تأخذنا العلاقات مع دول الجوار أخذاً لا فكاك منه إلى مشكلة المياه كمصدر من المصادر الرئيسة للتهديد في المنطقة العربية إذ تجمع الدراسات المتخصصة على أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على شح متزايد في الموارد المائية بحيث تطغى هذه المشكلة على ما سواها فتصير بدورها مسألة حيوية ومصيرية وتتوقع بعض الدراسات أن يكون التنافس على المياه سبباً لإشعال صراعات مسلحة جديدة في المنطقة في مستقبل ليس ببعيد وهنا يمكن تلمس مظاهر هذه المشكلة في أربعة أحواض هي حوض نهر الأردن وحوض دجلة والفرات وحوض نهر النيل وحوض الجنوب اللبناني وتكمن المعضلة المائية في سياسات الجوار فإسرائيل تسرق مياه الجنوب اللبناني والجولان السوري وحوض الأردن ومياه الضفة الغربية وقطاع غزة وتستنزفها وتحرم أصحابها الشرعيين منها والنهران النيل والفرات العظيمان يصبان في الأرض العربية لكنهما لا ينبعان منها وهذا معناه أن يكون لدول الجوار الجغرافي القدرة على التحكم بمجراهما ومنسوبهما وأن يؤدي ذلك إلى إمكان إيقاع الأذى بمصر والسودان وسوريا والعراق ولا سيما في ظل غياب التفاهم الإقليمي وعدم توافر قوة ردع وتشير الدراسات إلى أن العجز المائي في بعض الأقمار العربية أصبح ظاهراً وأن هذا العجز على المستوى القومي سيظهر واضحاً في وقت ليس ببعيد ومن المتوقع أن يواجه مشرق الوطن العربي ووسطه في فترة ليست ببعيدة عجزاً في احتياجاتهما المائية يقدر بمئة مليار متر مكعب من المياه وإذا كانت حاجة الوطن العربي إلى المياه تزداد بتسارع واضح فإن حاجة دول الجوار تزداد أيضاً بتسارع وسيؤدي ذلك إلى سيطرة موضوع المياه على الفكر الإستراتيجي لقوى المنطقة وتتمحور مشكلة المياه أصلاً حول الجدلية القائمة بين محدودية الموارد المائية من جهة ومدى الحاجة الحياتية والحضارية للمياه في كل دولة من دول المنطقة من جهة أخرى، أما الصراع بشأن المياه فهو ينبع من مطامع دول الجوار في المياه المشتركة مع الأرض العربية ومن مطامع إسرائيل التوسعية الاحتلالية وتكمن ذرائعية النزاع من أجل المياه في طبيعة الوضع الجيوستراتيجي للوطن العربي والشرق الأوسط ولهذا تعد مسألة المياه في هذه المنطقة من أكثر المسائل إثارة للجدل والاختلاف والصراع فإلى جانب أنها مسألة اقتصادية واجتماعية وقانونية هي أيضاً بدورها مسألة أمنية إستراتيجية في الوقت ذاته وتتعلق بحياة دول المنطقة وشعوبها وتتشابك مع مشكلات أخرى توالدت منها في الماضي وقد تتوالد في المستقبل نزاعات وصراعات مسلحة مثل مشكلات الحدود والاحتلال والتوسع ويضاف إلى ذلك أن إسرائيل وتركيا تتطلعان إلى أن تقوما بدور إقليمي من خلال مسألة المياه ومن المتوقع أن يظل موضوع المياه في المنطقة العربية محور الاهتمام والتركيز في العلاقات بين دول المنطقة فتنتاب تلك العلاقات مختلف أشكال الاحتكاك بدءاً بالتعاون وانتهاءً بالصراع المسلح ومروراً بالتوتر والتهديد باستخدام العنف ويمكن رد الأسباب والدوافع التي تكمن وراء نشوء النزاعات بشأن المياه واحتمالات تحولها إلى صراع مسلح إلى ثلاثة أسباب رئيسة أولها وقوع بعض منابع المياه خارج الأرض العربية وثانيها تناقص النصيب النسبي للدول العربية من المياه والأمر الثالث هو الاعتداء المباشر على موارد المياه العربية أو الحقوق العربية في كافة مجالات المياه.