طفل سرَّاق عجلات... والي الخرطوم و(صالون العناقة)للحلاقة...شاي ليبتون حوار مع طفل حرامي سرَّاق عجلات حاوره: عبد المحمود الكرنكي سارق عجلات محترف في العاشرة من عمره، قُبضَ عليه ثلاث مرات خلال شهر واحد متلبِّسًا بالسرقة. إلتقيته في مركز شرطة بالخرطوم بعد القبض عليه. س: إسمك منو؟ ج: أمير. س: عمرك كم؟ ج: عشر سنوات. (من حجمه يبدو عمره 8 سنوات). س: أبوك وين؟ ج: في بورتسودان. س: إنت ساكن وين؟ ج: في مايو (جنوب الحزام الأخضر). س: هل درست في المدرسة؟ ج: آي (نعم) لكن خليتها. س: خليتها في سنة كم؟ ج: سنة تانية. س: هل شربت شاي الصباح؟ ج: لا. (كانت الساعة حينها التاسعة والنصف صباحاً). س: ماذا تعمل أمك؟ ج: كان بتعمل الريحة وخلَّتها. س: أمك قالت ليك أسرق؟ ج: لا. س: هل تحفظ شيئًا من القرآن. نعم. طيِّب سمِّع سورة الفاتحة. قرأ أمير سورة الفاتحة. س: هل تصلي يا أمير؟ ج: نعم. وقُطِع الحوار فجأة فقد تمت قيادة (أمير) إلى السجن. سار (أمير) برأسه الحليق وحجمه الصغير وملابسه العارية من الكتفين. سار إلى مستقبله!. في الإسلام تؤسَّس المساجد على التقوى. في الإسلام تؤسَّس المدن على الرحمة. عاش (أمير) خارج السجن في قاع المدينة وتلاقى مع مدينة قلبها من حجر، فهل سيتلاقى في قاع السجن مع (مدينة من الرحمة)!. كتب أحمد عبد المعطي حجازي في (مدينة قلبها من حجر)... يا أيُّها الطفل الذي ما زال عند العاشرة... لكنَّ عينيه تجوّلتا كثيرًا في الزمن...!. والي الخرطوم وصالون العناقة )للحلاقة (الشِّبِيك) إسم قرية في ولاية الجزيرة غرب ود مدني. تنطق (في السودان) الشِّبيك. في السعودية توجد (الشُّبَيك). قال الصَّفَاني في (التكملة) الشُّبَيك موضع ببلاد بني مازن. قال مالك بن الرّيب المازني يرثي نفسه: وقوما على بئرِ الشُّبيكِ فاسمِعَا ٭ بها الوحشَ والبيضَ الحسانَ الرّوانيا بأنكما خلَّفتماني بقفرِةٍ ٭ تهيلُ عليَّ الرِّيحُ فيها السَّوافيا وبلاد بني مازن تمتدّ إلى القصيم في السعودية. الشِّبيك هي بلد الدكتور محمد صديق (كلية الزراعة جامعة الخرطوم). وقد كان أحد المشاركين في نشاط الجبهة الوطنية في يوليو 1976م ضد الرئيس جعفر نميريّ. ومن رفاق الدكتور محمد صديق من الإسلاميين في (مجمع كليتي الزراعة والبيطرة في شمبات) الدكتور كمال الأغبش (معتمدية اللاجئين) والدبلوماسي الدكتور عبد العظيم عبد الله التوم والإعلامي يوسف محمد علي جاد الله (تلفزيون الجزيرة) والراحل الدكتور إبراهيم علي محجوب (شركة شل. مدير مسجد الشهيد) ود. عبد الماجد عبد القادر (الكاتب بالإنتباهة) و(ود السّفوري) والرَّاحل الدكتور عبد الله محمد يوسف (مدير منظمة قطر الخيرية فرع السّودان)، وكوكبة كريمة غيرهم. ومن مجمع شمبات لكليتي الزراعة والبيطرة، جاء الدكتور فيصل حسن إبراهيم (الوزير) وهاشم علي محمد خير (مدير بنك الثروة الحيوانية) وأحمد عبد الرحمن (اشولاني)، وثلَّة كريمة غيرهم من (الشَّمبَّاتة)، كما جاء الدكتور عبد الرحمن أحمد الخضر والي الخرطوم، وهو إنسان خفيف الظل، ولا يزال زملاؤه في الجامعة يذكرون النكتة التي حكاها عن (صالون العناقة)!. شاي (ليبتون) كان مفلساً تماماً. لم يكن يملك شيئاً. تنطبق عليه كل عبارات الفلس مثل (مِكَوْكِب) و(ما عنده أبو النوم) و(ما عنده التكتح)، وغيرها. لم يكن (ليبتون) يمتلك (حق) التذكرة ليركب في إحدى السفن التجارية التي تعمل بين ضفتي المحيط الأطلنطي بين بريطانيا وأمريكا. فركب إحدى السفن التي كانت تشحن حمولة من قطعان الماشية من الأبقار. جلس خاوي الجيب بين مئات الأبقار. كان يمتلك الفقر والآمال والروح المغامرة. أبحرت السفينة وسط أمواج المحيط وظلام المحيط. كان يُحدِّث نفسه في تلك الرحلة العجيبة، وخوار الأبقار يهدر حوله، بأن رحلته القادمة لن تكون أبداً مثل هذه الرحلة. كان يرى أن السفينة تبحر إلى المستقبل السعيد. بروح الأمل والبناء لبث (ليبتون) صامتاً وحيداً وسط الأبقار، لا تعيره الأبقار وزناً ولا البحارة ولا كابتن السفينة. حتى ألقت السفينة مراسيها. وهبط (ليبتون) منها غريبًا في بلاد غريبة، لا يعرف أحداً ولا يعرفه أحد. ومن نقطة الصفر كانت البداية. ودخل (ليبتون) عالم الشاي. كانت تلك بداية (ليبتون) الذي نمت بداخله حبّة الطموح حتى أصبحت شجرة، وصار لا يوجد شخص في العالم إلا ويعرف (ليبتون). بات الفقير المجهول واسع الثراء مشهوراً. أصبح اسم (ليبتون) إحدى الماركات التجارية التي تدل على التميُّز والجودة في الشاي. كان (ليبتون) صفر. ومن قديم الزمان قال ابن حزم: إن الصفر رقم من الأرقام!.