السؤال المتعلقة اجابته بضرورة تحديد خط مسار وخارطة طريق توضح بجلاء خط السير المستقبلي للعلاقات السودانية الغربية في ظل ماهو ماثل على سطح السياسة الداخلية المشتعلة، في بلاد خرجت من وجائع حربها الممتدة خمسون عاما وضعت اوزارها بخارطة جديدة لوطن بشماله وجنوبه ولكل اتجاه دولته الخاصة وبالتالي مصالحه وتقاطعاته المتباينة وهي نفسها تقاطعات علاقة الجانبين الغرب الذي تقوده امريكا والاتحاد الاوربي واليابان في الشرق والسودان المؤرخ له بالفترة التي اعقبت انهيار المعسكر الشرقي. الانهيار الذي صعدت متزامنة معه مجموعة الانقاذ بانقلابها العسكري على سدة الحكم في ظل التغيرات التي ضربت البيئة الدولية ،صعود قطب آحادي هو الولاياتالمتحدة وانهيار القطب الآخر ،تزامن الحدثين جعل الخطاب الموجه من السودان هو خطاب قائم على اطروحة مفادها ان السودان ونظامه هو البديل الامثل. كان هو التغيير الاول على المستوى الدولي وتغييرات اخرى كانت محلية داخل النظام السوداني نفسه ودخول اطراف جديدة فيه الا ان هذه الاطراف لم تغير الثقافة الكلية للعلاقات، وظل اهل الانقاذ هم من يسيطر عليها الا ان عملية رسم مستقبل العلاقات بين السودان والغرب تمر عبر مجموعة من الآليات والوقائع السياسية خصوصا مع وضع اعتبارات التحولات في عالم بعد الثورة التكنولوجية وسيادة تيار العولمة،كما انها ترتبط بمجموعة من المؤثرات وضعتها منظمة افريقيا العدالة على طاولة النقاش ضمن برنامجها المتعلق بمستقبل شمال السودان بعد ذهاب جنوبه ،وعقدت منتدىً تفاكرياً حول مستقبل هذه العلاقات وتأثيراتها على عملية الاستقرار في السودان. وفي ورقته التي تناولت موضوع العلاقات الغربية السودانية انطلق الدكتور الشفيع المكي معرفا الدول الغربية مقصود بها المفهوم التقليدى للدول الغربية، أى التسمية التقليدية لدول المعسكر الغربى بزعامة الولاياتالمتحدةالامريكية فى فترة الحرب الباردة عندما كان هناك معسكر شرقى اشتراكى بزعامة الاتحاد السوڤيتى السابق، الذى تلاشى واندثر ، وتحولت كثير من دوله الى المعسكر الغربى بانضمامها للاتحاد الاوروبى وحلف الناتو، والذى بقيت الفدرالية الروسية خارجها. أقر بداية بصعوبة تناول علاقة دوله بعدد كبير من الدول، 27 دولة اعضاء الاتحاد الاوروبى إضافه الى الولاياتالمتحدهالامريكية وكندا، وهناك اليابان فى الشرق والتى تدور ايضاً فى فلك الولاياتالمتحدة مثلها مثل بقية دول دول المعسكر الغربى. لضبط التناول سوف نتعامل مع هذه الدول ككتلة واحده- بالرغم من بعض التباينات ومساحة الحركة المسموح بها فى داخل التكتل كدول ذات سيادة ولها مصالحها الوطنية التى قد تتعارض مع حليفاتها الاخريات وتدفعها بشكل أو آخر للتعامل مع الدول الاخرى- بمعنى أن هناك نقاط اتفاق واسعة بين هذه الدول فى سياساتها الدولية، تحكمها توجهاتها جميعاً فى إطار مبادئ ومثل تؤمن بها وتعمل على تنزيلها فى الواقع الدولى، مثل التوجه الرأسمالي الديمقراطية، حقوق الإنسان، مكافحة الإرهاب والقضاء على بؤر الحرب الباردة التي تعوق سيادتها على المستوى العالمى بعد انهيار المعسكر الاشتراكى وتفكك رائدته الاتحاد السوفيتى. ويواصل الشفيع ان هذه المبادئ هي التي كانت تحكم علاقتها بالسودان مختلطة بمفهوم المصلحة التي تحركها ويشير لبعد قال انه كان استراتيجيا في تحديد نمط العلاقة يتعلق بتوجهات النظام السوداني ذات الطابع الاسلامي ووضعه لعلاقاته الخارجية في هذا الاتجاه مما قاد لمواجهات استمرت مع سعي الولاياتالمتحدة في بداية سياستها من اجل تطويع النظام السوداني لخدمة مصالحها وخوفها من بروز قوى اسلامية في منطقة شرق افريقيا وما تحتوي عليه من تداعيات، الا ان هذه السياسة لم تجدِ نفعا بعدها حدث تحول آخر في عملية دعم السلام والدور الامريكي في توقيع اتفاقية نيفاشا الا ان الامر لم يستمر طويلا وسرعان ما عادت قضية دارفور للصعود الى السطح واضاف ان سياسة الغرب تجاه السودان قامت على ثلاثة محاور رئيسة هي ان الغرب يتخوف من الاسلام السياسى. ان مشكلة الغرب مع السودان هى وجود هذا النظام فى الحكم وان هدف الغرب الاساسى فى تعامله مع النظام السودانى هو اسقاطه. وهي الامور التي حددت وما زالت تحكم التفاعل قبل ان يعود ليقول ان ثمة مصالح للغرب في السودان يسعى لتحقيقها وهي التي ربما تنتج بعض التنازلات من الطرفين لضمان الاستقرار في المنطقة التي يمثل السودان احد محاورها الفاعلة . وقال ان هناك عوامل شتى تؤثر على سياسة الولاياتالمتحده تجاه السودان منها ما هو ثابت ومنها المتغير. فالثوابت تشير الى أهمية السودان الجيوبولتيكية والاستراتيجية وتأثيره على امن البحر الاحمر ودول حوض النيل. بالإضافة الى تنوع سكانه وثقافته العربية والافريقية، الامر الذى يجعل السودان دولة ذات تأثير كبير فى مجرى العلاقات العربية الافريقية. وان قمة ما تطمح اليه الولاياتالمتحده فى السودان هو قيام حكومة مستقرة معتدلة لا تتعارض فى سياساتها مع المصالح الامريكية فى المنطقة، وهى مصالح تتمثل فى الحفاظ على الانظمة الصديقة والمعتدلة واستمرار تدفق النفط العربى من الخليج با تجاه الغرب عبر البحر الاحمر وهي الامور التي ساهم فيها التحول لسياسة السودان بعد سيطرة التيار البراغماتي على مسارها في اعقاب المفاصلة وبعد دخول الارهاب ومكافحته كاحد آليات الغرب في سياسته الخارجية. واضاف ان سياسة الولاياتالمتحدة المعلنة اتجاه السودان كانت هي الحفاظ على وحدة اراضيه قبل ان تتحول اخيرا من اجل تنفيذ اتفاقية نيفاشا ووصولها لمحطة الانفصال وهو امر سينتج اوضاعا جديدة بحسب قوله ويجب التعاطي معها في هذا الاطار مشيرا الى ان العلاقات الآن تبدوا غير واضحة المعالم بين المواجهة او التواصل قبل ان يعود ليقول ان المصالح الغربية تفرض على هذه الدول خلق علاقات مع السودان وتحديدا السودان الشمالي، لان استقرار المنطقة رهين بدور ايجابي للسودان الشمالي فيها، دور يهدف من اجل تحقيق الاستقرار الذي ربما يتقاطع مع الواقع السائد الآن في البلاد وعلاقات التشاكس الشمالي الجنوبي وهو ما يعني ان ممارسة الضغوط ستستمر الآن من الغرب على الحكومة والتي تجعل الآن من عملية رفع اسمها من قائمة الدول الراعية للارهاب خطا استراتيجيا يحدد بشكل اساسي مستقبل علاقات الطرفين، الا ان الاستاذ حافظ اسماعيل في تحليله لظاهرة مستقبل علاقات السودان والغرب انطلق من نقطة محورية راهنا تطور العلاقات بالنظر لها من اتجاهها الصحيح المتعلق بتبادل المصلحة على المستوى الاقتصادي والنظر بشكل اساسي لما اسماه بسيادة نمط الاقتصاد الرأسمالي في توجيه السياسة، مشيرا للتجربة الصينية ،فمعدلات النمو العالية للصين هى نتيجة للإستثمارات الغربية فى الصناعة الصينية وفتح الأسواق الأوربية والامريكية وبقية أنحاء العالم للمنتجات الصينية . وهو امر بحسب رؤية حافظ قادالى تراجع الآيديولوجيا في العلاقات الدولية لصالح الاقتصاد، مضيفا ان الاتجاه نحو تبادل المصالح بين الجانبين امر من شأنه التقليل من حدة المواجهات وتحويل نمط العلاقة في اتجاهات ايجابية وهو امر يحتاجه السودان بشدة في الوقت الراهن خصوصا بعد الآثار الكارثية للعقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الغرب والتي اضعفت من القدرة التحويلية للبلاد التي تعاني اصلا. وقال ان هذا الامر نفسه يتطلب تبني اصلاحات سياسية واقتصادية وفقا لمقررات صندوق النقد والبنك الدولي وهي امور لم تتم بعد قبل ان يشير لمشكلة الديون التي تثير ازمة الآن بين الشريكين والالتزام بشروط تخفيف حدة الفقر غير المتوفرة في البلاد ، وهي امور قد تكون عائقا في تطور العلاقات بين السودان والغرب ويمكن التغلب عليها في ظل تطبيق الاشتراطات السياسية لتلك الهيئات قبل ان يتساءل هل بقدرة السودان وحكومته تنفيذ تلك الاشتراطات ؟ الاجابة على سؤال حافظ اتت من خلال مداخلة الدكتور منصور العجب الذي ارجع تدهور علاقات السودان مع الغرب بشكل اساسي الى ما اسماه بسياسات النظام الحاكم الخاطئة في التعاطي مع القضايا الداخلية وهو امر ما زال موجودا مضيفا ان تبني شكل جديد للعلاقات يتطلب علاجا للاوضاع الداخلية ومحاولة الابتعاد قدر الامكان عن سياسات الهيمنة والتبعية قبل ان يقول ان تطي سياسات البنك الدولي ستضيف اعباء جديدة على المواطن وستزيد من حدة الفقر الا انه قال ان الاصلاحات السياسية والدستورية في الداخل وتبني نموذج الديمقراطية التعددية هو خارطة الطريق الوحيدة للاصلاح وعودة السودان كمشارك حقيقي في المجتمع الدولي وليس عالة عليه كما يحدث الآن.