ظل الاستغلال الأمثل لإمكانات السودان الزراعية الكبيرة والمتنوعة وتطويعها لتحقيق الرفاهية هي الأمل الكبير والتحدي المتجدد لأهل السودان، وسبق أن شهدت البلاد وضع العديد من الخطط والإستراتيجيات المختلفة بهدف تنمية وتطور القطاع الزراعي، إلا أنها لم تحقق الطموحات المرجوة لعدم ملائمة البيئة الاقتصادية وإتباع أسلوب التخطيط المركزي إضافة إلى ضعف القدرات التنفيذية والاستيعابية لأجهزة التنفيذ، فالقطاع الزراعي العريض كان وضعه متدنيًا في سلم أولويات تخصيص الموارد بالرغم من أنه المحرك الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، واتساقًا مع توجه البلاد الإستراتيجي وزيادة الأهمية ناحية الزراعة وذلك بإعلان برامج النفرة الخضراء وإعداد خطة الإستراتيجية الخمسية جاء تكوين اللجنة العليا لدراسة الواقع والرؤى المستقبلية للزراعة في السودان برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان لدراسة محاور تحقيق النهضة الزراعية وتقديم رؤى عملية قابلة للتنفيذ. وأكد الأمين العام للنهضة الزراعية حسين عبد الجبار في جلسة مجلس الولايات أن برنامج النهضة ارتكز على عوامل نجاح مفتاحية من أهمها معالجة قضايا الأراضي وتنمية الخدمات المساندة وتحديث النظم الزراعية إضافة إلى أهداف إستراتيجية تمثلت في تنمية الصادرات الزراعية والنباتية والحيوانية لدرء مخاطر الانهيار الاقتصادي بسبب الاختلال الناجم عن الاعتماد المتنامي على عائدات البترول بجانب تخفيف حدة الفقر بنسبة «50%» وتوفير فرص العمل وزيادة دخل الفرد، وأضاف أن توزيع مشروعات النهضة الزراعية في الولايات لا تتم بالتساوي فيما بينها فمثلاً برامج الطرق الزراعية يعطي أولوية مسبقة للولايات ذات الثقل الإنتاجي والتي ترتفع فيها معدلات الأمطار الموسمية ما يشكل وجود الأودية والخير عائق لتوصيل مدخلات الإنتاج وتوصيل الإنتاج الزراعي للأسواق، أما برامج حصاد المياه فيتم توزيعه بين الولايات إلا إذا تعذر ذلك من النواحي الأمنية، وكشف عبد الجبار عن مخاوف وتوجس من البنك السوداني المركزي من تمويل النهضة الزراعية بحجة أن (البنوك فاضية وما فيها قروش) بجانب المشكلات حول الأراضي والنزاعات المستمرة في ملكيتها بين الحكومة والمواطنين وقال (تأكد لنا أن المواطنين وتنفيذ قراراتهم أقوى من أي قانون يقف أمام حيازتهم للأراضي) بجانب وجود معوقات تواجه التطور الزراعي بالسودان في مجال الاستقرار الاقتصادي من أهمها زيادة نسبة التضخم إلى «21%» وتراجع الناتج الإجمالي المحلي إلى أقل من «3،5%» إضافة إلى تأثر السودان بالأزمة المالية الاقتصادية العالمية وضعف عائدات البترول وتقليل نسبة الإنفاق على برامج النهضة الزراعية وزيادة أسعار السلع والمحصولات الزراعية، وأشار عبد الجبار إلى وجود تنسيق مع وزارة الزراعة لمعالجة المشكلات التي تواجه النهضة الزراعية لافتًا إلى أن كثيرًا من الجهات تعتبر أن النهضة «ضرة» وزارة الزراعة ولكن علاقة النهضة بالوزارة هي علاقة واجبات ومهام من مختلف الدوائر منها «متابعة الإنتاج النباتي، الحيواني، الثروة السمكية والمراعي» إضافة إلى دائرة الصناعة والقيمة المضافة لربط المنتجات الزراعية بسياسة التصنيع ومتابعة تحريك الطاقات المعطلة في القطاع الصناعي المؤثرة على الزراعة.