{ تتحدث الأخبار عن القبض على عناصر الطابور الخامس في أم روابةالمدينة الآمنة التي اعتدى عليها المتمردون لتكون بأهلها كبش فداء لما يحسبونه كسباً سياسياً، فهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وكأنما أم روابة ليست مدينة سودانية يسكنها المدنيون الآمنون. لكن بين سكانها الطابور الخامس يمهّد لتدمير المنشآت الخدمية التي يعاني عدم وجودها كثير من المواطنين في مناطق أخرى في السودان في الشمال الاقصى والشرق والغرب. ويقول المتمردون إنهم تمردوا من أجل إقامة مشروعات التنمية وتشييد المرافق الخدمية من أبراج اتصالات ومحطات كهرباء ومياه وبناء المدارس والمستشفيات. ومع ذلك تبقى أهدافهم وهم يغيرون على القرى والمدن منشآت المواطنين الخدمية. إن التغيير من أجل المواطنين يكون كما كان في تونس ومصر وليبيا ويحدث الآن في سوريا، فقد أقنع الثوار في هذه الدول أغلب شعوبها، لكن هل استطاعت حركات الجبهة الثورية أن تُقنع الشعب السوداني ليتحرّك هو لصالح برنامج التغيير؟! إن الشعب السوداني يرى منافسة حادة بين الحركات المتمردة قبل أن تصل إلى الحكم. ويرى المجازر في صفوفها، فهل سيقول لهم أجلوا صراعاتكم بعد التغيير؟! لقد عجز قادة التمرد بما فيهم «عنصر التوازن» عرمان عن التفكير الثاقب لتغيير المعادلة الساسية لصالحهم. لقد وضع المتمردون أنفسهم موضع العدو الأكبر من إسرائيل في نظر الشعب السوداني. إن اسرائيل فقط تحيك المؤامرات وتدعمها بالمال الأمريكي طبعاً، لكن من ينفذ هذه المؤامرات غير جبهة عرمان؟!. نعم إن الجبهة الثورية هي جبهة «عرمان». فالرجل يقدم الأفكار النيّرة جداً للمتمردين، ولكنه في النهاية يعمل لصالحه. ولا تهمه محطة كهرباء أو مياه أو اتصالات تدُمّر تدميراً في أم روابة. عرمان بأفكاره التآمرية النابعة من حقده على «الحكومة الإسلامية»، بصفته شيوعياً ها هو يقود المتمردين نحو الهاوية السياسية، فهم في كل مرة يعتدون على قرية أو مدينة ويهربون ليرتفع عدد أعدائهم. فهل هذا في صالح المتمردين أم الحكومة؟! أم أن المتمردين يهمهم بعض المواطنين وليس جميعهم؟! نطرح هذا السؤال لأنهم اعتدوا على منشآت خدمات المواطنين. فما ذنب المواطنين الأبرياء؟! { والحكومة «تدعو» ثم إن الحكومة تدعو المجتمع الدولي لإدانة الهجوم على أم روابة. ومن حقها أن تدعو، فعلى الأقل تلفت الأنظار إلى المزيد من نتائج الدعم الأجنبي للمتمردين في القارة الإفريقية. والقوى الأجنبية تعلم أن مثل هذا الهجوم لا قيمة له للمتمردين، فهو لا يعدو كونه تجارة حرب بالنسبة لهم على مستوى القادة طبعاً، أما الجنود الذين يتحركون بزرع الضغائن في نفوسهم فطالما حصدوا الهشيم في دارفور وجنوب كردفان وأم درمان، ولن يجدوا الآن في أم روابة ما لم يجدوه في أم درمان. فالعاصمة لم تتغير، فلماذا يكون الهجوم على أم روابة بعد أم درمان؟! لكن الواضح هو أن المتمردين تراجعوا عن برنامج التغيير والثورة، فقد صار الدعم الأجنبي شحيحاً مع تحقيق النجاحات الدبلوماسية للدولة السودانية، لذلك أصبح البرنامج برنامج نهب وسلب، وهذا الخيار الوحيد إذا لم يضعوا السلاح.