الحصول على وظيفة حق مشروع للجميع وعلى رأسهم خريجو الجامعات السودانية المختلفة وعلى الدولة بدلاً أن تعمل على توفير الوظائف وفتح فرص للعمل في القطاعين العام والخاص لينال كل طالب وظيفة حقه في التوظيف ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فجميعنا نعلم صعوبة أن تحقق مرادك في التوظيف إلا عبر الوساطة والنفوذ لأصحاب المناصب المتعلقة بتلك المؤسسات والهيئات مما جعل (الوساطة) هي الفيصل الوحيد، وأمس وجّه النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان لجنة الاختيار بالالتزام بالشفافية في اختيار المرشحين للوظائف المدنية بالدولة وخص المسؤولين بالحديث عن ضرورة تحملهم المسؤولية باعتبارها أمانة يُسألون عنها أمام الله، محذرًا بأن لا حزب أو رئيس أو كراسي تنفعهم يوم يسألون. ومراعاة أن يكون التوظيف بعيدًا عن شبهات القبلية والجهوية والأسرة والقبيلة، وبالرغم من تلك التوجيهات ولكننا في حقيقة الأمر نجد أن كل ما سبق التحذير منه هو الأساس في التوظيف في أجهزة الدولة المختلفة والشاهد على ذلك الأعداد الكبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل بسبب تلك الممارسات وعجزهم عن الحصول على وظائف لسنين عدة رغم تأهيلهم العلمي وحصولهم على شهادات رفيعة من أعرق الجامعات السودانية بالداخل وربما عضدوها بدراسات عليا من الخارج ولكن هيهات صعب المنال؛ لأن من يدير ملفات التوظيف في الخدمة المدنية لا يراعون مسؤوليتهم أمام المولى عز وجل ولا يملكون ضمائر حية تردعهم عن مصالحهم الخاصة بأن يملكون تلك الوظائف لغير القوي الأمين؟ وربما يفتقدون للخبرات والشهادات العلمية التي تعينهم على القيام بمهامهم على الوجه الأكمل مستقبلاً مما يخلق ذات الواقع بأن يدفع المسؤولون بكوادر تعطل أداء الخدمة المدنية وترهق كاهل الدولة بصرف مزيد من الأموال والحوافز والعلاوات لموظفين كل ما يستطيعون القيام به قراءة الصحف و(الونسة) والقيام بالزيارات العائلية ومجاملات الزملاء في الأفراح والأتراح في وقت العمل، وهي نماذج كثيرًا ما قابلتني في مؤسسات وهيئات حكومية وخاصة وتلك الممارسات الجماعية الخاطئة في العمل هي نتيجة طبيعية للخطأ الأول الذي ارتكب عند الاختيار للتوظيف فالمال العام ليس (لعبة) تملك وتدار وفقًا لأهواء وأمزجة بعض المسؤولين وأصحاب ومتخذي القرار ويجب ألا يقف الأمر في مسألة التوظيف عند التوجيهات فقط بل يحتاج الأمر لوسائل فعلية وآلية لتنزيل توجيهات نائب الرئيس لأرض الواقع ولنرفع شعار أن الكفاءة والخبرة هي الحكم في التوظيف بعيدًا عن مجاراة مصالحنا الخاصة وأن نفضل ابن القبيلة والأسرة ليكون له الحق في الوظيفة لإبعاد من يستحقها بحق وحقيقة وأكبر دليل والخدمة المدنية وصلت مراحل متقدمة من الانهيار والتراجع عن القيام بدورها؛ لأنها في الأصل بنيت على أساس خاطئ وضع اللبنة الأولى لنهايتها.