دخلت قضية دارفور منعطفاً جديداً من تاريخها وذلك بإشراك المتأثرين الحقيقيين من الحرب «النازحين واللاجئين» إشراكهم فى الحوار كوسيلة مثلى للحل الشامل، وقد بدأت هذه الخطوة منذ مرحلة التفاوض الذي أفضى إلى اتفاقية الدوحة لسلام دارفور بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة ثم ألحقت بها الخطوة المهمة وهي إشراك ذات الشرائح فى مؤتمر العودة الطوعية وإعادة التوطين لقضايا النزوح واللجوء الذي انعقد بحاضرة جنوب دارفور مدينة «نيالا» يومي 25 -26 من مارس 2013م حيث مثل من قيادات قطاعات النازحين «360» مشاركًا كذلك «50» مشاركًا يمثلون اللاجئين بدول الجوار إلى جانب الإدارات الأهلية ومنظمات المجتمع المدنى والقيادات التنفيذية والتشريعية من ولايات دارفور الخمس، وعدد آخر من المشاركين يمثلون المنظمات الدولية «الأممالمتحدة والإتحاد الإفريقي والجامعة العربية» وسفراء من شتى بقاع العالم والدول المانحة والذين كانوا فى جملتهم «1070» عضواً مشاركاً هؤلاء جميعهم أداروا حواراً ثراً وفعالاً فى مؤتمر تأتي أهميته من رعاية رئاسة الجمهورية له ممثلة في شخص نائب الرئيس الدكتور الحاج آدم يوسف وإشراف مباشر من رئيس السلطة الإقليمية لدارفور الدكتور التجاني سيسي ونائبه والي جنوب دارفور حماد إسماعيل هؤلاء كلهم شاركوا في مؤتمر مثلت توصياته وأوراقه التي تم تداولها أهم مطلوبات العودة الطوعية وإعادة التوطين وجبر الضرر واسترداد ممتلكات الذين أعاقتهم الحرب وهم في مأمن وسلامة من حياتهم لكن لعنة الرحب شردتهم وأفسدت تعايشهم كما ضيعت كل موروثهم وتاريخهم في العقد والمنظومة المجتمعية فقد كان الجميع شفافون في طرح القضية والنقاش الهادف إلى بناء قاعدة صلبة تمثل هاديات الحل الشامل والسلام الاجتماعي لا سيما تلك الكلمة القوية التى قدمها التجانى سيسي الذي اعترف بشجاعة بأن الجميع من قيادات ونخب دارفور قد ساهم بشكل فاعل فى تأجيج نار الصراع والزج بالقبلية فى المعترك السياسي فضلاً عن ممارسات البعض وظنهم بان القبيلة هي السلم الذي يصعد به المدارج العلا فى هرم البناية السياسية والسلطوية وهو أسلوب بحسب «السيسي» دمر بنية المجتمع وهتك نسيجه وجعل دارفور سوقًا رائجًا ورابحًا لأصحاب الأجندة الخفية الذين قال «السيسي»: «هم من يقفون خلف استمرار الأزمة ومعاناة النازحين واللاجئين» ويرى السيسي ضرورة الاعتراف بذلك والعمل على إغلاق كل المنافذ أمام من وصفهم بتجار الأزمات أصحاب شركات إنتاج السلاح والكاكي والذخيرة والبوت والبوري ولا بد من الاعتراف بذلك الخطأ التاريخي نأمل أن تكون كلمة السيسي التى قدمها مجردة أن يتبعها عمل مجرد من الهوى والانزواء خلف أجندات خاصة نأمل أن تتبع الكلمة بعمل مخلص حتى تتناسق الأقوال بالأفعال لم تعجبني عبارة رددها «السيسي» وكذلك «بحر إدريس أبوقردة» وهي عبارة «المستوطنين الجدد» وهم يقصدون المواطنين الذي شغلوا فراغات القرى والفرقان التى نزح أصحابها ولا أحسب أن كلمة مستوطنين تعتبر عبارة دقيقة ومستحسنة لتوصيف حالة من مواطنين هم من أصل سكان دارفور وقد رحلوا من منطقة إلى أخرى داخل الإقليم ولم يكونوا أجانب حتى يوصفوا بالمستوطنين كما ان العبارة تتعارض تماماً مع مقررات وتوصيات المؤتمر الذي نص على أن الأرض فى دارفور تشكل قاسماً مشتركاً فى عملية السلام الاجتماعي والتعايش السلمي كما أن المسارات والمساحات الرعوية ومصادر المياه والموارد الطبيعية والغابات كل هذه موارد مشتركة لأهل دارفور يجب المحافظة عليها وتطويرها، إذن عبارة مستوطن أو لاجئ لا تتناسب مع المتنقل داخل جغرافية بلده من أهم التدابير الخاصة بالعودة الطوعية هي الأمن والمصالحات القبلية حتى تنداح الأمن والسلم الاجتماعي وإن لم يتم ذلك أولاً فلا عودة ولإعادة تعمير كما أن من أهم إيجابيات مثل هذه المؤتمرات تؤصل إلى عودة القضية إلى الداخل والحل بأيادٍ سودانية بعيداً أجندات الأجنبي لذلك فإن المجتمع ونخب ومثقفي دارفور يمثلون أهم شريك من شكاء السلام فى دارفور وبيدهم الحل والفرصة أمامهم لتفعيل أدوار الشركاء ومواجهة القضية بشفافية ومكاشفة ومناصحة حتى يخرجوا بدارفور من عنق الزجاجة التى جمدت كل أنشطة النهضة والبناء والتعمير رغم الاجتهادات هنا وهناك لكن تظل كل الأيادى مغلولة والمبادرات مخنوقة إذا لم يتجرد أبناء دارفور ويضعوا أياديهم فوق بعض انتصاراً لكرامة دارفور المجروحة وإرساءً لدعائم السلام الاجتماعي والتعايش بتقدير واحترام وبدون تهميش برنامج العودة الطوعية ليس من السهل يتم بدون آليات حقيقية للحوار مع حاملى السلاح وكذلك آليات أخرى لتنفيذ العودة على الأرض حتى لا تكون عبارة عن مهرجانات تنتهي بانتهاء الحفل كما يراها البعض من الساخطين كما ان حكومات دارفور عليها تقنين إقامة وحركة من يريدون الإقامة على حواف المدن والتمتع بحياتها توصيات ومقررات مؤتمر العودة وإعادة التوطين بحاجة إلى تنسيق مواقف بين السلطة الإقليمية ومكوناتها وسلطات حكومات الولايات فى مرحلة تنفيذ هذه التوصيات وما اشتمل عليه المؤتمر من رسائل وموجهات صادرة عن أصحاب المصلحة والمتأثرين الحقيقيين والأفضل أخذها بكامل ملحقاتها وتقديمها إلى مؤتمر المانحين المنعقد بالدوحة فى أبريل المقبل باعتبار أنها تمثل رؤية ووجهة نظر أصحاب المصلحة يقدمونها من أجل نبذ العنف والحرب والعيش فى وطن آمن ومستقر !!