متاعب عديدة ومطبَّات واجهت كل مديري الخطوط الجوية السودانية «سودانير» بسبب شح التمويل وضعف الإمكانيات، ويبدو أن وزير النقل د. أحمد بابكر نهار قد أفزعته هذه المشكلات المعقدة العام الماضي، فعندما تحدَّث أحد نواب البرلمان وطالب بتشييع سودانير في موكب مهيب إلى مثواها الأخير لم يعترض بل وافق على هذا الرأي اليائس والمتولِّد من براثن وإرث الإخفاقات العديدة التي عايشتها سودانير منذ عدة سنوات، إذن ما هو المخرج تحت هذا الركام المتداخل من المشكلات والعقبات التي تواجِه سوادنير في ظل وزارة تعلن عن قلة حيلتها داخل البرلمان؟ الأجوبة بلا شك معقَّدة ومن الصعب تقديم إجابات قطعية، لكن تظل كل والوقائع والأسئلة المطروحة نقاطاً تستحق البحث عن إجابة قاطعة حول هذه المعضلة... مشكلات سودانير ليست وليدة هذا العام ولا الأعوام السابقة مشكلات سودانير قديمة ومزمنة بل ظلت شبحاً يلاحق الشركة متمثلة في عدم قدرتها على توفير قطع غيار لطائراتها وعدم القدرة على تجديد الأسطول مما انعكس سلباً على حركة الطيران للشركة والتزاماتها تجاه الجمهور إضافة إلى مشكلات إدارية كان أبرز ثمرتها هو بيع خط هيثرو، وتظل العديد من الأسئلة الحائرة بلا إجابات تبحث عن مكامن الخلل هل الأمر مرتبط بالسياسة وتقاطعتها أم أنه إدراي بحت؟ فمنذ العام «2004» وحتى عام «2013» تعاقب على الشركة عددٌ من المديرين من بينهم نصر الدين محمد أحمد، وعبد الله إدريس «مدير مكلف» ثم أحمد عمر والعبيد فضل المولى ثم عادل محمد أحمد وأخيراً لجنة التسيير، فعدم توفر الموارد والدعم أدى إلى هروب جميع هؤلاء، لكن مؤخراً ناشدت نقابة عمال شركة الخطوط الجوية السودانية «سودانير» رئاسة الجمهورية التدخل العاجل لحل الإشكلات والمعوقات التي تواجه الشركة الخاصة بالعمل الإداري والمرتبات وقضايا التشغيل، داعيةً إلى ضرورة دعم الناقل الوطني باعتباره يمثل السيادة الوطنية و مساهمته في إدخال إيرادات وعملات صعبة لخزينة الدولة الأمر الذي أدى إلى تدخل السيد رئيس الجمهورية شخصياً، وكان من ضمن هذه القرارات، القرار القاضي بتعيين عبد المحمود سليمان مديراً عاماً لشركة الخطوط الجوية السودانية «سودانير»، وأفاد مصدر مطلع بالشركة أن قرار تعيين المدير الجديد لم يسمع به جميع العاملين في الشركة موضحاً خلال حديثة ل«الانتباهة» أمس أن المشكلات الحقيقة التي تواجه سودانير هي مشكلات مالية وتحتاج إلى خطاب ضمان من بنك السودان أي بمعنى أن يكون هناك احتراف بأن الشركة تمتلكها الحكومة وتدعمها، وبالنسبة لقرار تعيين مدير جديد يجب على الحكومة إذا كانت تريد معالجة المشكلات التي تواجه سودانير أن تحدد من اليوم الذي أعلنت فيه القرار هل تريد الاستمرار أم التصفية؟ لافتاً إلى أن الاستمرارية تتطلب الدعم اللوجستي والمالي وغير ذلك يعني أن الحكومة تريد أن تصفي سودانير لأن ما تمتلكه سودانير الآن لا يحقق الاستمرارية ولو لشهر واحد على حد قوله. تساؤلات مشروعة، لكنها تبدو حائرة تحتاج إلى من يفك شفرتها ويكشف كل الخفايا، فهل يفلح المدير الجديد في حل الأزمة المالية والإدارية داخل الشركة وصولاً إلى حقيقة الإخفقات والتجاوزات التي مرت بها؟ وهل يحق لنا أن نحلم بعودة سودانير إلى سيرتها الأولى رغم تلك التداعيات وآفاق الحلول غير الواضحة حتى الآن أو على الأقل غير المطمئنة؟ وهل يفلح عبد المحمود فيما أفسده المديرون السابقون؟ أم ينتهي بها المطاف إلى التصفية وعندئذٍ يتم تشييعها في موكب حزين تماماً كما طالب النائب البرلماني ووافقه الوزير؟. { السيرة الذاتية لمدير سودانير الجديد وُلد عبد المحمود سليمان في خواتيم الأربعينات في قرية فداسي بالجزيرة وتخرج في جامعة الخرطوم كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية عام «1972» عمل مديرًا عامًا لمصرف الادخار والتنمية الاجتماعية لمدة عامين وعمل نائب مدير شركة النيل للبترول لمدة سبع سنوات.