أخيراً قطعت جهيزة قول كل خطيب وانتصرت تطلعات أهل ولاية جنوب دارفور بتعيين اللواء معاش آدم محمود جار النبي والياً مكلفاً لتلك الولاية التي كانوا يعبرون عنها في شكل إشاعات مستمرة بانتظار لحظة إعفاء الوالي السابق حماد إسماعيل لفشله في إدارة الولاية خاصة الجانب الأمني الذي أصبح مروعاً، وحسب مراقبين أن تلك الولاية منذ العام 2007م لم تخنق أمنياً كما هي عليه الآن، رغم موجة الصراعات القبلية التي شهدتها في أوقات سابقة، وكللت بميثاق شرف أهلي وقع أمام رئيس الجمهورية في زيارته للولاية في عهد الوالي الأسبق عبد الحميد كاشا، وقوبل قرار تعيين اللواء جار النبي بالارتياح وسط جماهير الولاية وربما جاء القرار مؤيداً لما آلت إليه الأوضاع على الأرض، بجانب مطالبة سابقة للقيادي بالحركة الإسلامية بالولاية أحمد عبد الرحمن المصري لرئاسة الجمهورية بتعيين والٍ عسكري للولاية إبان مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير بجنوب دارفور، الذي شهده الأمين العام للحركة مهدي إبراهيم. وقال المصري وقتها «يا مهدي قول لرئيس الجمهورية الولاية دي ماشة ساكت أم عصا ولو دايرين الوضع يمشي جيبوا حاكم عسكري». فنيالا التي عاشت بالأمس لحظات فرح عارمة من قبل سكانها بالأحياء المختلفة طبقاً لمصادر تحدثت للصحيفة، بأن البعض وزَّع الحلوى وبعض النساء قابلن الخبر بالزغاريد، وحتى القوات النظامية أبدت ارتياحها للخطوة التي ستكون دافعاً لها لبذل مزيد من الجهود، توقع مراقبون أن خطوة تكليف حاكم عسكري لجنوب دارفور بجانب تعيين كاشا لشرق دارفور ستكتمل بهما حلقة إنهاء التفلتات الأمنية ونشاط الحركات العالقة بين الولايتين، وحسب المعلومات التي تمكنَّا من الحصول عليها أن اللواء آدم جار النبي من أبناء منطقة السنطة بجنوب دارفور وهو أول الدفعة (31) بالقوات المسلحة ومن المميزين من دفعته، عمل معلماً بكلية القادة والأركان، ومعلماً بمعهد جبيت، وقد جاب كل بقاع السودان وشارك فى كل الجبهات القتالية آخرها مشاركته في تحرير هجليج ومن بعدها نزل للمعاش العام الماضي. وهنا يقول العقيد معاش على محمد سليمان أبو ضراع إن اللواء جار النبي من الضباط المميزين بالقوات المسلحة وإنه الرجل المناسب لقيادة الولاية في هذه الظروف الحرجة لأنه رجل قومي ويتمتع بشخصية قوية. وتوقع أبو ضراع أن الوالي الجديد سيحدث نقلة إيجابية في الملفات الأمنية والسياسية بالولاية، وتابع «آخر مرة التقيت بالرجل بمنطقة السنطة عندما كنت معتمداً مكلفاً لمحلية برام، ووقتها أحرقت منطقة السنطة جراء أحداث التمرد حيث جاء هو وبرفقة والي شرق دارفور السابق اللواء محمد حامد فضل الله مؤازرين لأهل السنطة وتقديم المساعدات الإنسانية لهم»، وناشد أبو ضراع أبناء الولاية بمكوناتهم المختلفة الوقوف خلفه والعمل من منطلق الوطن والوطنية لا من وراء تحقيق الأغراض الشخصية، وقال إنهم كضباط معاشيين احتياطي قوات مسلحة سيشكلون قوة إيجابية لسنده وأول الناصحين له حتى يكون البلسم الشافي الذي يعيد الطمأنينة للمواطنين، وتابع «الولاية في عهد حماد أصبحت لا تطاق بسبب التدهور الأمني وإدارته كانت ضعيفة، وكنا كمعاشيين نشفق على حال المواطن، وهنا أشيد بالأداء المتميز لكل الأجهزة الأمنية بالولاية رغم أنها لم تجد المؤازرة والدعم والسند من الوالي السابق»، ووجه رسالة للوالي الجديد بالاهتمام بتلك الأجهزة وأن يكون الأمن أسبقية ومن بعده التنمية، فيما يرى المراقب للوضع بالولاية الزميل الصحفي عبد المنعم محمد مادبو أن خطوة تعيين حاكم عسكري لحد ما موفقة لأسباب عدة منها علاقته بالأجهزة الأمنية وبفهمه العسكري يمكن أن يلعب دوراً كبيراً في تحسين الأوضاع والمهددات الأمنية وحتى نشاط الحركات المسلحة يمكنه التصدي لها برفع الروح المعنوية لتلك الأجهزة التي فشل سابقه في تفعيلها، وأضاف لكونه قادماً من المؤسسة العسكرية يمكن عبرها خلق تنسيق محكم بين كل الأجهزة الأمنية والجهاز التنفيذي للخروج بالولاية لبر الأمان، وفي الجانب السياسي يلفت مادبو الانتباه إلى الذين يعتقدون أن الولاية نُزعت من حماد وأنهم في صفه ألا يشكلوا تياراً آخر، ولا بد أن يتوحد الجميع لمؤازرة الوالي الجديد وعدم شل تفكيره لأنه ربما قادم لحسم المسألة الأمنية العالقة كما يجب على الوالي الجديد الابتعاد قدر الإمكان عن التكتلات القبلية والجهوية التي ظل يحاول البعض زج الولاة الذين يتعاقبون على الولاية فيها، وقد ذهب موسى بدو أحد شباب الولاية إلى ما ذهب إليه الصحفي مادبو، ودعا إلى ضرورة معالجة ما وصفها بسياسات المحسوبية السابقة، وتعيين القوي الأمين وإعادة هيكلة المؤسسات، وأشار إلى أهمية فرض هيبة الدولة ومعالجة التردي الأمني ومحاربة الجريمة التي أصبحت منظمة، خاصة بمدينة نيالا. وأضاف موسى أن الخطوة جاءت متأخرة جداً لكنها ربما ستكون مفتاحاً لانفراج الأزمات العالقة بالولاية ومحلياتها المختلفة.