كان استقلال الكونغو في 30/6/1960م. في 9 يوليو 1960م هبطت قوات المظليين البلجيك. تمرّد العميل البلجيكي (مويس شومبي) وأعلنت دولة انفصالية في كاتنقا. تدخل العميل الأمريكي العقيد (موبوتو) وأزاح لوممبا عن السلطة. نفذت فرقة اغتيال من استخبارات وزارة الدفاع الأمريكية اغتيال باتريس لوممبا. دعا المندوب الأمريكي في الأممالمتحدة لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، في أعقاب التقارير الواردة عن (هروب) لوممبا من المعتقل. رتَّب المندوب الأمريكي ستيفنسون مع الأمين العام للأمم المتحدة همرشولد، أن تعقد جلسة مجلس الأمن يوم 9 فبراير 1961م، وأن تطرح نيجيريا وجهة النظر الأمريكيّة. رتب ستيفنسون مع همرشولد، وضع الكنغو تحت إشراف الأممالمتحدة، وتجريد الجيش الكونغولي من السلاح تحت غطاء المظلة الدولية. في 10 فبراير أعلن (شومبي) في كاتنقا (هروب) لوممبا من المعتقل. في 13 فبراير أعلنت سلطات (كاتنقا) وبلجيكا، أنَّ لوممبا قد قتِل، بينما كان يحاول الهروب من معتقله. عقد مجلس الأمن اجتماعاً كانت الفرصة الأولى فيه للمندوب الأمريكي أدلاي ستيفنسون الذي قال: ( إنّ الرئيس كيندي قد أصيب بصدمة عميقة لمقتل لوممبا)! . إستخدم ستيفنسون عبارة Deeply Shocked لوصف مشاعر الرئيس كيندي! ومثلما دعا لاحقاً كوفي عنان إلى مصالحة في العراق، بعد غزو العراق واحتلال أراضيه، واعتقال الرئيس صدام حسين، دعا المندوب الأمريكي ستيفنسون، خلال أزمة الكونغو، إلى مصالحة وطنية وتسوية سياسية في الكونغو، بين الأطراف المتنازعة، ومنع أي جهة خارجية من التدخل في الشأن الكونغولي. تلك كانت إشارة إلى مصر بزعامة عبد النّاصر. وبترتيب أمريكي سوڤييتي انعقد البرلمان الكونغولي واختار كازافوبو رئيساً. برعاية أمريكية، تمَّ تشكيل ثالوث العملاء (كازافوبو شومبي موبوتو)، ليصبح طاقم الحكم الجديد في الكونغو. بعد اغتيال الزّعيم لوممبا، وخلال (5) أعوام فقط أعقبت اغتيال لوممبا، سقطت بترتيبات أمريكية معظم الأنظمة الوطنية الأفريقية. إغتيال لوممبا بواسطة استخبارات وزارة الدفاع الأمريكية، كانت بداية النهاية لانهيار منظومة الأنظمة الوطنية الأفريقية. حيث أعقب اغتيال الزّعيم الكونغولي، اعتقال نيلسون مانديلا بتهمة (الارهاب) بترتيب من ال CIA حيث مكث في السجن لمدة (27) عاماً. أعقب مقتل لوممبا انقلاب نيجيريا بقيادة (أقوي إيرونسي) الذي أطاح بالزعيم (أحمدو بيللو) ورئيس الوزراء (عبد الرحمن تفاوه بليوه). وأطاح انقلاب العقيد (أنكرا) في غانا عام 1966 بالزّعيم ( كوامي نكروما). لعبت CIA الدّور المركزي في ذلك الانقلاب. كشف ذلك كتاب (لعبة الأمم) الذي كتبه ضابط الإستخبارات الأمريكي السابق (مايلز كوبلاند). وتمت الإطاحة ب (موديبوكيتا) في جمهورية مالي. وتمّ غزو (غينيا سيكوتوري). وفشل الغزو، ولم يسقط الرئيس (أحمد سيكوتوري). تمّت الإطاحة عام 1966م في الجزائر، بالزعيم القائد الرئيس (أحمد بن بيللا) ووضع في السجن (17) عاماً. مثلما في آسيا أطاح الجنرال (سوهارتو) بالزّعيم الرئيس ( سوكارنو) في أندونيسيا. وفي منطقة الكاريبي فشل الرئيس (جون كيندي) في غزو كوبا وإسقاط فيدل كاسترو، في خليج الخنازير، كما فشل في أفريقيا غزو غينيا وإسقاط سيكوتوري. الحرب الأمريكية ضدّ (الإرهاب) في السَّتينات سجّلت نجاحات كبيرة. إذ تمّ إسقاط معظم حكومات دول الأنظمة الوطنّية، التي كانت مدرجة على القائمة (السوداء) الأمريكية. نتج عن الحرب الأمريكية الأخيرة ضدّ (الارهاب)، إسقاط عدد من أنظمة القائمة (السّوداء) الأمريكية، في أفغانستان والعراق وإزاحة الرئيس عرفات بالإغتيال. كما تجري عملية إسقاط النظام السوري. ولم تزل القائمة (السوداء) الأمريكية الجديدة تحفل بعدد من (المغضوب عليهم) و(الضّالين) أمريكياً. هل تنجز أمريكا في حرب الإرهاب في هذا العقد خلال (5) أعوام أو أقل، ما أنجزته في (5) سنوات في عقد الستينات في حرب (الإرهاب) ضد الأنظمة الوطنية. في إطار الحرب الجديدة ضد الإرهاب (الإسلامي) التي جاءت استنساخاً للحرب ضد (الإرهاب اليساري) في الستينات، جاء الإنقلاب العسكري في مصر ليكون بداية لمسلسل انقلابات مضادة، للإطاحة بأنظمة ثورات الربيع العربي، والتي في جوهرها ثورات ربيع جماهيري إسلامي. أيضاً من تجربة التدخل الأمريكي في الكونغو، بدءًا من 30 يونيو 1960م وحتى اليوم، يتبقَّى للسودان دراسة التجربة، لتفادي مصير الكونغو، مصير التقسيم إلى دولتين واستمرار الحرب الأهلية والتواجد الدائم لقوات الأممالمتحدة، وتوفر مخططات أخرى جاهزة للتنفيذ لإقامة دويلات إنفصالية جديدة، مخطّطات موضوعة في (أدراج) السّياسيين والإستراتيجيّين الغربيّين. هل يتمّ استنساخ تجربة الكنغو في السودان؟. يتبقَّى للسودان دراسة تجربة الكونغو ومصير الكونغو، حتّى لا يتمّ استدراجه من حيث لا يعلم إلى أن يصبح تدريجّّياً أو فجأة (كوخ العمّ توم)!.