بيان من وزارة الثقافة والإعلام والسياحة حول إيقاف "لينا يعقوب" مديرة مكتب قناتي "العربية" و"الحدث" في السودان    يرافقه وزير الصحة.. إبراهيم جابر يشهد احتفالات جامعة العلوم الصحية بعودة الدراسة واستقبال الطلاب الجدد    المريخ يكسب تجربة البوليس بثلاثية و يتعاقد مع الملغاشي نيكولاس    حسين خوجلي يكتب: السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    البرهان يصدر قراراً بتعيين مساعد أول للنائب العام لجمهورية السودان    راشفورد يهدي الفوز لبرشلونة    ((سانت لوبوبو وذكريات التمهيدي يامريخاب))    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    نوارة أبو محمد تقف على الأوضاع الأمنية بولاية سنار وتزور جامعة سنار    قبائل وأحزاب سياسية خسرت بإتباع مشروع آل دقلو    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    ما حقيقة وصول الميليشيا محيط القيادة العامة بالفاشر؟..مصدر عسكري يوضّح    "المصباح" يكشف عن تطوّر مثير بشأن قيادات الميليشيا    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء مثيرة.. تيكتوكر سودانية تخرج وترد على سخرية بعض الفتيات: (أنا ما بتاجر بأعضائي عشان أكل وأشرب وتستاهلن الشتات عبرة وعظة)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغريبة بني شقيش وفارسهم الهمام المشلهت الدياسبوري «الحلقة 25»
نشر في الانتباهة يوم 20 - 06 - 2013

هذه حلقات متتابعة لرواية تتكون من ثلاثة أجزاء «ثلاثية» أولها «التغريبة» يتلوها «مشلهت والضياع الكبير» ثم الجزء الأخير «مشلهت والضياع الأكبر». تتمدد هذه الرواية في مساحة زمنية كبيرة تبدأ من اليوم الأول لانقلاب الرئيس الأسبق جعفر نميري في صبيحة الخامس والعشرين من مايو «1969م» وتتواصل أحداثها إلى معتقل قوانتانمو في القاعدة الأمريكية في كوبا. تُنشر لأول مرة مكتملة بأجزائها الثلاثة في جريدة «الإنتباهة».
ملخص الحلقات السابقة
مشلهت كان يعمل وكيلاً لإحدى الوزارات الخدمية وهو وعدد من الناس اضطرتهم ظروف الحكم المايوي إلى مغادرة السودان وطلب الهجرة والعمل في الدول الخليجية في أكبر هجرة عرفها السودانيون وكان من بينهم الدكتور الزبير الأستاذ بكلية الهندسة الذي وصل معهم المملكة العربية السعودية إلا إنه جاءه خبر وفاة زوجته في حادث انفجار أنبوبة غاز مما اضطره للرجوع للسودان فاستعان بصديقه مشلهت ليدبِّر له أمر الرجوع للسودان. وجاء موضوع أخته سعدية التي أُصيبت بنزيف في المخ أحدث لها شللاً وتقرر نقلها للمملكة العربية السعودية لعلاجها. ولكنها توفيت قبل أن تصل مطار جدة.
الحلقة «25»
معاوية في نظرهم الآن شيخ طريقة محترم ولهذا كانوا يأخذونه لاجتماعاتهم ليخاطبهم باللغة العربية والتي كانوا ينفعلون من جرسها وأصواتها دون أن يفهموا شيئاً مما يقوله ولكن معاوية وبما انه يتكلم اللغة الروسية كان يترجم لهم خطبته بالعربية باللغة الروسية... وهكذا اعتبروا معاوية شيخاً محترماً ويعظمونه ويبجلونه... ونسى الباكستاني مشتاق ومعاوية أنه عليهما أن يسيرا في الأرض ولا يبقيا في مكان واحد... ويبدو أن الحفاوة التي لقياها أنستهما خطة عملهما.
وذات يوم وصلهما مندوب عاصموف واخبرهما بأنهما سيكونان ضمن وفد سيطوف على عدد من البلدان ولذلك عندما وصل حيث يوجد خاله مشلهت... سأل عنه حتى اهتدى الى حيث يقيم... وهو الآن يجلس في صالون خاله وسط دهشة خاله وأطفاله وزوجته.. ويستفهم مشلهت..
- يعنى أنت هسع بقيت داعية ووقدياني كمان ومن أتباع الدجال غلام أحمد ميرزا القادياني، وطيب جاى هنا ليه؟
ويجيب معاوية:
* صلة الرحم
وينهض مشلهت وهو غير مصدق إن الذي يقول ذلك الكلام هو معاوية...
- صلة الرحم؟.. يا أخي ما بتخجل؟ انت الرحم ذاتو كتلتو... هسع جاى تقول صلة الرحم؟ يا أخي ما بتخجل؟ انت الرحم ذاتو كتلتو.. هسع جاى تقول صلة الرحم؟
ولا يبدو أي انفعال على معاوية إذ يقول:
- أنا لا اقتل... أنا عبد مسير والذي يقتل هو القادر أن يهب الحياة وان يأخذها.. لماذا لا تفهم موقفي يا خال؟
- ياتو موقف الافهمو؟ موقفك لما غشيتني وضحكت علي أنت وزمايلك المجرمين العاملين عصابة في موسكو ولا موقفك لما أمك مرضت بسببك؟ ولا موقفك لما أمك ماتت وبرضو بسببك؟ وطبعاً إنتو في القديانية شيخكم اللي عمل نفسو في منزلة أعلى من منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم آوصاكم ألا تعملوا حساب للعايلة؟ وفى هذه الأثناء احضر ابن مشلهت مشروباً يحمله على صينية ويشير معاوية انه لا يود أن يشرب شيئاً ولكن مشلهت يصر عليه فيقول معاوية:
- أنا لا اشرب شيئاً لا اعرف مصدره...
وتسقط تلك الكلمات على مشلهت كالصاعقة فيصيح:
- تقصد شنو يا معاوية بكلامك دا؟
- اقصد انه إذا سلم المصدر حلا المذاق.. وإذا لم يسلم المصدر لا يدخل جوفي...
ويهز مشلهت رأسه في حيرة ويقول:
- والله دا تطرف كمان من نوع جديد.. وأنت فالح لما غشيتني أنت وعصابتك وسرقتو دولاراتي... كنتو عارفين مصدرها شنو؟
ولم يجب معاوية إجابة مباشرة إذ انه غمغم:
- يغفر الله ما دون الشرك...
ويبدى مشلهت حيرة وهو ينثر تساؤلاته أمام معاوية الذي بدا لغزًا كبيراً:
- والكلام دا كلو اتعلمتو في ظرف الكم شهر دى؟... يعنى بقيت عالم وتفتى كمان؟.. ما شاء الله...
وما بتسأل عن أخواتك.. مش ديل برضو رحمك ولحمك ودمك؟ أنت عارف دلوقت عايشات كيف بعد ما أمهن ماتت وبعد ما أنت أصبحت في الحالة دى؟
ولا خلاص... أنت بقيت داعية ونسيت انو عليك واجب تؤديه نحو أخواتك؟
ويجيب معاوية في شكل سؤال:
- هل هن محجبات
ويصرخ مشلهت:
- يا زول أنت جنيت؟ ودا دخلو شنو بواجبك نحو أخواتك؟ محجبات؟ بتحجبن يعنى يعملن شنو... اكتر من كدا؟
ويرد معاوية:
- الشيطان يحول بين المرأة وحجابها ولذلك أنا لا أسأل عمن كان الشيطان قرينه..
_ إنت ناسي إنو في ناس كتار ما بصافحوا وبيأمروا بالحجاب لكن ما نسوا صلة أرحامهم ولا اعتقدوا في ميرزا بتاعك دا؟ إنت عارف إنو الأزهر منع كتبو وحرقها؟
- أيوا نحنا محاربين...
وفى هذه الأثناء يحين موعد برنامج الرسوم المتحركة للأطفال ويبدو أن ابن مشلهت أدار جهاز التلفزيون فانطلقت الموسيقا المصاحبة للرسوم المتحركة.. فهب معاوية واقفاً وهو يضع أصابعه على أذنيه ويقول:
* اقفل يا ولد... هذا منفذ من منافذ الشيطان... لن أبقى هنا في منزل يصول ويجول فيه الشيطان..
ويأمر مشلهت ابنه بأن يخفض صوت التلفزيون حتى تهدأ ثورة معاوية... فيجلس وهو يرتجف بشدة وتخور قواه ويدخل في غيبوبة مفاجئة...
ويتصل مشلهت بالإسعاف... وينتقل معاوية الى المستشفى... وفى قسم الطوارئ كان المسعفون يضعون داخل وريده إبرة تحمل محلولاً من السكر والملح.. ريثما يأتي الطبيب الذي يجرى فحوصاته عليه ويطلب إجراء بعض التحليلات ويقول لمشلهت:
- دا أخوك..؟
- لا...دا ود أختي
- وكان وين دا... ومالو عامل في نفسه كدا...؟
- تقول شنو؟ اهو بلاوى عجيبة كل مرة تطلع في شكل...
ويقول الطبيب باهتمام:
- الحقيقة أنا عايز اعرف هو كان وين عشان اقدر احدد.. يعنى كان في منطقة ملاريا مثلاً...؟ ولا اخذ فيروس من حتة ما؟
ويرد مشلهت:
- يا أخوى.. دى قصة طويلة.. وباختصار الراجل دا نحنا ما كنا عارفين محلتو... ولما فجأة ظهر قال انو كان في الشيشان؟
- الشيشان؟
- ايوا الشيشان... تتصور...
- وبيعمل شنو في الشيشان والوداهو هناك شنو؟
- تقول شنو يا أخي؟ ماهو طرطشة أولاد... وقدرك.. المهم حكاية الشيشان دى مهمة جداً... لأنو النوع دا غالباً بكون عنده تصورات غريبة... عن الزهد... وبهمل نفسه وأحيانًا بكون عنده فقر دم حاد... والكويس نحنا أخذنا عينة من الدم للفحص العام وكدا... خلينا نشوف النتيجة طلعت ولا لا...
ويذهب الدكتور للمختبر ويعود ومعه ورقة يقرأ منها ويقول:
- بالضبط زي ما اتوقعت الراجل دا عنده فقر دم حاد... ولازم نسرع في علاجه... تصور باسم الأفكار المغلوطة زي دا يروح فيها.. يا أخي الإسلام واضح وعديل ودين رحمة... ولو الواحد فهمو على حقيقته اصلوا ما ممكن تحصل ليهو حاجة زي دى... لكين نقول شنو؟ هسع هو قاعد معاك؟...
- قاعد معاى وين؟ دا يا دوبك جانى... وأنا ذاتي ماعارفو نازل وين...
وبينما هما يتحدثان إذ اقتحم المستشفى شخص باكستاني اخذ يصيح قائلاً:
- أين هو؟ ماذا فعلتهم به؟ أنا أحذركم..
معاوية سقط مغشياً عليه في منزل خاله مشلهت وفى المستشفى اكتشفوا انه يعانى من فقر دم حاد... وبينما هم في المستشفى اقتحم ردهة المستشفى مشتاق الباكستاني وكان يصيح محذراً.
و كان هائجاً وهو يتحدث بلغة إنجليزية ركيكة ذات لكنة محددة...
- ماذا فعلتم بمعاوية؟ أنا أحذركم... إياكم ومعالجته هنا... نحن نعرف كيف نعالجه... أعطوني له وسآخذه معي.
ويتساءل الدكتور وهو بخطاب مشلهت؟
- ودا منو دا؟ ودا راكب من وين؟
ويهز مشلهت رأسه وقد أخذته الدهشة...
- ما عارف... اهو واحد من المصائب الاعتدنا عليها. ويلتفت نحو الباكستاني:
- من أنت؟
- أنا مشتاق حبيب مشتاق صديق معاوية ومعلمه..
- وماذا تعلمه
- اعلمه أصول الدين القدياني الحنيف... ولكن هذا ليس من شأنك أنا أريد أن آخذ معاوية معي...
ويوضح الدكتور:
- أولاً أنت ما ممكن تأخذ معاوية معك لأنه مريض ويحتاج الى علاج وهذه مسئوليتنا... ثم ثانياً ما في قانون يعطيك الحق تطالب بأخذه وهذا خاله وولي أمره يقف أمامك هنا وهو أولى بابن أخته..
ويصيح مشتاق:
* هراء... كلام فارغ. أنا لا اعترف بخاله هذا... خاله لا يتبع الطريق القويم... انظر الى لبسه... اليس هذا لبس الكفار؟ وتقول لي خاله؟ خاله يعيش في ضلال ومعاوية يعيش في نور... وأنا أولى به لأني معلمه... وقد علمته الطريق القويم...
وهنا يثور مشلهت إذ انه لم يتوقع مثل هذا الكلام
- اسمع يا دجال... إذا كنت تعتقد انك قد غسلت مخ الولد بالكلام الفارغ بتاعك دا... فما ممكن تقدر تغسل أمخاخنا... وبتعرف ايه أنت عن الطريق القويم؟ هل الطريق القويم؟ وبعدين نحنا قاعدين نتناقش معاك ونتلكم معاك ليه؟ من أنت حتى نضيع وقتنا معك..
ويلتفت مشلهت نحو الدكتور:
- اسمع يا دكتور.. شوف شغلك دا واحد مجنون... ويقاطعهما مشتاق الباكستاني:
- أنا أحذركما... لا تنقلوا له أي دم... نقل الدم حرام وإذا نقلتم له دماً فإنكم ستتحملون المسؤولية.. والآن أريد أن أراه...
ويتصل الدكتور من تلفون معلق على الجدار بغرفة المراقبين ليطلب حرساً من المستشفى... ويقول:
- أنت خليك قاعد هنا لحدي ما يجي الحرس يعرف شغله معاك...
ثم يخاطب مشلهت
- خليك منو... دلوقت الحرس حيخلصنا وهم بعرفوا كيف يتعاملوا مع العينات دى...
ويدخل الدكتور ومشلهت إحدى الغرف ويحاول مشتاق أن يدخل خلفهما.. الا انهما يوصدان الباب في وجهه... ويقف مشتاق في ذلك الممر وهو يصرخ ويشتم ويتوعد فيثير ذلك فضول بعض المرضى ومرافقيهم فيتجمعون حوله.. وهنا يحضر حرس المستشفى ويقتاد مشتاق الى غرفة المراقبين وهو يقاوم ويحاول الإفلات منهم الا انه لا يستطيع بعد أن وضع في تلك الكماشة القوية وهو بجسمه النحيل يحاول «الفرفصة» دون فائدة.
وفى غرفة المراقبين.. يصيح مشتاق ويواصل هيجانه قائلاً:
* أنا أحذركم... لا تحاولوا أن تلوثوا صديقي وتلميذي معاوية بأي دم تعطونه له... الدم حرام ونقله حرام... أنا عندي أعشاب هي العلاج الشافي لتلميذي معاوية...
ويحاول كبير المراقبين أن يهدئ من ثورته حتى يفهم ما الموضوع:
- أرجوك اهدأ قليلاً.. واشرح لي ما الموضوع... وأنا سأحاول بإذن الله مساعدتك...
ويهدأ مشتاق قليلاً ثم يقول:
- معاوية تلميذي... جئنا سوياً من الشيشان وذهب هو لأحد الأشخاص وقد علمت انه أصيب بغيبوبة ونقله ذلك الشخص الى المستشفى عندكم هنا... وهو ليس له الحق في نقله... لأن علاجه عندي... ونحن لا نريد له أن يتعالج في مستشفيات لا تتبع الطريق القويم...
فإذا أردت مساعدتي أرجو تسليمي معاوية الآن...
ويسأله كبير المراقبين:
- هل أنت ولي أمره؟
- نعم...
- بموجب ماذا؟
- بموجب أنني معلمه...
- اقصد هل يمت لك بصلة القرابة؟
- يمت لي بصلة العقيدة... وهذه كما ترى أقوى صلة من صلة القرابة...
- ولكن القانون لا يعرف هذه الصلة... إن صلة القرابة هي الصلة الوحيدة التي يعترف بها القانون...
ويصيح مشتاق:
- ولكن القانون الذي تتحدث عنه قانون وضعي... وأنا لا اعترف به....
ويشعر كبير المراقبين انه أمام شخص عنيد منحرف التفكير ولهذا يقول له:
- اسمع يا هذا... أنا سآمر حراس المستشفى أن يقتادوك الى الخارج ولا أريد أن أراك هنا... ومعاوية سنحتجزه هنا الى أن يتعافى... وعندما يخرج من المستشفى هو حر في الذهاب لك أو في عدم الذهاب ولكنى أحذرك.... فإذا رايتك مرة أخرى هنا سلمتك الشرطة وهى ستتصرف معك... ويخاطب الحرس قائلاً:
- خذوا هذا الشخص الى الخارج وأرجو الا تسمحوا له بالدخول هنا...
ويأخذ الحرس مشتاق وسط صياحه وهيجانه الى خارج المستشفى...
- وفى داخل غرفة الطوارئ كان معاوية يرقد ضعيفاً دون أن يبدى حركة ظاهرة...
ويقرر الدكتور أن معاوية يحتاج فعلاً الى نقل دم... وتتم هذه العملية ويبقى مشلهت مع معاوية في الغرفة وينظر في ساعته فإذا بموعد دوامه المسائي قد بدأ قبل نصف ساعة تقريباً... فيوصى الممرضة قائلاً:
خلى بالك منو... أنا حامشى الشغل دلوقت وحا أتصل بيكم من هناك... وينصرف مشلهت:
يبقى معاوية في المستشفى لعدة أيام كان يزوره في خلالها خاله مشلهت ويبقى بجانبه دون أن يكون هناك حوار بينهما اكثر من السؤال عن الحال وكيف اصبح معاوية هذا اليوم... وكان معاوية يجيب إجابة مقتضبة بأنه يشعر بتحسن... الا أن مشلهت لاحظ انه في زيارته الأخيرة كان معاوية قلقاً... يقف فجأة ثم يذهب ناحية النافذة وينظر من خلالها الى موقف السيارات ثم يعود ولا يمكث برهة حتى يذهب لدورة المياه ويبقى فيها زمناً طويلاً ثم يعود وهو يلتفت يمنة ويساراً وقد بدت عيناه زائغتين كأنهما تبحثان عن شيء ما... أو كأنه في انتظار شخص ما... لم يعر مشلهت ذلك القلق أهمية بل اعتبره نوعاً من عدم الاستقرار النفسي الذي يعانى منه معاوية منذ وفاة والدته التي حاول معاوية أن يتعامل معها بشيء من عدم المبالاة... ولكن الواقع يقول لو انه كان في مقدور معاوية أن يبكى بشدة لفعل ولشعر براحة عميقة... فهناك الكثير من المشاعر الحزينة لا تغسلها الا الدموع.. ويبدو أن معاوية كان يبحث جاهداً عن تلك الدموع التي تغسله من الداخل وتبلل صدره من الخارج... الا إن التعالي والمكابرة جعلاه يخفى تلك المشاعر عن خاله مشلهت..
ودع مشلهت معاوية كعادته في مثل هذا الوقت الذي يعرج فيه من مكتبه لزيارة المستشفى وهو في طريقه لبيته... ثم القى بنفسه خلف عجلة القيادة وانطلق الى بيته.
عندما جاء مشلهت هذه المرة الى المستشفى كانت هناك حركة غير عادية داخل الغرفة التقى بالطبيب الذي كان يشرف على علاج معاوية حيث بادره الطبيب قائلاً:
- يا خوى... زولكم اختفى...
- اختفى وين؟
آخر الكلام:
ما هو أطول عمل يستحيل إكماله كما يقول الأستاذ الفاتح جبرة عن خط هيثرو؟
الإجابة الصحيحة:
- نملة تدفن زوجها الفيل المتوفى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.