أثار إعلان الرئيس حول عدم نيته الترشح لفترة رئاسية جديدة ردود فعل واسعة في داخل الحزب وخارجه وتناولتها أجهزة الإعلام والأوساط السياسية بالتحليل والتعليق حيث تباينت وجهات النظر حول القرار البعض وخاصة داخل المؤتمر الوطني اعتبر أن الرئيس هو صمام الأمان للحزب وأن مغادرته لرئاسة الحزب والدولة قد تفتح بابًا واسعاً للصراع خاصة حول اختيار خليفة للرئيس و الذي يرى الكثيرون ان خلافة الرئيس ربما تنحصر في نوابه في الحزب وهما الأستاذ علي عثمان محمد طه نائب الرئيس لشؤون الجهاز التنفيذي والدكتور نافع علي نافع نائب رئيس المؤتمر الوطني لشؤون الحزب واتفاق العضوية واختلافها حولهما ومدى تقبل الأمة السودانية للخليفة يثير قلقًا بالغاً وسط هذه المجموعة فضلاً عن الرصيد الشعبي للبشير والذي يعتبر عنصرًا حاسمً في الانتخابات القادمة والمجموعة الاخرى تنظر للموضوع من وجهة نظر عاطفية بحتة. القرار يُعتبر خطوة في طريق الإصلاح في الحزب بدأها الرئيس بنفسه لإفساح المجال أمام القيادات الشابة للتقدم والتي ربما تغري الكثيرين بالسير في الطريق خاصة بعد ارتفاع أصوات الشباب داخل الحزب التي تنادي بضرورة الإصلاح والذي يبدأ وفق رؤاهم بمغادرة القيادات التي تطاول بقاؤها في المناصب السياسية والتنفيذية وإن كانت هذه الأصوات ظلت تصطدم بمصدات رفض بعض القيادات المغادرة بحجج مختلفة منها أن خبراتهم التي صقلتها التجارب و التحديات تعوز الشباب الذين يتطلعون الى خلافتهم. الإصلاح أو التغيير دعونا نتفق أولاً على المصطلح للاختلاف الجوهري بينهما حسب حديث الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل القيادي بالمؤتمر الوطني لصحيفة الشرق القطرية الذي أشار فيه إلى أن الرئيس البشير يقود عملية التغيير بنفسه ويعمل على دفع الشباب إلى المواقع القيادية وعلى رأسها مؤسسة الرئاسة مشدداً على ضرورة أن يغير الحزب الحاكم سياساته التي ظل يحكم بها طوال الفترة السابقة حتى لا يخسر شعبيته مما يعني أن التغيير الجزئي والإصلاح الكلي هو ما يعمل من أجله الرئيس فيما تبقى له من فترة رئاسية. استقالة أو إقالة بعض القيادات النافذة في الحزب مثل الدكتور غازي صلاح الدين والدكتور بدر الدين محمد إبراهيم أمين الإعلام في الحزب في الفترة القريبة الماضية أوضح أن هنالك أزمة حقيقية داخل الحزب تستوجب الاعتراف بها ومن ثم العمل على معالجتها حتى لا تتفاقم وتصبح أزمة قيادة وإن كان خروج الدكاترة الأخير يشير إلى صراع حول إدارة بعض الملفات الهامة في الحزب. هذا إضافة إلى حال التململ وسط عضوية الحزب والمطالبة بإصلاحات بنيوية في الحزب إضافة إلى تفعيل آليات الضبط و المحاسبة في داخله. ويعتبر الدكتور ربيع عبد العاطي القيادي بالمؤتمر الوطني أن كلمة الإصلاح والنقد الذاتي وإبدال المناهج والأشخاص هي ممارسة وليست شعاراً مضيفاً أن المؤتمر الوطني ليس متكلساً جامداً بل إن منهج التجديد مبدأ من المبادئ الراسخة ومنهج يناقشه الحزب داخل أجهزته المختلفة ولولا هذه المبادئ ما استمر في الحكم لعشرين عاماً وهو ينظر للمستقبل وهو حزب استراتيجي والإستراتيجية تتطلب النظر إلى الأمام بالتحديث والتطوير في المجالات المختلفة. الحديث عن الإصلاح والنقد والتقويم الذي يتم داخل أجهزة الحزب المختلفة ظاهرة صحية لا تثير غضب أحد والإحلال والإبدال من سنن الكون الماضية والإسراع في عملية الإصلاح الحزبي تعتبر ضرورة ملحة مطلوبًا هامًا جداً للمؤتمر الوطني اذا كان يريد كسب رهان بقائه في السلطة في الفترة القادمة خاصة أن عنصر الوقت يطارد الجميع واي إبطاء أو تأخر قد يقود الى خسارة لا يمكن تعويضها وبعدها سوف يكون للحزب وقت كاف بعد أن يلقي هموم إدارة الدولة من أكتافه للمحاسبة والتقييم والإصلاح ولكن بعد فوات الوقت ومراجعة الأداء والنقد الذاتي وجلد الذات يجنب المؤتمر الوطني أعراض الجمود والتخلف الذي أصاب الأحزاب السودانية والتي تختزل كل قيادة الحزب في شخص الرئيس أما الأجهزة الأخرى فليست سوى ديكور ولذلك ظلت هذه الأحزاب تعاني من تعدد الانقسامات وخروج القيادات حين ضاقت مواعين أحزابهم بالرأي الآخر .