بحسب خبر صحيفة «الأهرام اليوم» يوم الأحد الماضي فإن المؤتمر الوطني شرع في إجراء تمارين ساخنة للانتخابات القادمة، أو وفق ما قالت الصحيفة: «الإعداد لورش تدريبية لقواعده بالولايات والمركز وترتيب الأوضاع داخل أمانة التدريب وتمويل مشروعاتها، وأكدت المصادر مغادرة نحو «25» من قيادات الصف الثاني بالوطني الأحد «أمس الأول» لتلقي دورات مكثفة في إدارة الانتخابات والتعامل مع العملية بصورة احترافية وجذب الناخبين لمراكز الاقتراع، ولفت مصدر إلى أن الدورة تأتي تتويجاً للتفاهمات بين المؤتمر الوطني وحزب العدالة التركي الحاكم»، ونحن بدورنا نقول من حيث المبدأ إنه لا غبار على فكرة التدريب والتسخين الانتخابي، لكن للقضية وجهًا آخر، ففي الولاياتالمتحدة والغرب يبتكر المرشحون وسائل وآليات انتخابية يعكف على إعدادها خبراء في الإعلام وعلم النفس، وكنا قد ذكرنا في وقت سابق أن الرئيس بيل كلنيتون ظهر على شاشة التلفاز وهو يعزف بالجيتار ويُطلق النكات، بل إنه سخر حتى من نفسه، وكل هذا السيناريو حاكه الخبراء، فهم يعلمون أن الشعب الأمريكي المرفَّه تستوقفه هذه التقليعات الخارقة لنمط الدعاية التقليدية فهم قضاياهم محدَّدة تتمثل في تخفيض الضرائب وقضايا التأمين والأمن الداخلي، بينما قضايا السودان والعالم الثالث «متلتلة».. لكن حتى في بعض الدول العربيَّة حاول بعض المرشحين ابتكار وسائل غريبة تلفت الأنظار مثل استخدام أحد المرشحين لحمار في حملته الانتخابيَّة إضافة إلى الوعود والأمنيات التي يصعب تحقيقُها، حيث وعد أحد المرشَّحين عمال الورنيش بصندوق ورنيش وعدة شغل سباكة لسباكين.. لكن الطريف أن مرشحة في الكويت طالبت بعدم استجلاب الخادمات الجميلات في المنازل اللائي تقلُّ أعمارهنَّ عن خمسة وثلاثين عاماً خوفاً من فتنة رجالهنَّ، بينما رشَّح حزب التقدم الاشتراكي الشيوعي سابقاً سيدة منقَّبة، وبالطبع فهي ارتدته لزوم الشغل، وذلك لكسب أصوات السلفيين في تلك المنطقة، بينما جنح الإسلاميون بانتهازية برجماتية عندما رشَّحوا فتاة سافرة، ورغم كل محاولات الابتكار والمكر والخداع للناخبين، لكن بفضل الوعي والتعليم باتوا لا ينخدعون لها، فقد عبَّر أحد الناخبين في مصر عن رأيه السالب في المرشَّحين في إحدى الحملات الانتخابيَّة عندما كتب «كلكم حراميَّة»، في حين كتب آخر «إلى الجحيم يا أولاد الإيه»، وأورد أحد المواقع الإلكترونية أن مرشحاً نُقل إلى المستشفى بعد أن ارتفع ضغط دمه وتعرَّض إلى مضاعفات مرض السكر عندما علم أن الناخبين الذين أكلوا في مأدبته المعتبرة قاموا بالتصويت لمرشح آخر على طريقة «أكلوا توركم وادّوا زولكم»، لكن الإعلام الانتخابي المبتكر حتى إذا لم يخالف الموروثات والبيئة بل حاول أن يجاريها بطريقة ساذجة مثل أن يركب أحدُهم حمارًا لجذب الناخبين في منطقة ريفيَّة قد يقول له تربالي بسيط «هوي يا زول والله الحمير دي شبعانين منها كدي ورّينا شطارتك حتعمل لينا في الموية والمدرسة شنو» أما استخدام حفلة موسيقية وغناء ورقص فقد يقول له طياني «يا زول أكان أتكعوجت الليل كلو ما بنجيب خبرك عايزين بس نعرف حتعمل لينا شنو في التقاوي والسماد والمستشفى؟» ولهذا فإن قضايا السودان الرئيسة هي المياه النقيَّة ومشكلات الزراعة المتشعِّبة وخدمات الكهرباء الميسَّرة والصحة والتعليم المجانيَّين إضافة إلى إشكالات الصناعة والرسوم والجبايات الأخطبوطية، وكلها قضايا ملحَّة إذا استطاع المؤتمر الوطني تلبيتها فلن يكون في حاجة إلى تدريب قواعده على فن الإعلام الانتخابي في تركيا ،«ويا ناس الوطني وفِّروا حق التذاكر» وزي ما قالت الحاجة كلتوم «ناس الحكومة ديل كان وفروا صرفهم الفارغ ده كان أكلنا لينا طرقة ولّا طرقتين».