قُبيل الثانية ظهرًا بخمس دقائق دلف النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه لقاعة المؤتمرات بمجلس الوزراء وتقدمه بهنيهة رئيس وفد المفاوضات بأديس أبابا إدريس محمد عبد القادر وظهر في الإطار مساعدا الرئيس عبد الرحمن المهدي ويوسف الدقير، أما إدارة المؤتمر فقد تولاها الوزير برئاسة الجمهورية محمد المختار الذي ابتدر حديثه بالاعتذار عن الموعد المضروب في الواحدة والنصف ظهرًا لأسباب وصفها بالفنية.. الإعلان عن مؤتمر طه الذي قلما يفعل شحذ الأذهان على نحو كان فيه الجميع في حالة ترقب لما تحمله كنانة طه خاصة فيما يتعلق بلقائه بالقيادي بالمؤتمر الشعبي علي الحاج في ألمانيا والتفاوض مع قطاع الشمال وخلافة الرئيس البشير وغيرها... والصحفيون على هذا الحال تجاوز مختار العرف السائد في المؤتمرات بأن دفع الكرة في مرمى الصحفيين لطرح أسئلتهم ليرد عليها طه مباشرة على نحو بدا لي وكأنه محاولة رئاسية لقياس الرأي الصحفي حول المناخ السياسي العام بالبلاد وإن كان طه نفسه أوضح أن الأحداث على الصعيدين الداخلي والإقليمي أوجدت الحاجة للحوار بشأنها مع الرأي العام بقصد تصويب الرؤية السياسية حول كيفية تعامل الدولة معها، واستهلَّ حديثه بنيفاشا التي تضمنت طبقًا له بُعدين هما البُعد الخاص بترتيبات المرحلة الانتقالية وما يتعلق بها من الترتيبات الخاصة بجنوب السودان، وبُعد آخر تمثل في الدستور الانتقالي القائم حتى اليوم ومخرجات الأسئلة التي أُثيرت حول كيفية إدارة السودان كالحكم الفدرالي والسلطات المشتركة بين المركز والولايات وتلك الحصرية لكل طرف إضافة لترتيبات خاصة بالمنطقتين، وقال إن المطلوب من القوى السياسية هو أن تتواضع للجلوس لتبدي رأيها حول دستور «2005» سواء بالتنقيح أو الإلغاء أو تقديم أطروحات أخرى فمن هذا المنطلق كانت دعوة الحكومة للحوار حول الدستور مضيفًا أن المرحلة الحالية هي مرحلة لحوار وطني جامع وهذا هو توجه جوهري للحكومة بكل مكوناتها، وأردف قائلاً: نحن من حيث المضمون بصدد إدارة حوار وطني جامع حول مستقبل السودان وإدارته وحل قضاياه، وأشار إلى أنهم والمعارضة متفقون على الحوار كوسيلة للحل على أن تُعرض مخرجاته عبر أدوات الديمقراطية والاحتكام للمؤسسات الشعبية سواء عبر الانتخابات أو استفتاءات عامة لتكتسب صك المشروعية... الملاحظ أن طه أورد كلمة استفتاء على صيغة الجمع ولم يوضح ماذا يقصد منها هل يقصد عرض الدستور على استفتاء شعبي كما تدعو المعارضة وصيغة الجمع هذه هل تفيد استفتاءات ولائية كالاستفتاء حول هل تبقى ولايات دارفور على وضعها الحالي أم يُعاد تجميعها في إقليم واحد مثلاً ولا بد أن طه يرمي لمغزى محدد بمصطلح الاستفتاء لأنها وردت في ثنايا حديثه أكثر من مرة وعرج على مصفوفة أديس الأخيرة بوصفها عاملاً من شأنه أن يعمل على توسيع الرئة السياسية للبلاد باعتبار أن المهدِّد الخارجي يضيق من فسحة الحوار مبديًا ترحيبه بالمصفوفة مشيرًا إلى أن التواصل بين الرئيس البشير ونظيره سلفا كير سيستمر لحراستها وتنفيذها، وبدا من حديثه أنه ليس ببعيد أن تحدث الأنباء عن زيارة البشير إلى جوبا قريبًا... وحول دور السودان عربيًا أوضح طه أنهم يديرون حوارات سياسية واسعة مع كل الأطراف الوطنية بالدول العربية المستقرة والمتحركة في إشارة لدول الربيع العربي، وأعرب عن تفاؤله بمستقبل المنطقة والإقليم، وحول الفساد جدد القول بأنه لا كبير على القانون... وحول لقائه مع القيادي بالمؤتمر الشعبي علي الحاج ذكر أن اللقاء جاء بمبادرة من الأخير، أما الجديد في الأمر فإن طه أشار إلى أن الحاج عرض مبادرته للعديد من المسؤولين سواء بالوطني أو غيرهم موضحًا أن اللقاء تطرق لقضايا البلاد والمهددات التي تواجهها، أما الخلاصة فهي ضرورة الشروع في حوار وطني لتقريب المساحات بين جميع أبناء الوطن في الداخل والخارج أيًا كانت الكيانات التي ينتمون إليها في إشارة واضحة لحملة السلاح والاتجاه صوب كل ما يعزز الحوار والاحتكام للشعب وإقرار مبدأ التدوال السلمي للسلطة، وأبان أن تلك الإقرارات والتفاهمات مطروحة للنظر في جانب الحكومة والمعارضة، وحول موضوع الساعة، وأعني خلافة البشير بعد أن أعلن الأخير رفضه للترشح للرئاسة قال طه إن البشير الذي أعرفه صادق فيما قال، ولكن يبقى القرار النهائي لمؤسسات المؤتمر الوطني، وأضاف: ربما يتجاوز القرار في هذا الشأن الوطني إلى مكوِّنات الشعب السوداني، ومالبث طه أن عاد ليقول إن الجهات التي يحتكم إليها في قرار البشير هي الوطني والقوى السياسية، ولا مندوحة أن إشراك القوى الوطنية في قرار يخص الوطني أن له علاقة وثيقة بالحوار الوطني الجامع الذي أخبر عنه طه آنفًا خاصة أنه قد كرر هذه الصيغة أكثر من مرة، وبشأن الأوضاع في إفريقيا الوسطى أوضح أنهم ومن باب الاهتمام بالأمن الوطني والإقليمي يراقبون الموقف عن كثب دبلوماسيًا واستخباريًا وحول دارفور التي تشهد بعض ولاياتها اضطرابات أمنية أخبر عن جملة قرارات تخص الولاة سعيًا لبسط هيبة الدولة،. وحول ما إذا كانت هناك نوايا لنفض الغبار عن اتفاق «نافع /عقار» يونيو 2011 أوضح طه أن الاتفاق لم يُرفض للأجندة التي يحملها إنما لأن بعض موضوعاته هي من صميم الاهتمام القومي الجامع، وفي رده على سؤال حول إمكان أن يلتقي الأمين العام للمؤتمر الشعبي حسن عبد الله الترابي بين أنه لا يمانع في لقاء الترابي أو أي شخص آخر بيد أنه قال: اللقاء ليس فقط هو المطلوب، إنما لا بد من ارتباطه بما يمكن أن يدفع الأمور للأمام.