د. كامل إدريس يختتم زيارته إلى مصر عقب التوصل الى جملة من الاتفاقات المهمة    بعدما قال كامل إدريس إنه سيعين وزيراً آخر مكانه.. المنصوري: لا أملك جواز سفر إماراتي    رئيس المخابرات حمل رسالة ساخنة.. أديس أبابا تهدد بورتسودان    كارثة تحت الرماد    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    رئيس لجنة التسجيلات بكوستي : قررنا الإبقاء على الهواة المقيدين في أغسطس 2022م    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    عثمان ميرغني يكتب: الرهان الأخير في حرب السودان    وسط غياب السودانيين عنه.. فشل اجتماع الرباعية في واشنطن ل "فرض حل خارجي" للأزمة السودانية    والي حاضرة الشرق يتحرك في إدارة ولايته بين ثلاث خشبات    نهضة تونس و عصار يسيران لوضع خارطة جديدة للكرة بالقضارف    رسمياً.. ريجيكامب مديراً فنياً للهلال    الرحلات الجوية تعود إلى مطار الخرطوم خلال شهرين    د. أمين حسن عمر يكتب: ديمقراطية أهل السودان    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    الكشف عن المرشحين للفوز بجائزة الكرة الذهبية 2025    حميدان التركي يعود إلى أرض الوطن بعد سنوات من الاحتجاز في الولايات المتحدة    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    شاهد بالفيديو.. بالموسيقى والأهازيج جماهير الهلال السوداني تخرج في استقبال مدرب الفريق الجديد بمطار بورتسودان    بالصور.. تعرف على معلومات هامة عن مدرب الهلال السوداني الجديد.. مسيرة متقلبة وامرأة مثيرة للجدل وفيروس أنهى مسيرته كلاعب.. خسر نهائي أبطال آسيا مع الهلال السعودي والترجي التونسي آخر محطاته التدريبية    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية تطلق "الزغاريد" وتبكي فرحاً بعد عودتها من مصر إلى منزلها ببحري    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    شاهد.. الفنانة إيلاف عبد العزيز تفاجئ الجميع بعودتها من الإعتزال وتطلق أغنيتها الترند "أمانة أمانة"    شاهد بالفيديو.. بعد عودتهم لمباشرة الدراسة.. طلاب جامعة الخرطوم يتفاجأون بوجود "قرود" الجامعة ما زالت على قيد الحياة ومتابعون: (ما شاء الله مصنددين)    يؤدي إلى أزمة نفسية.. إليك ما يجب معرفته عن "ذهان الذكاء الاصطناعي"    الشهر الماضي ثالث أكثر شهور يوليو حرارة على الأرض    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    12 يومًا تحسم أزمة ريال مدريد    الطوف المشترك لمحلية أمدرمان يقوم بحملة إزالة واسعة للمخالفات    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    نجوم الدوري الإنجليزي في "سباق عاطفي" للفوز بقلب نجمة هوليوود    يامال يثير الجدل مجدداً مع مغنية أرجنتينية    تقارير تكشف خسائر مشغلّي خدمات الاتصالات في السودان    توجيه الاتهام إلى 16 من قادة المليشيا المتمردة في قضية مقتل والي غرب دارفور السابق خميس ابكر    السودان..وزير يرحب بمبادرة لحزب شهير    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    مسؤول سوداني يردّ على"شائعة" بشأن اتّفاقية سعودية    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيطان الجيب السوداني..بدر الدين عبد المعروف الماحي
نشر في الانتباهة يوم 12 - 08 - 2013


شقيقي الأصغر«أبو عهد» رد الله غربته، شديد وحريص ومرتب، ويحسب لكل حاجة الف حساب، وعنده الطرفة بطيبة قلبه الابيض، وكان عندما يحل بيننا ضيفاً في الإجازة ينتظره كثير من العشمانين فى ضواقة قريشات الاغتراب، ويلاحقه الوالد عليه رحمه الله بمزاح «الحكاية شنو يا ولدى ما تدى الراجنك ديل شي»، فيضحك ملء فمه ويقول: «لمن أفك يا حاج» «يقصد تبديل العملة للسودانى» ويرد عليه الوالد: «لمن تفك ولا خايف من عقرب الجيب تقرصك»!! واظن ان الجيب السودانى مصائبه كثيرة عقرب جيب أبو عهد وشيطان وعفريت الجيب البنشوفو الايام دى!!! فرغم ضيق الحال والشكية وضنك العيش وقلة الرواتب وارتفاع الدولار، إلا إنك تحتار وتستغرب عندما تدخل الأسواق والمولات وأماكن التسوق.. أعداد من الناس الأعمى شايل المكسر وكل أب جاري وليداتو خمسه وستة، وتندهش وأنت تتابع الكاشير عند التحصيل أقل واحدحسابو مليون جنيه، فالملاحظ أن الناس عايشة حالة من عدم التوازن فى الوارد والمنصرف وكلو داير يلبس ويعيش ويتسوق من وين الله أعلم؟؟ نعم ربنا كريم والرازق لطيف بعباده والمدبر، لكن هل نحن واقعيون فى مسألة الصرف والتوازن مع واقع الدخل الشهري. ونجد أن بعض الموظفين أو أكثرهم لا يزيد راتبهم عن الألف جنيه في الشهر، وساعات دوامهم من الصباح للمساء، يعني ما عندهم فرقة لأية مجازفات اخرى، وتجد الواحد منهم يسكن بالايجار ويأكل ويشرب ويواصل ويجامل ويتبوبر ويحلى بالباسطة، وبرضو يدافس فى المولات منين ما أعرفش؟ فإن قدرنا أن محمد أحمد موظف بالدرجة الرابعة فى إحدى المصالح الحكومية وراتبه ألف وخمسمائة جنيه، وبي بيتو أو ساكن مع نسابتو ملح بشترى «8» كيلو لحمة ضأن أو عجالى فى الشهر بواقع «2» كيلو فى الاسبوع بالاجمالى «450» جنيهاً ولبن بى «270» جنيهاً بواقع ثلاثة ارطال فى اليوم، وخضار وعيش وفول وشوية موز «ارخص فاكهة» باجمالى «350» جنيهاً، وحاجات البقالة من صابون وكبريت وملح وبهارات واندمى وبسكويت وخلافه فى حدود «330» جنيهاً، كده الراتب انتهى والجيب فضى، ده غير المرض والمواصلات والبكيات والاسكراتشات للحاجة والبنيات ويابا دايرين شوكلاتات ولبس زى بنات العمات!! فيكون السؤال المحير كيف يكون حال جيب العامل العادى والموظف الفى اسفل الدرجات ونفس الحال فى راتب البشوات والكمندانات، ويكون الامر كما ذكرت به غرابة واستفهام من أين يتغذى الجيب السودانى والحياة اصبحت صعبة والصرف كتير والراتب ما بقضي والكل داير يعيش بأي طريقة، والمرأة تنقنق إن ما دخلت يدك فى الجيب، وطوالى هى فى حالة جيب وجيب!!! والمصيبة الاكبر ان كثيراً من الاسر لا تعيش الواقع وتحلم بالرفاهية والمظاهر، ولا يهم ما تؤول له الامور من مطالبات ومناكفات وملاحقات من صاحب الدكان وسيد الجزارة، ويعيش الآباء وأولياء الامور المذلة وحرق الاعصاب، ويبدأ الواحد منهم الدسديس والزوغان، وكلمه قول ليه بابا مسافر اجابة الرد على الطارق لبابه بعد المغيب، وانا فى رأيي أننا لا نقدر الامور كما ينبغي، فقد شاهدت وعايشت كثيراً من الأسر بالدول العربية والاجنبية تعيش واقعاً حتى فى الامارات المعروفة بدخل افرادها الجيد، وكنت أرافق صديقنا ابو عبد الله وهو من مواطني رأس الخيمة تلك الامارة البسيطة فى العيشة والصرف، وكان لا يسمح لأبنائه بالنزول من السيارة عندما نكون فى زيارة لدبى التى تبعد من امارتهم «100» كيلومتر فقط، لكنها بعيدة عنهم بكل مقاييس الواقع المعيشي، ويمازحني يا أبو ساجد العيال ان نزلوا هنا بخربوا بيتى!! ويكتفى فقط بايسكريم او عصاير من محلات فى الطريق، ولذلك أجده دائماً مبسوطاً للواقع الذى أراده الله له بهذه المعيشة، ولا ينظر الى من هم اعلى ولا يجارى رغبات ابنائه في ما هو مناقض للواقع خوفاً عليهم من غدر السنين والأيام، ومن المفروض أن تكون هذه رسالتنا التربوية للأبناء والبنات ونحاول أن نزرع فيهم اليقين والتيقن بالواقع ولا نجاريهم فيما يرهقنا ويجعلنا نعيش دون كرامة او قيم مطالبين ومديونين دائماً، ونظره الناس لنا بوصفنا آباء كلها سوء وحذر من التعامل، ولننظر بدقة لما يحمله أولادنا وبناتنا من موبايلات وموديلات شيء غريب وعجيب.. الواحد او الواحدة لم تبلغ سنها العشرين وهى مازالت فى الدراسة وابوها بنفس الدخل الذى ذكرته، لكنها تحمل فى يدها الجلكس والاى فون والبلاك بيرى بملايين، ومعظمنا طاوعهم ولبى ما يشتهون ويرغبون من مقتنيات لوسائل العولمة الخداعة، ولكن من أين لنا ذلك؟ وأظن أن أغلبهم اقترضه او استلف قيمته من صديق أو زميل بلا منطق أو عقل، وبنفس القدر تجد المدام تجبر الزوج على أن يلبس العيال من مول الواحة والماركات.. وتفرح وتتبوبر وهى تحكي لصديقتها امبارح أبو احمد ودانا محلات أبو الملوك،،، وتوب تن وما خلانا شيء والله دافع قريب خمسة مليون لكسوة الأولاد!! وما نراه هذه الايام فى الاسواق من تدافع وتزاحم يجعلنا ندق ناقوس الخطر للآباء قبل الأمهات والأبناء، فأنت تسعى لإسعادهم، لا نمانع، وتحاول أن تزرع الفرحة فى قلوبهم، لكن عش الواقع وتجنب الصرف الذي يرهقك ويجعلك مشبحاً، لا تحرمهم لكن ادر معهم حواراً بمنطق وفهم واقناع ليكون المقصد بألا يكلف الله نفساً إلا وسعها.. وجاري الواقع بما هو انسب وأرخص، وحاول أن تتجنب الأماكن التى لا تناسب جيبك بالموجود فيه، وترفع عن المظاهر الخداعة، واعلم أن الحياة الكريمة يعيشها الإنسان بالبساطة، ولا تنسى أنها دعوة نبينا الكريم «ص» «اللهم اعشني فقيراً وامتني فقيراً واحشرنى مع زمرة الفقراء والمساكين» انها دعوة الحق والواقع والدين، وان كان لى من نصيحة ومناصحة لشريكة الحياة «أم أحمد» فهي: عليك ان تعلمى أن ما يصيب ابوهم يصيبك ان كان بالزهج او ضيق الحال او مضايقة وقهر الرجال فى الدين، لتسعدوا وتهنوا بما اتاكم الله من نعم وخير كثير، وعليك ان تحاولى زرع رفق الأبناء بأبيهم، وبذلك تكونين قد قمت في الواقع بتربية سليمة، وان لى من شيء أذكره للتاريخ فى الماضى الجميل، إن العيد كان دائماً يصادف قرب بداية العام الدراسى، وفخراً لا أنساه إطلاقاً أن جارنا البسيط عليه الرحمة فصل لأولاده هدوم المدرسة وقال ليهم تعيدوا بيها وتنزلوا بيها المدرسة بعد العيد، والطرفة أننا كنا إن دخلنا على أحد الاسر المرطبة آنذاك توارى «أبو خالد» خجلا ًمن الزى الموحد المعروف في ذلك الوقت، فنقوم بتبديل القمصان مع بعضنا البعض باريحية وسعادة غامرة حتى لا يلاحظ من نزورهم او يعلق على ان الدنيا عيد ولا مدرسة!! فنفس التربية التى عشناها مع الآباء بصلاحهم وبساطتهم وتربيتهم، اتمنى أن نحاول نعيشها بواقع، لأننا وجدنا أن ما كانوا يقنعون به هو الأعظم قيمة ومعنى، وكان الناتج فينا المهندس والطبيب والجنرال والشهيد،،، تفرد ووعى وبركة وقناعة وقيم نفاخر بها وبهم !! حملناها منهم شعلة نضيء بنورها الطريق إلى المستقبل الزاهى والى الله بمقاصد الايمان والدين، ولا انسى ما كان يفاخر به والدي عندما فارقنا شندي الحبيبة للاستقرار بالعاصمة بعد ان قضى فيها «30» عاماً: «يا حاجة انا طالع من شندى بجلابيتى دي، وأحمد الله ما في زول داير منى قرش احمر ولا داين ولا مديون»!! تلك هي مبادئ الأولين ومسالك الصالحين لنحذو حذوهم بلا تضجر أو قلق، لنبعد عن الدين وطاقية ده في رأس ده عشان المظاهر، ولنحاول ان نغرس فيهم الواقع الذي نطعمهم منه بلا خوف، ونجادلهم ان استعصوا بالتي هي أحسن، ولا نجاري اهواءهم وملذاتهم، فنمنعهم بلا حرمان، وحتى لا يظن الناظرون والمتربصون أن في الجيب «عفريت وشيطان»، وحتى لا يكون شيطان الجيب قد أثر في الفكر والقلب، لنمد يدنا لمال الغير، ونلوث فكرنا بمداخل الشيطان للكسب الحرام.. انظر الى من هم من فى السجون الآن وما اقترفوا من جرائم، كم فيهم من محبوسي الدين وأكل مال الغير، كيف كانت عيشتهم؟ او لم نرهم يتفاخرون ويصرفون ويتفشخرون كأنهم لا يخشون الفقر؟ انظر وراجع أكثرهم وأنت تعرفهم كيف كانت سيرتهم وحياتهم البذخية بمكائد الشيطان، لكن عدم التوازن فى الدخل والمنصرف حرمهم من حرية الحياة، تعمن معى كيف تفتقد الأسر والأبناء العائل؟ أهذا هو الحرمان الذى تريدونه لآبائكم وازواجكم؟ إن أردتم ذلك اكثروا عليهم من الطلبات والملاحقات وارهقوهم بالصرف وإرهاق الجيب، وحتما لن تلاقيهم عقرب أبو عهد، لكن سيلاقيهم شيطان وعفريت الجيب الأكبر ليدر عليهم أموالاً طائلة تلبي احتياجاتكم وطلباتكم، ولكن مداخل الشيطان كثيرة لتوفير المطلوب، وسيكون مقابله ثمناً أغلى ممن تحبون.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.