دعوة التحالف البريطاني الدولي الذي يضم ثمانية وتسعين نائباً برلمانياً من برلمانات الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وإستراليا لإيقاف فظائع الإنسانية الجماعية في دارفور كما يقول، ويقول أيضاً في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، هذه الدعوة تبقى ممجوجة من المجتمع الدولي الرسمي، والمقصود منها إرهاب وتهديد الدول التي لا تتجاوب مع دول الاستكبار في ما يصب في نهاية المطاف في صالح المشروعات الإسرائيلية الغربية المشتركة، سواء أكان هذا الصالح هو التطبيع مع الكيان الصهيوني أو الصمت المخزي عن استمرار احتلال أرض فلسطين وسوريا. لكن السؤال الذي ينبغي توجيهه لهؤلاء البرلمانيين هو: لماذا لا تتناولون القضية الإنسانية من جذورها إذا صدّقنا أنكم تشفقون على أبناء السودان في دارفور والمنطقتين؟!! إن تناول جذور القضية هو أن يتوقف التمرد في دارفور فوراً ويتوجه المتمردون إلى الدوحة للحاق بركب السلام أسوة بحركة التحرير والعدالة بقيادة الدكتور التيجاني السيسي، وأن يفك قطاع الشمال في المنطقتين فوراً ارتباطه بحكومة جوبا، ويمارس عمله بوصفه حزباً سياسياً غير مسلح، بعد ذلك إذا ساءت الحالة الإنسانية في تلك المناطق، يمكن أن ننظر إلى الأمر من زاوية أخرى. فهل هذا التحالف الأمريكي البريطاني الاسترالي على استعداد للإسهام في معالجة المشكلة هنا وهناك من خلال توجيه المتمردين في دارفور إلى قاعة التفاوض، وتوجيه المتمردين في المنطقتين بفك ارتباطهم بجوبا؟!! أم أن التحالف الدولي يرى أن من وقعوا على اتفاقيات سلام من متمردين سابقين ليسوا جديرين بأن يكونوا جزءاً من الحل، وأن الذين يستمرون في التمرد هم الجديرون؟!. أم أن حتى المتمردين الحاليين إذا ما وضعوا السلاح لن يجدوا التقدير والاحترام من هذا التحالف الثلاثي، لأنهم وضعوا السلاح وتسببوا بذلك في إيقاف الفظائع الإنسانية؟! ونتساءل كهذا لأن كل شيء مفضوح. فما معنى هذه التصريحات التي يطلقها برلمانيون غربيون دون أن يشار فيها إلى الدور الأساس الذي لعبه المتمردون في زعزعة الأمن والاستقرار في دارفور عام 2003م بعد التوقيع على اتفاق ميشاكوس الاطاري، وفي المنطقتين بسلاح حكومة جوبا بعد انفصال جنوب السودان؟! وكان عنوان الخبر هو: «مخطط ودولي لبرلمانيين أمريكيين وبريطانيين واستراليين ضد السودان» إن أخطر ما في المخطط هو تحفيز المتمردين لاستمرارهم في الحرب بالدعم الإقليمي والدولي لاستمرار الفظائع الإنسانية. فدول إفريقيا في نظر دول الاستكبار تبقى أراضي لموارد سطحية وعميقة مختلفة ومتنوعة لا يستحقها أصحابها، وإنما يجب أن تتمتع بها شعوب الغرب، إضافة إلى اليهود في فلسطين في إطار دولة كيانهم الإحتلالية، وذلك لا يتأتّى إلا بسياسة الأرض المحروقة ودعم زعزعة الأمن والاستقرار ودعم المتمردين لهذا الأمر، لكي تضطر الحكومات للدفاع بالقوات النظامية التي يسمح بتكوينها القانون الدولي، وبالطبع أثناء الصراع الذي يسببه التمرد يمكن أن يسقط مواطنون أبرياء ضحايا، ويمكن أن تتعرّض أرواحهم وممتلكاتهم للنهب المسلح بالمدافع المحمولة على سيارات الدفاع الرباعي «لاندكروزر». إن مَنْ دعم المتمردين في السودان هو من كان سبباً في رفع قدرات عصابات النهب المسلح التسليحية، فلماذا لم تتضمّن رسالة البرلمانيين الغربيين إلى وزراء خارجية أمريكا وبريطانيا واستراليا الأسباب المباشرة للمشكلات الإنسانية في دارفور والمنطقتين؟! الإجابة ببساطة لأن محور اهتمامهم ليس المواطن السوداني أو المواطن الإفريقي الذي ينظرون إليه على أنه حقير لا يستحق الأمن والاستقرار والانتعاش المعيشي، إنما محور اهتمامهم هو موارد أرض هذا «الحقير» ما في سطحها وما في عمقها. أين كان هؤلاء البرلمانيون حينما وقعت حكومة جوبا في فخ التآمر وقررت وقف إنتاج النفط؟! تقول رسالة البرلمانيين إن الحكومة السودانية بدأت عملاً عسكرياً ضد الجماعات المسلحة أدى إلى قتل ونزوح. والسؤال ماذا فعلت هذه الجماعات المسلحة؟! هل هي مسلحة ببنادق صيد وتريد صيد البر؟!