في خاتمة الحلقة الثانية من مقاله وعد الملخوم اللخمي قراءه قائلاً:« ونواصل في الحلقة القادمة مناقشة الكتاب، وما هو الجديد الذي طرحه؟؟». غير أنه لم يف بما وعد ولم يناقش الكتاب ثم يوضح ما هو الجديد بعد ذلك؟ (بهذا الترتيب المختل المعيب!) ولم يتطرق في الحلقة التي عناها إلى توضيح الجديد في كتاب الدكتور محمود ولم يتطرق إلى ذلك قط. بل لم ترد كلمة الجديد في هذه الحلقة من مقاله على الإطلاق فعرفنا عند ذلك أن اللخمي كان في عز لخمته عندما بذل الوعد. وبدلاً من أن يفي الملخوم اللخمي بوعده في التعرض لنقد الدكتور خالد موسى لكتاب الدكتور محمد محمود سوَّل له شيطانه أن ينتاشني بسهام صدئة، ولكن من دون أن يذكر اسمي فرَقاً مني وجزعاً من أن أردها إليه سهاماً صحاحاً من قوس متين. وقد مهد لتعرضه لشأني من طرف خفي بدرس مبتذل قال فيه:« وهنا استطراداً، أقول إن الكتاب، أي كتاب، هو وجهة نظر، يمكن أن يتفق الناس معها، أو يختلفون لا أكثر و لا أقل. ويدرك الذين يدرسون علوم اللغويات الحديثة، وتطورها، أن أي نص لغوي، يحتمل قراءات متعددة، ولا توجد مطلقاً قراءة واحدة مطلقة لأي نص». بمعنى أن المؤلف يموت ونرث نحن كلامه ونتصرف فيه كما نشاء، ولو بعث هذا المؤلف حياً وقال لنا: كلا! إني لم أقصد هذا المعنى الذي فهمتموه من كلامي، نرد عليه قائلين: ياخي موت موتك، وخلينا في حالنا لنفهم كلامك الذي لم يعد كلامك كما نشاء! وقد وجه الكويتب هذا الدرس المكرور المبتذل إلي، ولكنه لما كان لا يأمن جانبي المرهوب لديهم جيداً، فقد خاف أن يذكر اسمي، واكتفى بأن وصف أسلوبي الذي يسلقهم أحياء فقال: «لذلك نقول«للإسلاماني»، ومصحح مقالات الإنترنت، الذي هبط علينا بالحلقات الأولى من مقالاته المليونية، منتفخ الأوداج، مهلاً، فإن ما قلته، وما تريد أن تقوله، هو أيضاً مجرد وجهة نظر، وليس وحياً منزلاً من السماء، أو حقائق علمية صمدية مثل قوانين الفيزياء، والبيولوجيا، لا يأتيها الباطل من بين يديها، ولا من خلفها. ودعنا من «البوبار»، والإسفاف في القول من شاكلة، إن هذا يخاف من سطوة قلمي، وسحقت هذا، وطرحت ذاك أرضاً. فهذه ليست لغة علم، ولا لغة علماء، ولا لغة حوار. هذه لغة البلطجية، واللصوص، وقطاع الطرق، وفتوات حارات نجيب محفوظ». فهو يأخذ علي أولاً تصحيحي لمقالات الحداثيين وتنقيتها من أخطاء الإملاء والنحو والركاكة كما فعلت بمقالاته هذه. ولا أدري ما الذي يغضبه ويغضبهم من ذلك، فإني أسدي إليهم خِدمات جلى بتعريفهم بمزالقهم اللغوية، عسى أن يتداركوها ولا يتردَّوْا فيها في قابل. وأني أضطرهم إلى أضيق الطرق طرق تعلم قواعد الإملاء والنحو والإنشاء والتدرب عليها قبل أن ينشروا إنتاجهم الغثائي الحداثي على الملأ. فعلى أقل التقدير ينبغي أن تكون جملهم اللغوية صحيحة، وألا تكون تهتز حطاماً وهشيماً مثل المادة الفكرية التي يبثونها فيها. وإني لأجهد في تأديبهم بأدب احترام الضاد كما ينبغي، فهم لا يرعون لها حرمة مع أنها لغتهم الأصلية، وتجدهم في غالب أحوالهم لا يعرفون لغة سواها، ومع ذلك لا يجيدونها ولا يسيطرون عليها بالحد الأدنى المقبول. وفي هذا الصدد ربما أصغوا إلى نصيحة واحد من شياطين الإنس الحداثيين من شيوخهم، وهو الشاعر صلاح عبد الصبور، الذي أوحى إليهم ألا يضيعوا أوقاتهم في تعلم لغة الضاد. ولم أر أديباً غيره يوصي أتباعه بعدم احترام لغتهم وألا يألوا جهداً في تكسير أصولها و«تحديثها» بشكل جنوني. ولم أر مثقفاً قط في اللغة الإنجليزية ولا في غيرها من لغات الدنيا يكتب بأسلوب متكسر، ثم يدعي أنه مثقف في تلك اللغة، ويتطاول أكثر فيدعي أن جهله بلغته من لوازم تجديدها. وأنه لتسعدني كثيراً أمواج الذعر التي تدب في قلوب هؤلاء الحداثيين من أمثال الملخوم اللخمي، وذلك كلما لذعتهم سياط مقالاتي، وأراني أستمتع بذلك وكيف لا أسعد وأهنأ وأنا أطأ كل موطئ يغيظ أمثال هؤلاء. ولا أدري كيف أدرك أن مقالاتي في نقد صاحبه ووليه صاحب كتاب الكفر والإلحاد الصُّراح الدكتور محمد أحمد محمد ستبلغ مليوناً وهو لم يطلع إلا على ثلاث منها. ولكن الحقَّ ما ظنه ومنّى به نفسه فإنها مقالات طوال. وليت شعري أين وجد هذا الكويتب في مقالاتي إدعاء مني بأنها: «وحي منزل من السماء، أو حقائق علمية صمدية مثل قوانين الفيزياء، والبيولوجيا، لا يأتيها الباطل من بين يديها، ولا من خلفها». فهذا ما لم أقله ولم أزعمه ولكن زعمه هو وزعمه من قبله أصحابه الحداثيون الذين انهاروا من وقع سياطي على ظهورهم. وفي الحقيقة فإن هذا هو أسلوبهم الذي تعلموه ودأبوا عليه في اختلاق الكذب ونسبته إلى ونسبة مزاعم إلى ليجدوا شيئاً يحاسبوني عليه. وأما أنهم يخافون سطوة قلمي، وأما أني سحقت منهم جمعاً، وطرحت منهم أرضاً جمعاً، فهذا حق لا مراء فيه، فمقالاتي جندلتهم يميناً وشمالاً، فهي مقالات نضال وذود عن حق الدين لا مقالات بلطجة كما قال. وإنما هم البلاطجة المعتدون على حرمات الدين.