يظل الحديث في كافة الدوائر الاقتصادية يدور حول دعم المانحين لمشروعات ذات جدوى اقتصادية للسودان مما يمثل عائقًا كبيرًا لتوقف قطار التنمية البشرية باعتبار أن الدعم مقدم من البنك الدولي والدول الغربية التي لم تقدم سوى 38% فقط من أصل المبلغ الدفوع، ويتضح جليًا ضعف الدور الحكومي في ذات الشأن بحسب ما كشفت عنه حلقة النقاش التي نظمها مركز ركائز المعرفة للدراسات والبحوث عن تحليل نتائج لجنة البنك الدولي المستقلة لتقييم دعم المانحين للسودان. وأكد رئيس اللجنة المستقلة الخبير السوداني الكندي المهندس تاج الدين الخزين أن القطاعات التي استهدفتها مشروعات الدعم تلخصت في التعليم، ورفع كفاءة الجهاز القضائي بجانب الإسعاف العاجل، وتنمية المجتمعات التي اعتبرها من أنجح المشاريع، إضافة إلى إعادة تفعيل مشروعات الصمغ العربي، وذكر أن الأساس الذي قامت عليه المشروعات خطة حددت احتياجات السودان من التنمية بواسطة (الجام) بتكلفة 4,5 مليار دولار، مشيرًا إلى عقد مؤتمرين للمانحين في أوسلو 1 و2 أعلن خلالهما المجتمع الدولي التزامه بالمبلغ، وأكد أن ما تم دفعه فعلياً أقل من 10% من المبلغ. لافتًا إلى دور البنك الدولي في توعية المانحين بأن الأموال المدفوعة لن تذهب للمناطق الثلاث التي قامت فيها الحرب فقط وإنما لمشروعات التنمية عموماً، وأضاف أنه في اجتماع المانحين الثاني صدر قرار بنهاية المنح للسودان مما انعكس ذلك على ضعف دعم المانحين للعام 2013م حيث قررت الدول الغربية السبع أن تمويل برنامجها للسودان لن يتعدى مليون دولار فقط. وأقر بمواجهة دعم المانحين العديد من المشكلات، تتعلق بالتنفيذ وهو الأمر الذي تنبهت عليه وزارة المالية بأن جميع الشركات في السودان لم تكن مؤهلة لإدارة تلك المشروعات مما أوقع غالبية العطاءات للشركات السودانية التي تقسم آلياتها للعمل في عدد من المشاريع في وقت واحد، مضيفاً أن إدارة الحكومة لدعم المانحين كان فيه خطأ واضح نتيجة التفكير في إرضاء المجتمع الدولي باعتبارها فرصة ذهبية لإعادة الصلة مع الأسرة الدولية مما نتج عنه إهمال كبير لتحديد الاحتياجات. وأضاف أن البنك الدولي عَيَّن شركة دولية للمراجعة الداخلية والتقييم وعُقد اجتماع دُعي له المدير العام للبنك الدولي بنيروبي للسودان، وتوصل الاجتماع إلى أن البنك كان يقوم بإدارة المال ولم يقُم بمتابعة تنفيذ وجدوى المشروعات وصحة تنفيذها. وأقر بمعاناة السودان من المشروعات المتشابهة التي تعمل فيها أكثر من جهة كالمنظمات حيث تقلل من فائدة بعضها بشكل كبير. مبينًا أهمية توضيح العلاقة بين التزامات حكومة السودان والبنك الدولي والمانحين مؤكداً أن حكومة السودان أوفت بجميع التزاماتها ودفعت كل دولار من نسبتها 62% بينما لم تدفع الدول الأخرى التي بلغت جملة مدفوعاتها 38 % فقط.. وذكر أن المشروعات لن تكون ذات جدوى ولا أثر واضح لها؛ لأن المال والمعرفة والمقدرة لم تبلغ الحد الكامل بحسب الاتفاق الأول مع المانحين. مضيفًا أن الدروس التي يجب أن تستفيد منها حكومة السودان هي دراسة إمكانية التنفيذ للمشاريع والمقدرة عليها، مشيراً إلى انعدام الثقة بين السودان والمانحين لعدم التزامهم، معتبراً رغبة الحكومة في إنفاذ المشروعات جزءًا من نجاح أي مشروع. وفي ذات السياق وصف الوضع بجنوب السودان بأنه أسوأ من وضع الشمال حيث توجد نظريتان اتبعتهما أمريكا وبريطانيا مع حكومة جنوب السودان وهي المحافظة على كيان الحكومة من قبل أمريكا بينما حرصت بريطانيا على تقديم الخدمات الأساسية حيث قُسمت لمحاور (صحة، تعليم وغيرها ..).. وزاد أن الحرب الكلامية الدائرة بين الدولتين ليس لديهما مقدرة مالية أو لوجستية للاستمرار في الحرب، وعليه يجب أن يسود صوت العقل فيما يتعلق بالمصلحة خاصة أن تأثير الأسرة الدولية على الجنوب في هذا الأمر أكبر من الشمال. وأكد أن جنوب السودان لن يستطيع أن يصدر البترول عبر إثيوبيا أو كينيا أو يوغندا لوجود الطبيعة الجغرافية المانعة والسيئة إضافة لقبائل محاربة يستحيل إدارتها.