بحلفاية الملوك وفي العام «1921م» وُلد الشاعر الفذ إدريس محمد جماع فكان أحد أبناء العبدلاب سلالة الملوك والسلطان. شبَّ الفتى حين بلوغه العاشرة على التأملات الكبرى التي قادته فيما بعد نحو عوالم الهدوء والسكينة، فكان دائم التأمل في الطبيعة وهو ما جعله كثير القراءة في كتب التراث العربي التي توفر عليها إبان دراسته العُليا. التحق الفتى بمهنة التعليم فور تخرجه من معهد إعداد المعلمين. لم يكن الشاعر إدريس جماع من الذين تستهويهم حياة الوظيفة فشد الرحال نحو مصر لتلقي مزيد من العلم. بمصر وبدار العلوم توفر على دراسة اللغة العربية وآدابها فكان مبرزاً في جانبي كتابة الشعر ومعرفة تفاصيل اللغة العربية نحواً وصرفاً. التحق الشاعر بهيئة التدريس بمعهد التربية بخت الرضا فنثر علمه على طلاب المعهد وتوج أيامه بها بقصيدته الأيقونة (بخت الرضا) (أيام كنت أعيش بين ربوعها حر الفؤاد ولا أعيش مقيدا) تنقَّل المرحوم بين عدد من المدارس فكان نعم المعلم ونعم الأب لطلابه. في العام «1951م» ظهر كشاعر فذ وبدأت صحف السودان الجديد والرأي العام نثر قصائده. كتب الشاعر جماع قصائد غاية الإنسانية والروعة فكانت قصيدته (إنسان) واحدة من أروع القصائد: أنت إنسان بحق وأنا بين قلبينا من الحب سنا كل يوم صور عبر الطريق تزحم النفس بها ثم تضيق إن رأيت الشيخ يرعاه السقم هل ترى في النفس شدواً من نغم أم إلى صدرك يمتد الألم أنت إنسان بحق وأنا عشق جماع الجمال فظل أسيراً له فكتب بحبر العشق والوله مادل على افتتانه وصبابته به:- إننا في حلم سماوي سر بنا كانت الجنة مسرانا كتب للطبيعة شعراً خالداً من لدن: النيل من نشوة الصهباء سلسله وساكنو النيل سمار وندمان في فبراير من العام 1980م رحل الشاعر لدار الخلود بعد سنوات من إبداعه في عالمي التدريس وكتابة الشعر.