لم يكن كبري عطبرة القديم الذي شيده الإنجليز مطلع القرن الماضي حاجزاً بين أبناء عطبرةوالدامر.. وظللنا نعمل معاً مع اخوتنا في الدامر وكان كل شيء بين الاثنين واحداً، اتحاد كرة واحد على سبيل المثال وحتى حين تم الفراق كان حكام عطبرة هم الأساس وكنا نستمتع بمباريات الدامر وفرقها كما نستمتع بمباريات عطبرة كما كان أهلنا في الدامر يستمتعون بالأفلام السينمائية في السينمات الوطنية والجديدة والجمهورية كما كنا نستمتع بنار المجاذيب والأثر الروحي الذي تجده في الدامر ونستمتع بسوق السبت العالمي في الدامر وكنت أسعد كمعلم حين يطلب مني الذهاب لمكتب التعليم في الدامر.. الأمثلة كثيرة وقائمة أصدقائنا وزملائنا من أولاد الدامر مليئة بالأخيار وزادتنا سنوات الغتراب قرباً ولكن، وآه من لكن هذه. هنالك لغة سخيفة تطل بين الحين والآخر بأن هنالك تنافساً وحرباً خفية بين المدينتين.. ويقال ان بعض اركان النظام المايوي لهم دور في اشعالها ولكنها سرعان ما انطفأت لوجود العقلاء هنا وهناك.. ولكن ما إن تُطفأ حتى يشعلها البعض من هذا الجانب أو ذاك وتتردد الأسطوانة المشروخة.. عطبرة انتهت، وعطبرة الرائدة، والدامر العاصمة، والدامر الحكومة، وعطبرة حاضرة الشمال... إلخ. خلال أيام وجودي في عطبرةوالدامر سمعت الكثير من الكلمات والعبارات التي تشير أن الحرب البايخة عادت وبطريقة جديدة، وكان هذا الأمر هو أهم موضوع قررت إثارته مع أكثر من مسؤول. وقلت سأبدأ من فوق ولا وقت لإضاعته فيما لا ينفع المدينتين وكلاهما في أمس الحاجة لما يدفعهما وهاتفت الوالي بأنه أود لقاءه لأمر مهم وقال مرحباً بك.. وذهبت إليه في دامر المجذوب وحين هممت بالصعود لمكتبه وجدته هابطاً الدرج.. وبطريقته العسكرية أمسك بيدي ودخلنا عربته وقال انه ذاهب لمتابعة بعض عروض الناشئة في مركز المعلم.. وفي الطريق أبلغته بما يزعجني بأن في الجو همهمة خاصة في عطبرة بأنهم مستهدفون.. وصار الفارق بينهم والدامر كبيرًا. اهتم الوالي بهذا الأمر وطلب أي شواهد تدل على ذلك.. وقال ان عطبرة في قلبه ونالت حظها من التنمية والمسؤولية تقع على مجلس المحلية والمعتمد وجميعهم من أبناء عطبرة.. ولا تدخل من جانبه في تكوين لجان بعض المناسبات انما تأتيه من الوزير المختص، وقال: قد يروج البعض هنا وهناك أنهم نالوا أكثر مما يستحق الآخرون وقد يروج آخرون أن سياسة الاستهداف لا تزال قائمة وكل هذا غير صحيح. واصلت المهمة مع بعض الوزراء وأكد وزير الاعلام أن مكتبه في عطبرة ومعظم مستشاريه من ابناء عطبرة وهو حالياً متفرغ لمهرجان العطبراوي.. وقيام المؤسسات الثقافية وتكوين اتحاداتها.. وأعلن بأنه اصدر قراراً بتبعية مسرح النيل لمحلية عطبرة وكذلك مكتبة عطبرة المركزية التي سيعاد تأهيلها وطلب من ابناء عطبرة التقدم لقيادة العمل وكان مقنعاً.. وبعده اتصلت بأحد أعز أصدقائي من أولاد عطبرة وساكنيها وحالياً هو معتمد الدامر - يا للروعة - انه الأستاذ عبد العال خراساني وهذا لم يجعلني أبدأ معه الموضوع وقال «الحكاية ما تستاهل.. ولا توجد مشكلة.. وما يتردد من افراد هنا وهناك قادرون على الرد عليه عملياً. نقطة.. نقطة حين ذكَّرت بعض ابناء عطبرة بأن الوالي يتحدى ويطلب شواهد على تهميش مدينتهم قال احدهم أمامك مستشفى عطبرة في أسوأ حالاته وهو الذي كان يقدم خدماته لكل المناطق المجاورة، وأضاف ان الحالات تحول الآن الى مستشفى أم الطيور أو مستشفى الدامر.. وهذه المعلومة محولة للأخ الوالي ثم وزير الصحة. في ذاكرتي أول أزمة بين عطبرةوالدامر في السبعينيات حين كان تكوين اتحادات كرة القدم اقليميًا.. وفاز بالرئاسة عمنا المرحوم احمد عبد الرحمن رجل الدامر الكبير، وبالسكرتارية اخونا ابو القوانين محمد الشيخ مدني.. وثار العطبراويون واعتبروا الأمر انتهاكاً لتاريخ عطبرة ودخلنا معهم المعركة ولكن فهمنا فيما بعد أن عطبرة لم تسارع وتقدم خليفة للمرحوم محمد أحمد رحمة الرمز الرياضي الكبير الذي شارك في تأسيس الاتحادين العام والافريقي. المهم أن تنهض عطبرةوالدامر بكل تاريخهما الكبير ويعملان معاً من أجل هذه النهضة بدلاً من أن يمسك كل منهما بخناق الآخر.. وتذهب التنمية للخارج ويكفي أن مجمع جياد الصناعي كان مخططاً له منطقة المقرن الواقعة بين عطبرةوالدامر.. ولكنه ذهب الى الجزيرة.. والآن بدأت رياح التنمية والمصانع والمزارع تهب مع المستثمرين الأشقاء.