السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    إبراهيم شقلاوي يكتب: يرفعون المصاحف على أسنّة الرماح    د.ابراهيم الصديق على يكتب:اللقاء: انتقالات جديدة..    لجنة المسابقات بارقو توقف 5 لاعبين من التضامن وتحسم مباراة الدوم والأمل    المريخ (B) يواجه الإخلاص في أولي مبارياته بالدوري المحلي بمدينة بربر    الهلال لم يحقق فوزًا على الأندية الجزائرية على أرضه منذ عام 1982….    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    لماذا نزحوا إلى شمال السودان    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    مناوي .. سلام على الفاشر وأهلها وعلى شهدائها الذين كتبوا بالدم معنى البطولة    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    اللواء الركن"م" أسامة محمد أحمد عبد السلام يكتب: الإنسانية كلمة يخلو منها قاموس المليشيا    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    بالصورة.. رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس: (قلبي مكسور على أهل السودان والعند هو السبب وأتمنى السلام والإستقرار لأنه بلد قريب إلى قلبي)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    عقد ملياري لرصف طرق داخلية بولاية سودانية    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السفير سراج الدين حامد من لاهاي: «1 2»
نشر في الانتباهة يوم 21 - 02 - 2013

رياح شتائية تعصف بقوة وزخات مطر خفيف أعقبت تساقط ثلج في الشوارع الخالية، عندما كنا مع السفير سراج الدين حامد يوسف سفير السودان في مملكة هولندا نتمشى ليلاً في طرقات وسط مدينة لاهاي العاصمة السياسية للمملكة التي تقف على أهبة الاستعداد لانتقال السلطة الملكية من الملكة لابنها، كانت قضايا السودان حاضرة وساخنة في حوارنا ونحن نتمشى ثم واصلنا الحوار في منزل السفير وهو مرتب الأفكار وحاضر الذاكرة يستدعي معلوماته بسرعة ويصوغ آراءه في جمل واضحة، عايش سراج الدين حامد منذ بداية حكم الإنقاذ وعن كثب علاقات السودان مع الغرب خاصة أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي عمل فيها قبل الإنقاذ محامياً شهيرًا في نيويورك، ثم دبلوماسياً فيما بعد، يعرف اتجاهات السياسة العربية وتطوراتها وحقيقة المواقف العدائية من السودان وكيف نصبت الشراك للإيقاع به ليكون فريسة سهلة الاصطياد يتم الإجهاز عليها بسير، وقد تابع مراحل مختلفة خلال مسيرته الدبلوماسية في دول ومحطات متنوعة أعطته قدرة كبيرة على الاستخلاص والتحليل وسبر الأغوار... وكانت هذه حصيلة أسئلة وحديث طويل بعضه للنشر والآخر سيظل طي الكتمان...
لماذا ننظر دائمًا للعلاقة السودانية مع الغرب بوجه عام بنوع من القلق والتوتر والتوجس؟ هل هناك أزمة في الداخل السوداني جلبت العداء أم أن هناك موقفًا مسبقًا في الغرب؟
الأسئلة الكبيرة التي تواجهنا مثل هذا التساؤل تحتاج لعمق وتفكير أكثر وضوحاً، فالسودان دولة مهمة لا شك في ذلك، والغرب بشقيه الأوروبي والأمريكي يعلم هذا خاصة مكانة السودان في إفريقيا كعامل استقرار وملاذ هجرات تاريخية مختلفة وموطن ثروات..
خلال العقدين السابقين أصبح السودان مستهدفًا لتوجه الدولة الإسلامي وبرامجها، وجاء ذلك عند قيام الإنقاذ في وقت حرج للغاية شهد تحولات جذرية في السياسة الدولية من انهيار للمعسكر الشرقي وبروز ما يسمى بالنظام العالمي الجديد المبني على قطب أحادي، وفي تلك الظروف لم نكن في السودان منشغلين بالبحث عن موقع في النظام العالمي الجديد، انشغلنا بالوضع الداخلي وكانت أولوياتنا للتمكين لثورة الإنقاذ الوطني وصياغة أوضاع جديدة..
لماذا كان هذا الانشغال بالداخل والتمكين؟
الوضع الذي سبق الإنقاذ كان مهترئاً على كل الأصعدة السياسية والأمنية والاجتماعية والاقتصادية وكل المخاطر التي تحيط بالسودان الآن بدأت في تلك المرحلة التي سبقت الإنقاذ، ولذلك لم نشأ البحث عن موضعنا وموقعنا في النظام العالمي الذي كان يتشكل آنئذٍ..
وما الذي ترتب على ذلك؟
قام النظام الأحادي القطب أو النظام العالمي الجديد وكل أجهزته الاستخبارية ومؤسساته الإستراتيجية في البحث عن بدائل للمعسكر الشرقي الذي انهار لتوظيف كل الإمكانات والميزانيات والطاقات الضخمة التي كانت في الحرب البادرة وصناعة حقل نشاط جديد، وأصبح الإسلام والإرهاب هو العدو الجديد والسودان جزء من منظومته الحية....
هل هذا تحليل واستنتاجات أم وقائع حقيقية؟
لا.. لا.. هذا واقع بالفعل، وأنا لصيق بتوجهات السياسة الغربية، وشهدت وأنا في نيويورك في مطلع السنوات التسعين من القرن الماضي نقاشات عميقة جداً كانت تدور في أروقة المؤسسات الأمريكية وعلى رأسها الكونغرس حول تخفيض كبير في ميزانيات مكتب التحقيقات الفيدرالي والمخابرات المركزية والسبب في ذلك أن الحرب الباردة انتهت وليس في ذلك حاجة لتوظيف كل الطاقات والأموال والإمكانات الضخمة جدًا، تلقائياً تحركت هذه الأجهزة المستهدفة بتخفيض ميزانياتها في تحالف مع جهات ذات أفكار وتصورات إستراتيجية وجماعات ضغط لها أهداف أخرى لحماية نفسها، وتولت هذه الجهات صياغة رؤية جديدة فيها بديل آخر للحرب الباردة لاستمرار تدفق الميزانيات والإبقاء على أدوار المؤسسات الاستخبارية المهمة فأتوا ببديل الإرهاب وصار من بعد ذلك سياسة تمددت للدول الغربية كلها..
لكن أليست هناك تطور طبيعي وأحداث ومقدمات ومبررات جعلت من الإسلام وما يسمى بالإرهاب هدفاً للغرب؟
الإرهاب تمت صناعته وبدأت المسألة في أحداث ليست منزوعة السياق من الرؤية الكلية لهذه المؤسسات الاستخبارية، بدأت بسلسلة تفجيرات داخل أمريكا في التسعينيات منها تفجير مركز التجارة العالمي وتجمعات الإرهاب الطائفية «ويكوو» في تكساس وقتل «102» أسرة أمريكية وتفجير أوكلاهوما، وهذه قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكلها للتدليل على أن هناك حاجة لمواجهة خطر جديد يهدد العالم سواء كان ذلك في الجانب المسيحي أو من العالم الإسلامي أو الحديث عن مجموعات خاصة تريد امتلاك أسلحة للدمار الشامل أو دول في العالم الإسلامي وهذه هي جذور الأزمة التي قادت لجعل السودان هدفاً
لكن السودان في تلك الفترة لم يكن يمتلك مقومات تؤهله لمواجهة الغرب؟
كانت هناك معطيات حدثت، السودان في تلك الفترة سعى لتجميع الحركات والمنظمات الإسلامية في المؤتمر الشعبي العربي والإسلامي، وكانت هذه منظمات بعيدة عن الحكومات في المنطقة وهي من المحاولات النادرة والقليلة لتوحيد المنظمات والقوى السياسية الإسلامية والعربية في كيان واحد خاصة الكيانات السياسية التي تحمل رؤى مناهضة للغرب ولم تكن الحكومات العربية أو الغربية راضية عن هذا التجمع..
لكن كل تلك الأحزاب والتنظيمات لم تكن تتبنى أي أعمال أو خيارات إرهابية.. فلماذا الخشية منها؟
نعم لم تكن كذلك لكنها مصنفة غربياً بذلك.. وأصبحت هدفًا سهلاً واستُغلت وكل العمليات التي يقال إنها إرهابية كانت مصطنعة وتحمَّل لكثير من هذه التنظيمات..
ثم ماذا بعد؟
هذه هي الظروف التي جاءت فيها ثورة الإنقاذ إضافة لقضايا الداخل والحرب في الجنوب وهي تجد تعاطفاً غربياً لا مثيل له في تلك الفترة مع الجنوب باعتباره مسيحيًا وإفريقيًا في مواجهة شمال عربي مسلم، في تلك الأثناء وزارة الخارجية والدولة السودانية لم تكن مستعدة لمواجهة كل هذا الكيد الخارجي، فوزارة الخارجية عانت من عملية تطهير في صفوفها وأُصيبت بهزة كبيرة وفقدت العديد من الكوادر الدبلوماسية الجيدة والمؤهلة فلم تستطع القيام بدورها كما ينبغي للبحث عن موقع للسودان في النظام العالمي الجديد..
لكن هل يؤثر إبعاد عناصر وكوادر من الخارجية في ذلك الوقت؟
العدد الذي تم تسريحه لم يكن بسيطاً وكلهم سفراء مشهود لهم بغض النظر عن توجهاتهم الفكرية السياسية.. وهذا أحد العوامل الرئيسية..
لكن هل هذا سبب لتربيط وتشبيك السودان في شركة الاستهداف الخارجي أم أن العقل السياسي الحاكم لم يكن يستوعب ما يجري حولنا؟
قلت إنه عامل يُضاف لعامل التغيير الدولي، فتضافر العوامل الداخلية والخارجية والظرف الذي أحاط بالبلاد وتحديات المشكل المحلي، وقد سعت الإنقاذ في بداياتها إلى استنباط حلول من المؤتمرات الحوارية حول مختلف القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية لمعالجة المشكلات الداخلية، وطرحت شعارات قوية جدًا خلال فترة الحرب في الجنوب وقضية الوحدة الوطنية، وكانت هناك نتائج من مؤتمرات الحوار التي دارت والسياسات التي اعتُمدت لكنها كلها تركزت على الداخل ولم تصوِّب النظر بدقة لما يدور في الخارج ومؤامراته.. لكن ليست كل الخطط والسياسات ناجحة فقد جنينا بعض الثمار لكن ليست كل الثمار والسودان صار هدفًا مبكرًا في هذه التصنيفات..
هل أعطى السودان مسوغات ومبررات لاستهدافه من الدول الغربية بالشكل الذي ذكرت؟
نبرة التحدي القوية التي سادت الشارع السياسي السوداني والشعور بالعزة، هذه أعطت إشارات للقوى الغربية بأن السودان دولة متحدية وغير قابلة للترويض، وأخذت هذه النبرة المتحدية مأخذ الجد في الدول الغربية وساد الاعتقاد هناك أن نموذجًا من هذا النوع يمكن أن يغري جهات أخرى في العالم بالسير على ذات الطريق، وتم تصنيف السودان كقوة شريرة معادية وخطر محتمل للدول الغربية..
هل ساهمت قوى إقليمية سواء أنظمة عربية وإفريقية في تسويق هذه النظرة ضد السودان؟
نعم ساهمت أنظمة عربية موالية للغرب في ذلك، وكان نظام حسني مبارك في مصر يسعى لتوريط السودان في قضايا الإرهاب خاصة بعد حادثة محاولة اغتيال مبارك في أديس أبابا عام «1995م» التي لا يعرف هل هي مصطنعة أم تم توريط بعض الناس فيها. ولعب النظام المصري الذي تحدث كثيراَ أنه «تمقلب» في تأييد النظام في السودان عندما ظهر لأول مرة في يونيو «1989م» وبدأ يقود حملة سياسية ودبلوماسية بالتنسيق مع جهات أخرى ضد السودان..
هل هناك ظروف إضافية؟
نعم.. العدد الكبير من المنظمات الطوعية الدولية التي نشأت في تلك الفترة اقتاتت على ما يتم ترويجه من شائعات ضد السودان كتجارة الرق ثم جاءت قضية دارفور بعد ذلك لتجد منظمات بعينها كمنظمات الهلوكوست اليهودية وكفاية الأمريكية وأنقذوا دارفور، وجدت المناخ ملائماً لتطوير مخططاتها ضد السودان حتى اللحظة، ولعل الناس يذكرون البارونة كوكس التي تزور دولة جنوب السودان هذه الأيام وتحاول التسلل لجنوب كردفان، كانت منظمتها تعمل بكثافة ضد السودان في تلك الفترة منطلقة من ذات الأفكار التي تصور البلاد كدولة إرهابية تتبنى الإسلام..
هل هدف المنظمات تشويه صورة السودان أم تنفيذ حلقة من سلسلة الصدام الحضاري يتم تهيئة الأجواء له وبرغبة الحكومات الغربية؟
حملة المنظمات ضد السودان بدأت قبل الإنقاذ ولم يكن لديها أهداف منسقة بدقة مع الحكومات الغربية، لكن بعد الإنقاذ وظهور أطروحاتها السياسية والفكرية تم تنسيق عمل هذه المنظمات ورُبطت بالتحركات العامة للسياسة الخارجية للدول الغربية وصارت جزءًا لا يتجزأ منها.. والغريب أن الادعاءات حول الرق سكت عنها بعد توقيع اتفاقية نيفاشا واستعيض عنها بالإبادة الجماعية والاضطهاد العرقي في دارفور بعد تأجيج نار أخرى..
لماذا تُرك الحديث عن الرق بعد نيفاشا..
لسبب بسيط أن الجنوب بعد توقيع نيفاشا أصبح مفتوحاً لأي تحقيقات وتحريات للتحقق من صحة مزاعم الرق والاستعباد وأن هناك رقيقًا يباعون تحت الأشجار وهناك معسكرات وأسواق وصُوِّرت أفلام مفبركة، كل هذا طواه الصمت بعد نيفاشا، ولأن ما يروج كان أكاذيب وبلا دليل وسكتوا عن هذا الحديث وبدأوا في أكاذيب جديدة حول دارفور.. فعداء هذه المنظمات للسودان كان كبيراً لأن منشأه هو العصبية الدينية المسيحية والصراع الحضاري الذي كان على أشده..
من الواضح أن السودان خلال هذه السنوات حتى اليوم أوفى بكثير من التزاماته السياسية مثل تحقيق السلام في الجنوب وتنفيذ الاتفاقية في نيفاشا والاستفتاء والاعتراف بدولة الجنوب وتوقيع الاتفاقيات في قضية دارفور، لماذا لم يستفد السودان من كل هذه الالتزامات الموفاة وظلت النظرة الغربية ثابتة؟
بالطبع أوفى السودان بما عليه لكن بمجرد التوقيع على اتفاقية السلام الشامل، أُشعلت قضية دارفور بترتيب من القوى الغربية التي كانت تقف وراء قضية الجنوب، فحركة تحرير السودان في دارفور التي كان يقودها عبد الواحد محمد نور ومني أركو مناوي كانت جزءًا من الحركة الشعبية بقيادة قرنق وكانوا من أتباعه صُمِّمت لهم قضية وشعارات وارتموا في أحضات الصهيونية وإسرائيبل مثل الحركة الشعبية تمامًا وليست لدى حركات دارفور أهداف وطنية واضحة.. ولو كانت هناك أهداف وطنية لأمكن بالفعل التوصل مع هذه الحركات إلى اتفاق لأن ما وضع في اتفاقية أبوجا في «2006» واتفاقية وثيقة الدوحة لهو كاف لحل القضية.. لذا أعتقد أن استمرار الحرب في دارفور والدعم الغربي لحركات التمرد هناك فيه عزم وإصرار على تفتيت ما تبقى من السودان...
«طيب» ما هو المراد الغربي كلما فعلنا شيئاً طالبنا الغرب بتنازل أكثر.. ما المطلوب من السودان إذن؟
توجد نظرة مركزية جوهرية ضد السودان وهدف لم يتحقق بعد في السودان وهو تمزيق السودان وتفكيكه لعدة دويلات..
يا السيد السفير.. هل فكرة تمزيق السودان لدويلات فكرة وخطة موجودة أم تخمينات؟؟
هذه خطط موجودة ويكثر الحديث عنها، وعبرت عنها في شكل أفكار موجودة ومنشورة وتمتلئ كثير من المصادر وخاصة المصادر المفتوحة مثل المواقع الإسفيرية بهذا الحديث.. وأعتقد أن ما يجري في الواقع بعدم الوصول لهدف لم ينجز بعد في السودان يؤكد وجود هذا المخطط الغربي الصهيوني أو ليس غريباً أن السودان كلما حل مشكلة من مشكلاته تفتح له مشكلة جديدة وتتم مطالبته بذات الوتيرة والقدر من التنازلات.. ثم إن موقف شركاء السلام من الدول الغربية أين التزاماتهم في مسائل الديون وغيرها ورفع العقوبات وسرعة إدماج السودان مرة أخرى في منظومة المجتمع الدولي؟ كل هذا لم يتم بل يُطالب السودان ببذل المزيد من عملية إسقاطه في الأحضان الغربية بالكامل!!
لماذا مسألة مثل الديون تظل شائكة هل هناك اعتبارات سياسية؟
بالتأكيد هناك اعتبارات سياسية، لأنها مسألة كانت واضحة وليست مرتبطة في جوهرها بأية ارتباطات أخرى فإذا كان الهدف منذ البداية هو إلغاء الديون بمجرد توقيع اتفاقية نيفاشا، فقد تم ذلك ولم تعالج قضية الديون، وكان الهدف الثاني هو توقيع اتفاق في دارفور.. وتم في «2006م» ولم تعالج.. فالواضح أن موضوع الديون سياسي من الدرجة الأولى وورقة يتم اللعب بها، حتى لا يستقر السودان ويستفيد من كل هذه الحوافز ومقومات بلد خارج من حالة حرب ويريد صناعة سلام مستدام..
ألا يندرج في هذا صعوبة إبرام اتفاقية شاملة مع دولة الجنوب للعيش المشترك ولماذا هذا التعثر في المفاوضات بين جوبا والخرطوم؟
ذات الأسباب التي يستند إليها في الغرب لمنع الاستقرار في السودان ونشر الحروب في أطرافه، يتم تعويق وتأخير وإفساد العلاقة مع دولة الجنوب ومنع أي اتفاق يتم إلا في حالة واحدة هي تقديم كل التنازلات التي تضعف السودان، فأي اتفاقية مع الجنوب غير مرغوبة الآن إذا كانت تضمن للسودان استقراراً وسلاماً يقوى به ولا يضعف، فيوجد مستشارون غربيون للوفد المفاوض الجنوبي ووراء هؤلاء كلهم دوائر غربية صهيونية شديدة النفوذ ترتب لتقوية دولة الجنوب واستخدمها وتوظيفها في المنطقة وأهم شيء في مخططها هو إضعاف السودان ثم تفتيته..
هل من كل هذه الأسباب والعوامل يمكن أن نستخلص رؤية وتصورًا متكاملاً للعلاقة مع الغرب وكيفية بناء أفكار جديدة للتعامل؟
هذه العوامل التي ذكرتها هي جذور أزمتنا مع الغرب... وتفرعت منها وتناسلت عوامل أخرى وتداخلت وتضافرت ظروف جديدة عقدت الأمور أكثر..
إلى الحلقة القادمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.