كل الشعب السوداني مهموم بقضية الانفصال في الوطن الحبيب هذه الأيام بدون استثناء لأن هذه قضية قومية وآثارها تنعكس سلباً أو إيجابا على كل الشعب ، ففي هذه الرسالة وددت أن أدلو بدلوي في دواعي هذه المشكلة كواحد من أبناء هذه الشعب الكريم لا تحامل على أحد بل هذا ما أرى ورأي يحتمل الخطأ ، وهذه دعوة للحوار الجاد البناء فأنا الخص دواعي هذه المشكلة ومسبباتها في خمس محاور رئسه وسوف أتناولها كل محور على حدا 1- الكراهية المتوارثة تاريخياً 2- وجود حكومة إسلامية في الشمال 3- البترول 4- الأطماع الدولية والتدخل الخارجي 5- مواقف بعض دول الجوار الكراهية المتوارثة تاريخياً يرى النخبويون من أبناء الجنوب والذين تلقوا تعليمهم في الغرب وأغلب هذا التعليم منح من مجلس الكنائس العالمي الذي غزاهم بالثقافة الغربية المعادية للثقافة الإسلامية والكارهة لها وألهمهم سحر الديمقراطية الغربية ، يرون أن العنصر العربي المسلم في السودان فرض عليهم الثقافة العربية الإسلامية وهو نوع من الاستعمار وان تعاقب العرب المسلمين على رئاسة البلاد والمناصب العليا هو دليل على ذلك ،بل ساعد ذلك في تخلفهم وتهميشهم و يذهب بعضهم إلى تحميل العنصر العربي مسئولية الرق في السودان ويضاف إلى ذلك تصرفات بعض قادة الجيش السوداني مع أبناء الجنوب أيام الحرب وتصرفات الجهلاء من الشماليين التجار الذين ذهبوا جنوباً غير اللائقة كل ذلك ولد فيهم كراهية وتمترس عنصري عنيف نسي هؤلاء كل ما فعله الاستعمار من فصل عنصري وتحريض ضد الشمال ونسوا أن الحكم مرتبط بالوعي والتعليم الذي قدم من الشمال ونسوا أن الجنوب وقبل استقلال السودان بسنة أصبح مسرحاً لحرب أهلية طويلة لا يمكن أن يحدث معها تقدم . القارئ لأفكار الراحل الدكتور جون قرنق المفكر والقائد للحركة الشعبية يجد أنه كان يشبه الشماليين بالبيض في جنوب إفريقيا ويشبه حركته بالمؤتمر وكان يشبه نفسه بمندلا بل كان يرى أن يتحرر الجنوببن كما تحرر شعب جنوب أفريقي من الفصل العنصري وجاء دورهم ليحكموا كل السودان هذه الفكرة جعلته يبدو وحدوياً وأصبح يتهيأ لذلك وعزز الفكرة لديه استقبال أبناء السودان له بعد اتفاق نيفاشا في الخرطوم استقبال الفاتحين استقبال أذهله و أذهل الحكام في الخرطوم وعندما رجع إلى الجنوب أخذ يبشر للوحدة التي تفضي به حاكماً للسودان الجديد . بعد موت الدكتور جون قرنق لم يرتقي خلفه سلفا لتلك الفكرة بل أخذ يساوم بالوحدة تكتيكياً ليضمن الدعم المادي من الحكومة والمانحين وصناديق تنمية الجنوب تحت شعار جعل الوحدة جاذبة وليضمن دعم المؤتمر الوطني له لينفرد بحكم الجنوب دون مشاركة الأحزاب الجنوبية الأخرى وللمؤتمر الوطني الهدف نفسه لتحيد المعارضة الشمالية ونجح شريكا الحكم في ذلك ، وبذكاء شديد لعبت الحركة الشعبية لعبة الابتزاز للمعارضة ولشريكها الحاكم وعلى حد سوا وذلك بالتنسيق مع المعارضة لتأخذ أكبر قدر من التنازلات من الحزب الحاكم وعندما يحدث ذلك تذهب بعيداً عن المعارضة بتجاهل تام والآن انتهى زمن التكتيك وأعلن قائد الحركة هدفه الحقيقي الداعي للانفصال وأراد أن يوجه شعبه لذلك . وجود حكومة إسلامية في الشمال جاءت الحركة الإسلامية إلى سدت الحكم عن طريق انقلاب عسكري وأول ما فعلوه أعلنوا الجهاد علي المتمردين في الجنوب جيشوا المجاهدين وتغنوا بالجهاد والشهداء وأنشئوا جيش موازي للجيش النظامي أسموه الدفاع الشعبي وأفتوا أن كل من يموت منهم في الجنوب فهو شهيد وأقاموا له حفل زفاف على الحور العين استقل ذلك المتمردون في الجنوب وألبوا العالم الغربي علي النظام الحاكم في الشمال ووجدوا كل المساندة والدعم خاصة من الدول الكبرى و إسرائيل وحور النظام وأنزلت عليه كل أنواع العقوبات . عندما عجزت الحكومة عن تحقيق نصراً حاسماً ونهائياً في تلك الحرب لجأت تحت ضغط دولي وداخلي إلى عقد اتفاق نيفاشا الذي جاء فيه حق تقرير المصير للجنوب مع أن كثير من المفكرين الشماليين كان لهم رأي في بعض بنود الاتفاقية بل من داخل النظام الحاكم يوجد من هو ضد بعض بنود الاتفاق لكنها اوقفت اطول حرب اهلية في السودان وكثير من المختصين في القانون الدولي يقولون أن حق تقرير المصير لجزء من الدولة القائمة غير قانوني ولكن كل أحزاب السودان أقرت بطريقة أو بأخرى هذا الحق للجنوب . يري أغلب أهل النفوذ في الجنوب أن مثل هذا النظام العقدي والذي يرى فيهم كفار ويعلن عليهم الجهاد لا سبيل للتعايش معه في دولة واحدة ولذلك لا خيار لهم غير الانفصال نقمة البترول إن استخراج البترول في السودان كان سلاح ذو حدين الأول أنه شجع الجنوبيين على اللجوء لإنهاء الحرب ليأخذوا حصتهم منه بدلاً من أن ينعم به الشمال وحده أو بدلاً من تسخيره ضدهم وقال ذلك زعيمهم جون قرنق في إحدى تصريحاته المبشرة بقرب اتفاق السلام والثاني انه مستخرج من الجنوب وحددت اتفاقية حصة محكومة الجنوب بسبة 50% منه وكان هذا احد المآخذ علب بنود الاتفاقية فماذا لا يستقلون ويأخذونه كله بدلاً من نصفه أمر منطقي في ظاهره ثم إن التقارير الغربية تقول إن ارض ى الجنوب غائمة فوق محيط من البترول هذه العوامل المرتبطة بالبترول مشجعة أيضا على الانفصال . التدخل الخارجي تدخل إسرائيل السافر في الشئون الأفريقية لا يخفى على احد فهي موجودة في محيط السودان الجنوبي في يوغندا وكينيا وهي تنشط عندما تكون الدول غير مستقرة وفي حالة من الحروب الأهلية ن فالحرب الأهلية وفرت لها الجو المناسب للتدخل الإستخباري وغيره وهي الآن موجودة في دار فور بل أعلن ذلك احد المسئولين الإسرائيليين في وسائل الإعلام وما استضافة عبد الواحد إلا دليل على ذلك التدخل السافر في الشأن السودان غير المستقر وضع السودان تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب والمصدرة له وتحت طائلة العقوبات الدولية كل هذا التدخل كان لصالح أعداء الحركة الإسلامية الحاكمة في الشمال الحركة الشعبية الجنوبية التي كان تظهر أهل الجنوب بالمستضعفين والمضطهدين عنصرياً ودينياً والمهشمين اقتصادياً من قبل العرب المسلمين في الشمال وأن الحل يكمن في الحرية والاستقلال لتكوين دولة خاصة بهم تتبنى العلمانية والديمقراطية الغربية وتجد كل الدعم وعندما تعجز الدول الكبرى عن إسقاط الأنظمة المناوئة لها تلجأ إلى إضعافها بالتقسيم مثل ما حدث في العراق . عندما زار سلفا كير رئس حكومة الجنوب دول غربية وأعطوه العهود والمواثيق بدعم الدولة الوليدة أعلن أنه سوف يصوت للانفصال في إشارة واضحة لمواطنيه أن يصوتوا للانفصال وبذلك يكون قد القي الموقف التكتيكي للحركة أراد أن يقول أن الوقت قد حان لإعلان المواقف الرسمية والحقيقية ولا شئ ينجز بعد الآن وأراد أيضا أن يقطع الطريق أمام المؤتمر الوطني الحاكم من أن يستقطب الجنوبيين الموجودين في الشمال لصالح الوحدة تار بدعم المنشقين عن الحركة وتارة بإغراء الجنوبيين في الشمال بحقوق لا تتوفر لهم حال الانفصال بنص القانون . دول الجوار الأفريقي لها مصالح مباشرة في الانفصال وقيام دولة مستقلة هناك مثل يوغندا التي تحتكر التجارة البينية بالكامل ووجود دولة مستقلة يساعد يوغندا في القضاء على حزب الرب المعارض والمدعوم من حكومة الخرطوم . الحكومة المصرية كانت تسعي للوحدة دون عمل شي يذكر مع ان مصالحها الحقيقية المرتبطة بالعمق الأمني ومياه النيل في الوحدة وكن وجود الحركة الإسلامية الموالية للإخوان المسلمين في مصر (المحظورة) والتي سعت لاغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في إثيوبيا بدعم وبغطاء من الحزب الحاكم في السودان مما أدى إلى تراجع الدور المصري في السودان وعندما زار سلفا كير مصر مؤخراً ووضح لهم نواياه المتوجه نحو الانفصال جاء ليقول لجنوبيين من أراد أن يكون مواطن من الدرجة الثانية فليصوت للوحدة وبعدها سيرت القاهرة رحلات من أعلى المستوى لجوبا عاصمة حكومة الجنوب دون المرور بالخرطوم ودون التنسيق معها وقدمت القاهرة دعم لحكومة الجنوب كما صرح احد المسئولين في الجنوب إن القاهرة قدمت للجنوب أكثر مما قدمته الحكومة في الشمال فعلت القاهرة ذلك لضمان علاقات طيبة مع الدولة الجديدة عندما أيقنت من أن الانفصال قائم لا محالفة . أما الدولة العربية الجارة الثانية وهي ليبيا فموقفها تجاه القضايا السودانية تسوده الضبابية مع أن الحزب الحاكم سعى حثيثاً لضمان دعم القزافي . لكل هذا فالواقع يقول إن الانفصال واقع لامحالة ويضاف إلى ذلك قيام الاستفتاء وبطريقة عاجلة وغير مرتب لها في زمن ضيق كما أن شعار الوحدة جاذبة والذي ردده الأعلام السوداني زمن طويل من غير وعي بخطورته وربط الجاذبية بالتنمية في الجنوب أمر في غاية الخطورة لأنه شعار فضفاض رب قائل يقول ما الحد التنموي الذي تكون معه الوحدة جاذبة؟ ومن المسئول عن تلك التنمية الغير محددة ؟ وتوجد قضايا عالقة ولا يجد زمن لحلها سوف تؤدى إلى الحرب وهي قضية ابيي والحدود والجنسية والديون والمياه وقضية دارفور وأي حرب جديدة في الجنوب تقود إلي حروب في مناطق كثيرة لتحقيق الهيمنة الأفريقية والعلمانية في السودان والسؤال الملح هو لماذا لم يطالب المؤتمر الوطني بتأجيل الاستفتاء لحل القضايا العالقة قبل الاستفتاء؟ أرى أن أزمة الثقة بين الشريكين حالت دون ذلك لا كل حديث عن التأجيل من الحزب الحاكم يفسر على انه تنصل من الاتفاقية البقرة المقدسة والسعي لإلغاء حق تقرير المصير وفي وجود عم الثقة بين الشريكين كان أحرى بالمعارضة والأحزاب السودانية ومنظمات المجتمع المدني أن تستقل علاقاتها المجتمع الدولي وتضغط على الحزبين الحاكمين لتحقيق ذلك الهدف لمصلحة الوطن والمواطن ولكن لا توجد معارضة ولا أحزاب فاعلة ولا منظمات ولكن ضاعت فرصة التأجيل والآن توجد ثلاثة خيارات هي 1- الاتفاق على حل القضايا العالقة بعد الاستفتاء من غير عودة للحرب 2- أن يتنازل المؤتمر الوطني عن كل رغبات الحركة الشعبية تنازلاً كبيرا وخطير 3- الحرب فخر الدين موسي موسي الطيب [[email protected]]