتوزع بينهم.. وبالمناسبة متعاطي المخدرات يتميزون بكرم فيما بينهم وبالإمكان أن تتعاطى معهم ولو لم تشارك، فكلما غرقت في الإدمان زادت حاجتك للمخدرات وبالتالي فإن المدمنين أكثر الناس عذاباً عند فقدان المخدر .. اكتملت الجلسة وبدأت تفاصيل غريبة. صناعة الطيارة. بدأ «ع» في لف السيجارة وكنت أكثر تركيزاً في تلك اللحظات وقمت بفتح الكاميرا لأخذ لقطات اثناء اللف فغطى «ع» عدسة الكاميرا بيده طالبًا مني عدم تصويره فقلت له لا أريد تصويرك بل أريد تصوير كيفية صناعة الطيارة، وتركت مهمة الشرح للكاميرا. * دوَّرت وكتمت قبل إشعال الطيارة تم إشعال ند بكميات كبيرة وفي ذلك يقول «د» «والله كان ما صنعوا الند دا ما كنا عارفين نعمل شنو؟!»، فرائحة الند هي الوحيدة التي تزحزح «كتمة البنقو»..الطيارة جاهزة وبدأت أبخرتها في التصاعد ببطء وكل يأخذ نفساً ثم يديرها للآخر ولعل ذلك سبب تسميتها ب«المدورة» أي التي تدور في حلقة من هذا إلى هذا أو لأنها تدور عند اللف وبعد دورتين في ذلك الجو الغريب «كتمت وشبكت» وهذه مصطلحاتهم أي صار دخان البنقو والند كاتماً مما يتطلب الخروج لتغيير الجو واستنشاق هواء نقي فإنه لا يمكن فتح الشبابيك قد ينكشف أمرهم بالرائحة ومع استنشاق الهواء البارد تتفاعل تأثيرات المخدرات في عقول الشباب فيطلقون على تلك اللحظات «شبكت» ومع تلك الشبكة، ذهبت العقول وعينك ما تشوف إلا النور... وقد لحظت تأثير هذه السجارة ووجدته يختلف من شخص لآخر.. «ع» ظل يدندن بأنغام الحوت، و«ف» قال إنه يريد الذهاب للحمام لأنه بصراحة والحديث له يعاني من إمساك دائم وبطنو ما بتنزل إلا بعد «تشبك»، وقال إنه حاول العلاج لكنه فشل وترك السجارة لمدة ثلاثة أيام ولم يستطع التخلص من فضلاته، وقال إنه بعد التعاطي يشعر بألم شديد في المستقيم وإن إخراجه دائماً ما يكون مصحوباً بالدم، أما «ك» فقد خلد للنوم مباشرة لأنه قبل أن «يسطل» لا يستطيع النوم، وكلما ابتعد عن السجارة زاد قلقه وتوتره وسهره، قلت في قرارة نفسي سبحان الله تسوي بإيدك يغلب أجاويدك. بيجي بالشوالات!! سألنا «ي» وهو الذي وفر البنقو، وقلنا له «بيتجيبو من وين؟» فقال: البنقو يُزرع بالغرب والشرق ووسط المزارع السرية، ويدخل إلى أم درمان داخل جوالات وهنالك «معلمين» كبار يقومون باستلامها وتوزيعها بينهم ومن ثم يستلم معلمون أقل منهم نصيبهم ويكون ما بين «5» رؤوس إلى كيس وقنطار، فالكيس يحتوي على عشرة رؤوس ودائمًا يتوفر عند معلمي الخرطوم، أما القنطار فيحتوي على «40» رأساً ونجده عند معلمين بحري والوصول لهؤلاء صعب جداً إلا عن طريق معارف. «بقى غالي شديد»!! «و» صاحب القعدة قال إن البنقو مثله مثل أي سلعة ترتفع أسعاره كل حين خاصة في الفترة الأخيرة، فالمدوّرة «حجمها أصغر من ربع رأس الحشيش» كانت ب «...» جنيهات أما الآن فسعرها متضاعف والمدورة ب «5» سيجارات و«6» كروت «ورق برنسيس» وواحد ند. أما الربع كان ب «...» جنيه والآن زاد حوالى «20» جنيهًا والربع ب «8» سيجارات ودفتر ورق وند واحد.. والنص زاد أكثر من «30» جنيهًا من سعره السابق وجلسة النص ب «11» سيجارة ودفترين وعدد ند واحد، أما الرأس فأكد «و» أنه لجلسة الجلابة ونادراً ما تكون جلستهم برأس كامل والسبب ارتفاع سعره، قاطعه «خ» قائلاً «أنا لو لقيت لي رأس ببيعكم كلكم! وذكر «و» أن الرأس ب«30» سيجارة و«4» دفاتر واثنين من الند. * من المحرر: لم يكتمل الحديث فلنا جلسة بإذن الله مع خبير دولي مختص في السميات والمخدِّرات، ولنا جلسة أخرى مع الإخوة بشرطة مكافحة المخدرات لتقييم هذه القعدة.