بدأ أول تطور لعمل القابلات في السودان في العام «1921م» عندما تم افتتاح أول مدرسة لتدريب القابلات بأم درمان وكانت الوحيدة حتى عام 1948م وهي الفترة التي شهدت افتتاح «8» مدارس للقابلات بعواصم الولايات المختلفة، ويرجع الفضل في نشأة وتدريب القابلات في السودان للممرضة البريطانية «مس وولف» قدمت من مصر وكانت أول عميدة لمدرسة قابلات أم درمان، وفي 2001م وقَّع وزراء الصحة بالولايات مع وزير الصحة الاتحادي إعلان السودان من اجل «حمل أكثر أمان» وذلك بهدف توفير قابلة مدربة لكل قرية، تلا ذلك افتتاح عدد من مدارس القابلات بجميع ولايات السودان إلى أن وصل العدد حاليًا إلى «37» مدرسة بالإضافة إلى «3» مدراس لتدريب الممرضات القابلات وبالرغم من ذلك فإن النسبة الحالية والتي تصل إلى حوالى57 % حتى عام «2010» ورغم الزيادة في عدد القابلات المدربات اللاتي يصل عددهن إلى «16078» إلا انه لا يتناسب مع السياسة التى انتهجتها وزارة الصحة الاتحادية بتوفير قابلة لكل قرية، كما نجد أن نسبة الولادة التى تتم بالبيوت حوالى «80 %» حيث إن جزءًا كبيرًا من هذه الولادات تتم بواسطة أشخاص غير مدربين مثل التقليديات مما يشكل خطرًا على حياه الأمهات. ولقد شهدت الآونة الأخيرة تطورًا كبيرًا في عمل القابلات بعد أن تم تأسيس مدارس لتدريب القابلات اعقبت فترة ما كان يطلق عليهن اسم «دايات الحبل» وكن يمارسن مهنة التوليد دون دراية بأبجدياتها، وبما أن عمل القابلة يعتبر العمود الفقرى لتقديم خدمات رعاية الحمل والولادة والعناية بالطفل حديث الولادة خاصة في المناطق النائية والبعيدة عن المستشفيات فان الاهتمام بها يمثل إستراتيجية هامة لخفض وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة وتحويل الحالات غير الطبيعية الطارئة والحالات ذات الخطورة العالية في الوقت المناسب للمكان المناسب إلى غير ذلك من مهام القابلة التي سُمِّيت بالقابلة «لأنها أول من تستقبل المولود» فإذا كان هذا جزءًا يسيرًا من تاريخ عمل القابلات في السودان وكيف تتطور مع أهمية الدور الذي يقمن به والذي لا يخفى على أحد فإن هذه الفئة تعتبر من الفئات المهمشة والمظلومة سواء كان ذلك من قبل الجهات الرسمية أو من قبل وزارات الصحة على امتداد السودان ويتمثل ذلك في عدم وجود هيكل وظيفي يستوعبهنّ في سلك الخدمة المدنية حتى يتمكنّ من الاستقرار العملي والوظيفي والمعيشي ودائمًا ما تعتمد القابلة على ما تجود به أم أو والد المولود الجديد الذي تستقبله القابلة من مال قل منه أو كثر. تقول عدد من القابلات بالشمالية تحدثن ل«الانتباهة» عن أوضاعهنّ وكيف أنهنّ يعملن في ظروف صعبة لإنقاذ الأم عندما تداهمها «آلام الولادة » سواء كان ذلك في ليل الشتاء البارد أو زمهرير الصيف اللافح فإنهن يسارعن إلى أداء واجبهنّ دون النظر إلى وضع الأسرة وتضيف إحداهن «في بعض الأحيان نجد أن رب الأسرة وضعه لا يمكِّنه من الإيفاء بالتزامه تجاه القابلة ونقدر ذلك ولكن نطمع في التعويض من آخرين وهنالك بعض القابلات تم استيعابهنّ في وظائف عمالية إلا أن عددهن قليل ونحن ننتظر من حكومة الولاية الشمالية استيعابنا في وظائف حتى نستطيع مواجهة تكاليف الحياة التي أصبحت لا تطاق. غير أن والى الشمالية فتحي خليل محمد وعد بإدراج القابلات في الهيكل الوظيفي في السنة المالية الجديدة للعام «2012م» جاء ذلك أثناء مخاطبته ورشة العمل حول «صحة الأمومة والطفولة بالولاية الشمالية» مطلع يونيو الماضي والذي جاء تحت شعار «قابلة مؤهلة لسلامة الطفل وسعادة الأسر» كما انطلقت في ذات الفترة الدورة التدريبية للقابلات بالشمالية وافتتاح مشروع تأهيل وتدريب القابلات بالولاية الشمالية، حيث شدد والي الولاية على ضرورة وضع الأولويات لأن الولاية مقبلة على مرحلة تنمية، وأضاف أن «الأولوية ستكون للقابلات لأنهن «أول من يقابلن المولود» مشيرًا إلى أنه لابد من إحداث الرعاية التامة لهن، موضحًا أن الولاية الشمالية تعاني من قلة السكان لعدة أسباب، بينما شدد وزير الصحة بالشمالية الدكتور حسن عبد الرحمن على أهمية وجود قابلة لكل قرية منوهًا بأن وزارته ستعمل قبل نهاية هذا العام على تدريب كافة القابلات والذي سيكون من أولويات وزارة الصحة في هذه الفترة، مشيرًا إلى ضرورة تغيير الواقع الموجود وذلك من خلال توظيف القابلات، وتحسر وزير الصحة لتوقف المدرستين الموجودتين بالشمالية بكل من دنقلا ومروي منذ العام 2006م واللتين كانتا تخرجان القابلات موضحًا أن مجلس الوزراء بحكومة الولاية أجاز قرار توظيف القابلات وإيجاد هيكل وظيفي للقابلات حتى يُسهمن في تطوير العناية بالأمهات. عمومًا فالبرغم من تطور العمل الطبي وانتشار المستشفيات والمراكز الصحية على امتداد المواقع السكنية في كل ولايات السودان إلا أن ندرة الكوادر دائمًا ما تشكل حضورًا وتبقى أهمية وجود قابلة بكل قرية أمرًا حتميًا وهو ما يحتم على الدولة العمل على تحسين أوضاعهنَّ.